أخبارملفات و قضايا

نجاح قمة مراكش للمناخ مرتبط بالالتزام الفعلي للدول الصناعية الغنية أولا

cpm

لا أحد يجادل في أهمية شعور المجتمع الإنساني بواجباته اتجاه حاضر ومستقبل وجودنا الطبيعي الذي أصبح مهددا بآثار الاحتباس الحراري، التي قد تصل إلى إعدام الحياة البشرية والحيوانية والنباتية في كوكب الأرض، إذا لم يكن هناك توازن بيئي في توزيع الحرارة والتساقطات وحركة الرياح، التي تتجه نحو ما يهدد بكوارث غير طبيعية لا يمتلك المجتمع الإنساني الآن وسائلها، ولا الوعي بضرورة التفكير فيها لإنقاذ الحياة في الأرض، بعد أن تزايدت مخاطر الاحتباس الحراري المساهمة في ارتفاع الإشعاع ومفعول الانبعاثات الغازية والكيماوية في الغلاف الجوي.

نعم، للانخراط العالمي في إيجاد الحلول لظاهرة الاحتباس الحراري وعواقبها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، لكن المسؤولين المباشرين عليها هم الدول الصناعية التي ظلت احتكاراتها المتعددة الجنسية في الصناعات الثقيلة والبتروكيماوية والغازية والمعدنية والطاقية تلهث وراء مراكمة الأرباح، سواء في دولها أو في مستعمراتها، أو في المناطق المرتبطة معها باتفاقيات صناعية وتجارية .. فما أصبح عليه المناخ والبيئة الطبيعية من تلوث وتراجع للغطاء النباتي وللتنوع الحيواني، وما يتعرض له اليوم بمفعول الانبعاثات الغازية والطاقية، يعود مباشرة إلى هذه الدول الصناعية الكبرى التي كان جلها يسرق وينهب خيرات المناطق التي استعمرتها، وهي التي يجب أن تدفع تعويضات هذه الأضرار والتداعيات البيئية، ويجب أن تكون سباقة إلى تخفيض حصتها من هذه الغازات المهددة للحياة فوق الأرض .. وكل التوصيات والاتفاقيات التي تم الإجماع عليها في كوطو أو باريس أو التي سيتم عليها الاتفاق في قمة مراكش يجب أن تتحمل مسؤوليتها هذه الدول الغربية الصناعية الغنية، وعلى ضوء مساهمتها سيكون بالإمكان إعادة التوازن إلى المناخ والبيئة والحد من عواقب الاحتباس الحراري، وإن كانت الدول النامية اليوم قد أصبحت ملاذا للصناعات المنتجة للتلوث وللغازات المنبعثة المضرة بالغلاف الغازي، فإنها يمكن أن تتحمل واجبها من خلال تغيير سياسة الدول الصناعية الغربية في وظائف احتكاراتها الصناعية والطاقية والمعدنية العاملة في هذه الدول النامية.

إن تجاوز هذه المعضلة المؤثرة على الوجود الطبيعي والبشري بالنسبة للإنسانية يمكن التغلب عليها في هذا المنظور الذي تتحمل فيه الدول الصناعية الكبرى مسؤوليتها، وبدون ذلك ستكون توصيات وقرارات قمة المناخ في مراكش مجرد حبر على ورق .. ونظن أن مسؤوليتها الأخلاقية في حماية التوازن البيئي أكبر من الدول النامية التي تتخلف عن القيام بمسؤوليتها في مجالات تخفيض الغازات الدفيئة المؤدية إلى الاحتباس الحراري وحماية البيئة، وتعبئة شعوبها إلى الانخراط في هذا التحدي البيئي العالمي .. ونعتقد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن حصة الدول الصناعية في تدمير البيئة والتخلص من التلوث الصناعي والغازي هي الأكبر بالنظر إلى حجم أنشطتها الصناعية في دولها، سواء بالنسبة للاستهلاك الطاقي وإنتاج النفايات الغازية والكيماوية الملوثة للبيئة، وفي طليعة ذلك دول أمريكا الشمالية وأوربا الغربية وجنوب شرق آسيا والدول الصاعدة في إفريقيا وأمريكا الجنوبية وجنوب شرق آسيا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق