أخبارملفات و قضايا

لماذا غابت الصحافة والإعلام في البرامج الانتخابية خلال معركة 07 اكتوبر الجاري ..؟

%d8%b4%d8%b9%d8%a7%d8%b1%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%ad%d8%b2%d8%a7%d8%a8

تقريبا جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية حظيت باهتمام جل الأحزاب في برامجها الانتخابية، إلا قطاع الإعلام والصحافة، الذي يتخوف منه الجميع، خاصة في ظل التحولات التي عرفها، والتي أصبحت تقض مضاجع كل اللوبيا و “المافيات” التي تعيش على دماء فقراء هذا الوطن، وتلك التي كونت لنفسها ثروات بالأرقام الفلكية في المجتمع .. المتخوفة أصلا من دور الإعلام والصحافة، فبالأحرى أن تكون للأحزاب التي تهيمن عليها بنفوذها الطبقي اهتمامات بالمجال الصحفي والإعلامي، وفي هذه الانتخابات التي نزل إليها هؤلاء للتنافس على المقاعد البرلمانية لتأمين مصالحهم في جميع القطاعات الإنتاجية والخدماتية والمالية والتجارية.

كيف للأحزاب أن تفكر فيما يجب أن يكون عليه حقل الإعلام والصحافة، وهي التي تشتكي من مواقفه النقدية اتجاه أدائها، سواء بالنسبة للأحزاب في الأغلبية أو المعارضة .. خصوصا، الإعلام والصحافة المستقلة التي فرضت عليهم شرعية احترام الدستور، وما تراكم من مكاسب في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان ..؟ وإن هذه الأحزاب، وخصوصا، المرتبطة بأنشطة حيثان وديناصورات المجتمع التي لا يروقها أن يتقدم إعلامنا وصحافتنا، أو أن تستحسن أو تعدل المنظومة القانونية لهذا الإعلام، وهذه الصحافة التي تشكل السلطة الرابعة التي يجب دسترتها أو فتح المجال أمام مشاركتها في المؤسسات الممثلة للمواطنين غلى جميع المستويات.

إن عدم الاهتمام بهذا القطاع يفسر ما عانى منه جل قادة هذه الأحزاب في الولاية التشريعية المنتهية ، حيث كشف الإعلام والصحافة أهم الفضائح المالية والأخلاقية والسياسية التي ارتكبتها في سوء التدبير، سواء بالنسبة للأغلبية أو المعارضة، ناهيك عن تفعيل اليقظة والمتابعة لأدق حركات ومواقف هذه الأحزاب على الصعيد الوطني أو الجهوي أو الإقليمي أو المحلي، إضافة إلى تمديد مساحة الانتقاد والمساءلة على السلوكات الفردية منها والجماعية لهذه الأحزاب، وإيصال مطالب واقتراحات المجتمع عبر مساهمة المجتمع المدني و الجمعوي والنقابي، والحرص على المهام الرقابية والإخبارية والتنويرية بالرغم من الإكراهات التي يواجهها الإعلاميون والصحافيون المستقلون بخطهم التحريري والمهني، وقد اتضح طيلة الولاية التشريعية والحكومية مدى تقدم تدمر وغضب الأغلبية الحكومية من تقدم وتطور ، واتساع الدور المجتمعي النقدي والاقتراحي للإعلام والصحافة الخارجة عن سلطة الإدارة والأحزاب ورجال الأعمال، كما اتضح من غضب وسوء تعامل الحكومة السابقة التي اعتبرت المقاربات الإعلامية والصحافية شاذة ومنحازة للمعارضة وباقي الخصوم لتجربة الحزب الذي كان يقود التحالف في شخص حزب العدالة والتنمية.

إن المنتمين إلى الأحزاب من القيادات الرفيعة ومن يدور في فلكهم من المحافظين في جميع القطاعات الذين تأثروا بالحملات الصحفية والإعلامية التي كشفت عن هول الخروقات أو الانتهاكات والسرقات التي وقعت في أكثر من قطاع إنتاجي وخدماتي وإداري لكل ذلك، خلت معظم البرامج الحزبية الانتخابية من الإحساس بالمسؤولية الوطنية اتجاه أمة الصحافيين والإعلاميين، الذين لا يزالون يمارسون مهامهم الإخبارية والتنويرية في الشروط التي لا تساعد على تطور مساهمتهم المهنية  .. وبالتالي، القدرة على تكريس سلطة الرأي العام، كما هي في الدول التي راهنت على الإعلام والصحافة في تطورها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي والتي تحظى فيها الصحافة والإعلام بالتقدير من كافة المؤسسات والأفراد والهيئات إلى الدرجة التي أصبحت تسمى بها سلطة الصحافة والإعلام بصاحبة الجلالة لما تقوم به لصالح المجتمع ومؤسساته وفئاته الاجتماعية.

نحن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لا نلوم الأحزاب على عدم الاهتمام بقطاع الإعلام والصحافة مادام المسؤولون في الولاية التشريعية لم يتأخروا في التقنين الذي يحد من الحريات ولم يساعدوا على تقوية مشاركة الإعلاميين والصحافيين في مناقشة ومعالجة أوضاعهم المهنية والقانونية والسياسية، وقرروا تمرير مشاريع القوانين التي لم تأت بجديد لصالح عموم الصحافيين والإعلاميين، وكل المهنيين، فبالأحرى أن تقوم بقية الأحزاب بما يجب أن يكون عليه واقع الإعلام والصحافة كرافعة للدفاع عن الحريات والحقوق، ودعم السياسات التنموية التي تخدم مصالح كافة المواطنين .. ولهؤلاء جميعا نقول: “أن أهل مكة أدرى بشعابها”، فما لم يتحقق اليوم من الأهداف التحررية والتنموية التي تخدم مصالح المهنيين، فسوف يستمر النضال من أجلها حتى يحظى الإعلام والصحافة بما يتطلع إليه الإعلاميون والصحافيون غدا ..!

لذلك، فإننا لم نكن نتوقع أو نراهن على اهتمام الأحزاب في برامجها الانتخابية بواقعنا الصحفي والإعلامي الذي لم تمر أي مناسبة وطنية ليتحدث فيها جلالة الملك عن ما يجب أن يتوفر لهذا القطاع المعول عليه في الرفع من وعي المواطنين وتنويرهم وممارسة دوره الإخباري والرقابي على أحسن منهجية وتقنية وبروح المواطنة المسؤولة والمتحررة من كافة الضغوط والإكراهات.

ختاما، نعيد تذكير قادة الأحزاب التي لم تشر في برامجها الانتخابية إلى ما يجب أن يكون عليه قطاع الإعلام والصحافة، أننا لا نراهن عليكم في دعمنا من أجل أن نقوم بواجبنا المهني بما نملكه ونتوفر عليه في الظرف الراهن، ومعركتنا من أجل الاعتراف بدورنا مستمرة .. كما أن إيماننا قوي بالمستقبل الذي ستعمل على التمهيد له بالقدرات الموضوعية التي نتوفر عليها اليوم وما ضاع حق من ورائه طالب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق