أخبارجماعات و جهات

بين القانون وروح القانون .. قرار تسوية الملك العمومي باليوسفية يثير الجدل من جديد

 

 

ذ. يوسف الإدريـــــسي

في خطوة يمكن فهمها على أنها إشارة إلى حدوث شيء طارئ داخل دواليب جماعة اليوسفية، قرر مكتب المجلس الجماعي إدراج نقطة ضمن جدول أعمال دورته الأخيرة، تتعلق بفتح باب التسوية القانونية للرخص المهنية والتجارية لمدة ثلاثة أشهر لفائدة المحلات المستغلة للملك العمومي التابع للجماعة

الأكيد أنها خطوة أثارت تساؤلات عديدة، وقرأها البعض كتحرك صامت يطبخ على نار هادئة داخل أروقة الجماعة ومكاتب السلطة المحلية لتنزيل قرار ليس كباقي القرارات على المستوى الاجتماعي

وإذا كان الشارع المحلي قد انشغل أكثر بقرار إزالة الواقيات الشمسية من أمام المحلات التجارية، خاصة في الحي الحسني، وهو القرار الذي اعتبره كثيرون تضييقا على أرزاق البسطاء وتعقيدا لظروف اشتغالهم، فإن خلف هذا القرار الظاهر تكمن مقتضيات قانونية أكثر تأثيرا، قد تكون أعظم وأرحم بالنسبة للبسطاء من التجار والمهنيين

فبحسب المادة 27 من القانون 57.19 المتعلق بنظام الأملاك العقارية للجماعات الترابية، فإن أي احتلال للملك العمومي دون ترخيص بإقامة بناء أو بعدم إقامة بناء، يعد مخالفة قانونية تستوجب التوقيف بعد الإخطار، مع تحميل المخالف تعويضا ماليا يعادل خمس مرات مبلغ الإتاوة السنوية المستحقة، ويحتسب المبلغ المتراكم خلال الأربع سنوات الأخيرة .. بمعنى آخر، أن تاجرا بسيطا يضع مظلة لحماية واجهة محله من أشعة الشمس قد يفاجأ بمبالغ مالية طائلة، تعجز قدرته المادية على تسديدها

وفي ذات السياق، يبدو أن القرار التنظيمي المتعلق بالتسوية لا يخلو من بعد إنساني وقانوني .. إذ، يتيح للتجار فرصة الاستفادة من ترخيص يقيهم شر الغرامات الثقيلة، ويسهم في تسوية وضعياتهم القانونية .. غير أن التسوية المنشودة تصطدم بعوائق حقيقية، أبرزها صعوبة حصول العديد من التجار .. خصوصا، في الحي الحسني وهو حي تجاري قديم، على الوثائق اللازمة، بسبب تعقيدات تتعلق بكراء المحلات منذ عقود أو وجود نزاعات بين الورثة أو غياب وثائق رسمية تثبت الوضعية الحالية أو غياب  التفويض أو صعوبة الحصول على الوثائق الرسمية من المالك الأصلي

لكل ذلك، فالمطلوب اليوم من الجهات المسؤولة ليس فقط فتح باب التسوية، بل تبسيط المسطرة، واعتماد وثائق مرنة تراعي الظروف الاجتماعية والقانونية لهؤلاء التجار، كما أن إشراك المجتمع المدني والجمعيات المهنية في هذه العملية قد يسهم في بناء الثقة وتجنب احتقان قد لا تحتمله شرايين المدينة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق