أخبارمجتمع

من يسوق ل. دور العجزة في المجتمع المغربي المعروف بتماسكه العائلي ..؟ (2)

MY

بالنظر للهياكل المعنية بالتضامن الاجتماعي وتصريف الهشاشة والإقصاء وضمان الرعاية الاجتماعية في الوطن، سيكون السر كارثي لهؤلاء الذين يشتغلون ضد الصحة المجتمعية المتوفرة في نسيجنا الاجتماعي المغربي الأصيل، الذي لايحتاج إلا إلى الدعم من قبل المؤسسات العمومية المعنية، ويمكن أن نشعر بالفخر للأسرة التقليدية في مجتمعنا في الوسط القروي وحتى الحضري التي لازالت تشكل صمام الأمن للمجتمع، وتوفر كل الخدمات لأفرادها بالرغم من محدودية مواردها وتزايد حاجياتها، ولايصح أن ندفع بهذه الأسرة إلى التخلي عن وظائفها التي تصون المجتمع من الكثير من الظواهر الاجتماعية المرضية، كالتسول والإجرام، ويكفي أن هذه الأسرة توفر المأوى والتغذية والرعاية الصحية لأفرادها الذين لا يتوفرون على أي تأمين عن المرض والبطالة بالرغم من امتلاك المجتمع للوزارات الوصية على هذا العمل الاجتماعي، وينتصب المتقاعد المغربي الذي لا يتوفر على المعاش الذي يكفيه شخصيا للقيام بمهام المعيل والكفيل لأفراد أسرته.

إن المؤسسات الاجتماعية القائمة لا تمارس وظائفها اتجاه نزلائها من كل الفئات العمرية التي تحال عليها، فبالأحرى أن نضيف إليها دار العجزة .. ولا نعتقد أن مسؤولي وزارة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية قد نجحت في أداء مهامها حتى يتم استنبات هذه المؤسسة الاجتماعية التي تحتاج إلى التمويل الذي يؤهلها لممارسة مهامها لصالح كبار السن في الوقت الذي تعاني منه باقي المؤسسات الاجتماعية الإصلاحية والتربوية من قلة الموارد لتفعيل أنشطتها الموجهة للأيتام والمحكوم عليهم من صغار السن، وهذا ما يطرح أكثر من سؤال على القائمين على هذا الحقل الاجتماعي، المحسوبين على حزب العدالة والتنمية الأكثر التزاما بقيم وشعائر ومبادئ الأسرة المسلمة من غيره من الأحزاب التي تنافسه في المشهد الحزبي الوطني.

خطوة جريئة في مجتمعنا أن يتوفر على مراكز إيواء العجزة يساهم في تمويلها المحسنون، لكن لا يجب أن تكون بديلا عن الأسر التي ينتمون إليها، حيث يجب أن لا تكون وظائف هذه المراكز كما هي في المجتمعات الغربية .. فعلى هذه المراكز الاجتماعية أن تكون قنوات للتواصل بين النزلاء وأسرهم عبر الوسائل القانونية المسموح بها، وأن تتفرغ إلى البحث عن المشاكل التي كانت سببا في التخلي عن هؤلاء العجزة، وهذا يقتضي أن يكون من بين العاملين فيها المرشدون الاجتماعيون والنفسانيون والقانونيون حتى لا تكون وظائف هذه المراكز مختصرة في الإيواء والتكفل الاجتماعي بالنزلاء، كما يجب على المشرفين على هذه المراكز خلق جسور تواصلها مع محيطها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

إن الأسرة الغربية الحديثة هي نتاج التحولات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي عرفها الغرب التي ازدهرت فيها القيم والمبادئ التي تقدس الحرية الفردية في كل مجالات الحياة اليومية، ويظهر أن مقومات الحياة الغربية اليومية لا تستهدف تعميق التضامن بين مكونات المجتمع كشرائح وكفئات عمرية، في ظل تحرر واستهلاك وإباحية العلاقات الاجتماعية التي يوجهها الاقتصاد الرأسمالي، الذي تتحكم فيه قيم وقوانين السوق الذي أصبحت فيه المؤسسات الاجتماعية تشتغل على توجهاته الاستهلاكية المتحررة التي ساهمت في الرهان على الفردانية وحريتها المطلقة في كل جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

إن مشروع تعويض درا العجزة للأسرة المغربية التقليدية من شأنه إبراز الخصاص الذي أصبحت عليه وظائف المؤسسات الاجتماعية الأساسية التي يجب الرفع من قيمة ما تحصل عليه مقابل الخدمات التي تقوم بها الآن .. وفي هذا الإطار، نتساءل عن دور حزب العدالة والتنمية في الخدمات الاجتماعية التي يجب أن يقوم بها بناء على توجهه العقائدي الذي ينافس به الآخرين، والذي يمكن أن يتقدم فيه بالمقارنة مع برامج الأحزاب الليبرالية والديمقراطية .. فهل سيتدارك فشله في رفع التحدي في المجال الاجتماعي لتعويض مجالات نقصه في الجوانب التي تتقدم عليه فيها الأحزاب المتنافسة ..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق