
الوضع يقتضي إعادة النظر في مدونة الصحافة والنشر لتجويدها وغربلتها من الأعطاب التي تضمنتها
وذكــر فإن الذكرى تنفع المؤمنين
يمكن لمناضلات ومناضلي النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، الافتخار بأمانتهم العامة التي كان على رأسها سابقا المشمول برحمة اللـه الواسعة ذ. فريد قربال، الذي كان مدافعا أمينا عن حقوق المناضلين، و كان يتميز بالأخلاق الرفيعة والقيم الإنسانية المثلى، الذي وافته المنية مساء يوم الجمعة 13 شتنبر 2024
أجل، الأمانة العامة الحالية التي هي امتداد للأمانة العامة السابقة لم تساوم على مصالح المهنيين المغاربة في التعبير عن مواقفها الشجاعة والمسؤولة اتجاه “خردة” القوانين الجديدة .. (مدونة الصحافة والنشر – قانون الصحفي المهني – قانون المجلس الوطني للصحافة)، التي مررتها الأغلبية في برلمان الولاية الأولى لحزب العدالة والتنمية، والتي صاغتها وشرعنتها النقابة الوطنية للصحافة المغربية وفدرالية الناشرين، وممثلي الحقوقيين والمحامين في اللجنة العلمية
للإشارة، فقد شكلت المذكرة الجوابية للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، التي أرسلت في الحين إلى الوزارة الوصية على قطاع التواصل، حول مضامين هذه القوانين الجديدة الثلاثة، رؤيا نقدية متقدمة ومسؤولة عن ما جاء في هذه القوانين الجديدة التي تحسب مساوؤها وعيوبها للجنة العلمية، المحسوبة على أحزاب الحركة الوطنية الديمقراطية والتقدمية
نحن في الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، المؤمنة بالتعددية وبالرأي الآخر، -ونحن لا زلنا على خطى زعيمنا السابق الثابتة-، لم نعترض على مواقف المنظمات التي شاركت في صياغة القوانين الجديدة .. لكن، مهزلة تمريرها والتلويح بالمواقف المعارضة لها تطعن في استقلالية هذه المنظمات وتضر بمصداقيتها اتجاه منخرطيها، واتجاه عموم الفاعلين والرأي العام الوطني أيضا .. فماذا إذن، حدث حتى اقتنعت بعض هذه المنظمات مؤخرا بالأخطاء التي ارتكبتها في حق من تؤطرهم وتدافع عن مصالحهم، والتي اكتشفت لحسن الحظ أخيرا، أنها ساهمت في ضرب واحتواء أبسط المصالح والمطالب التي كان عليها الإجماع قبل وصول مشاريع القوانين إلى البرلمان ..؟
هل المنظمتين اللتين شاركتا في المهزلة التاريخية لا تعرفان الأهداف المعلنة والمسكوت عنها وراء الإسراع والاستعجال في صياغة مشاريع القوانين خلال الفترة التي كانت متبقية من عمر الحكومة “البجيدية” في نسختها الأولى وحتى الثانية ..؟
هل غابت عنهما أهمية تغييب المقاربة التشاركية والحوار المجتمعي الواسع، حول هذه المشاريع قبل صياغتها النهائية وتقديمها للمصادقة البرلمانية عنها ..؟
لن نختلف مع الحق في اتخاذ المواقف ومراجعتها بالنسبة لأي تنظيم نقابي .. لكن، الشروط والظروف التي صاحبت صياغة القوانين الثلاثة المذكورة، والسرعة القصوى التي تم بها تمريرها، هو الذي كان مغيبا على طاولة مسؤولي النقابة الوطنية للصحافة المغربية وفدرالية الناشرين، -لما كانتا سمنا على عسل- بعد أن اتضحت الأهداف وتبين صدق الرؤيا التي كانت النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة تدافع عنها، والتي كانت تقتضي عرض المنتوج القانوني للجنة العلمية على الفاعلين في تجمعات جهوية و وطنية قبل عرضها للمناقشة والمصادقة البرلمانية عنها، حيث أصبح من المفروض تجاوز الحواجز التي لا تسمح بالتنسيق والتعاون بين جميع المنظمات النقابية حول هذا الملف، الذي لو تم تمريره بالمقترح السابق ذكره، لما تحملت المنظمات النقابية المسؤولية في ذلك، ولم تكن أبدا عرضة لسخط ورفض الفاعلين .. خصوصا، بعد تنزيل المجلس الوطني للصحافة بهذه القوانين المطعون في شرعيتها، والذي كتب له الفشل في المهمة، لأن ما بني على باطل فهو باطل
سننتظر في الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن تخرج هذه المنظمات ببيانات جديدة تشرح فيها أسباب مواقفها السابقة والجديدة، وأن تضع الرأي العام الوطني أمام الحقائق التي كانت مغيبة على مسؤوليها، الذين “طبلوا وغيطوا” في كل الاتجاهات لمشاريع القوانين الجديدة وهم يعرفون نتائجها الكارثية على أمة الصحافيين والإعلاميين، والضرورة تقتضي بأن يسارعوا بوضع أيديهم في أيادي النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة الممدودة من أجل تجديد مطالبة ممثلي الأمة في غرفتي البرلمان بإعادة النظر في القوانين لتجويدها وغربلتها من الأعطاب التي تضمنتها، مع ضرورة إحداث تعديلات تتماشى وانتظارات المهنيين للنهوض بأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية .. وذلك، ضمانا لتوافق القوانين مع دستور 2011 الذي يعد الضامن الأساسي لحماية الحقوق والحريات