أخبارللمستقلة رأي

حول العلاقة الملتبسة بين المسؤول العمومي والإعلام في المغرب

1

مع تناسل الحديث حول الزلزال السياسي الذي أحدثه الخطاب الملكي السامي في افتتاح السنة التشريعية الثانية، ازداد الحماس على النقاش المجتمعي حول ما يمكن أن تكون عليه المسؤولية العمومية مستقبلا، من خلال تفعيل وتكريس ربط المسؤولية بالمحاسبة، كضرورة وعي المرشح لها بالتعيين أو الانتخاب، أنه سيكون مجبرا على الافتحاص والمراقبة .. وبالتالي، انعدام حصانته من كل أدوات ممارسة هذا المبدأ الدستوري، المتعلق بربط المسؤولية بالمحاسبة .. ولعمرنا، إن كل من يراهن على الاستفادة من المسؤولية العمومية سيفكر جيدا قبل أن يقرر الإقدام عليها .. خصوصا، من قبل وسائل الإعلام والصحافة المجسدة لسلطة الرأي العام، مهما كان نوعها وثقلها المهني في المجتمع.

بطبيعة الحال، حينما نتحدث عن انعدام الحصانة بالنسبة للمسؤول العمومي .. موظفا كان أو منتخبا أمام الرأي العام، ممثلا في وسائل الإعلام والصحافة بمختلف أدواته، فهذا لا يعني بالضرورة عدم احترام الإعلام والصحافة لمسؤوليتهما اتجاه هذا المسؤول العمومي، الذي يظل بريئا حتى تثبت إدانته، ويقدم للمحاكمة القضائية، أو يتم فصله من وظيفته بعد اكتشاف سوء ممارستها .. إذ، ليس كل متابعة إعلامية نزيهة وتحترم شروطها المهنية، وما أكثر المتابعات التي تتجاوز مساحة الموضوعية التي يجب أن تتحلى بها في سلوك الممارسين للمسؤولية العمومية، والتي يوجهها في غالب الأحيان تصفية الحسابات والابتزاز وخدمة الأطراف المعارضة للمسؤول العمومي، دون أن يكون هؤلاء المعنيين بهذه المتابعات من الجسم الصحفي والإعلامي.

يظل الإعلام المهني والمواطن المؤهل للمتابعة لمن يمارس المسؤولية العمومية، وهذا غير متاح إلا لمن يمتلكون المعرفة والخبرة والخط التحريري في هذا المجال، والذي يبحث عن متابعته للمسؤول العمومي عن جوانب الخطأ وسوء استعمال الوسائل المتاحة له في القيام بهذه المسؤولية العمومية، ودون هذا الإعلام المهني المواطن سيكون الممارس للمسؤولية العمومية مستهدفا من نيران الإعلام المأجور والمخدوم، التي تتجلى في متابعة كل السلبيات ومساوئ الممارسة المهنية الرخيصة، التي لا تعالج النقائص أكثر من نجاحها في النيل من المستهدف خارج إطار المشروعية، التي يجب أن تكون عليها المتابعة الإعلامية اتجاه من يمارس المسؤولية العمومية.

ما نطرحه في المستقلة بريس، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، عن هذا الموضوع المرتبط بتداعيات الزلزال السياسي الأخير، هو أن حصانة المسؤول العمومي، تؤكد عليها نتائج ممارسته لعمله وقواعد العمل التي يباشر بها هذه المسؤولية العمومية، والمؤهلات والتجربة التي يملكها في عمله الإنتاجي أو الخدماتي أو التدبيري، وهذا ما يجب أن يستحضره صاحب المتابعة الإعلامية أو الصحفية .. ومن غير المعقول، أن لا يخوض المتابع الصحفي والإعلامي سلوك المسؤول العمومي لإبراز نجاحه وثمار عمله في هذه المسؤولية العمومية أو غيرها.

لن نسترسل في النقاش حول المتابعة الصحفية والإعلامية التي يستوجبها الممارس للمسؤولية العمومية .. فحصانة هذا الأخير من النقد الإعلامي والصحفي تكمن في انتباهه لمسؤوليته وحرصه على إغنائها والارتقاء بها، ورفع مستوى جودتها وخدماتها اتجاه الفئات التي تستهدفها .. وبدون ذلك، ستكون المتابعة مجرد دعاية رخيصة لهذا الميسؤول العمومي الذي يفتقر إلى أبسط العوامل التي تجعله محصنا من المتابعة الصحفية والإعلامية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق