
مدينة هجرتها حتى اللقالق فكيف لا يهجرها الاستثمار والنماء ..؟!

ذ. يوسف الإدريـــــسي
في اليوسفية تحديدا، ينتابك إحساس خانق بأنك في حاجة إلى التخلص من عوالق داخلية ترهقك حد الغثيان. لا نخب جديدة، ولا أحزاب تشتغل على الشأن المحلي إلا عندما يحين موعد الانتخابات فتنبعث من رمادها مؤقتا، لا برامج انتخابية تترجم على الأرض، ولا التزامات سياسية جرى الوفاء بها. حتى المجتمع المدني يكاد يختفي، باستثناء قلة قليلة ما تزال تنبض بشيء من الحياة
المشهد العام يكاد يكون فراغا في فراغ، ولذلك لا غرابة أن تخرج رئيسة المجلس الجماعي عبر صفحتها الفايسبوكية لتطرح استطلاع رأي حول نوعية (الزليج) ونماذج أعمدة الإنارة، في إطار مشروع يشرف عليه مجلس جهة مراكش-أسفي والوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، بكلفة تناهز مليارين و800 مليون سنتيم، وهو مشروع لا يد للمجلس الجماعي فيه سوى أنه ينجز داخل نفوذه الترابي
المثير للسخرية والحزن معا، أن ساكنة المدينة تنتظر مشاريع حقيقية وذات أثر تنبثق من وعود انتخابية من قبيل؛ النواة الجامعية، معالجة إشكالات الماء الصالح للشرب، تأهيل مداخل المدينة، وتوفير الوعاء العقاري عبر مسطرة طلب توسيع وتوزيع المجال الحضري إلى غير ذلك من المشاريع والوعود التي رددت كثيرا، ولم نر منها سوى أثر الكلام، في انتظار فعل قد يأتي وقد لا يأتي
فكيف إذن يمكن إقناع المواطن البسيط بجدوى العملية الانتخابية وقدرته على التأثير في القرار، بينما يشاهد يوميا وعودا سياسية تتبخر مع الزمن كما يتلاشى السراب في صحراء مفتوحة على كل شيء
وكيف نعيد بناء الثقة لدى المستثمرين ورجال الأعمال ليضعوا أموالهم في مدينة حتى اللقالق هجرتها من شدة البؤس السياسي والعبث التدبيري ..؟!
هكذا، فالزمن لا يرحم المدن التي تتأخر، واليوسفية إن بقيت على هذا الإيقاع البطيء، حتما ستستيقظ ذات يوم لتجد نفسها خارج خريطة التنافس الجهوي والوطني. ولذلك، فإن السؤال الذي ينبغي أن يطرح اليوم، ليس (ما الذي تريده ساكنة اليوسفية). فهذا واضح وجلي، بل السؤال الراهني؛ هل توجد إرادة سياسية حقيقية لدى من يتصدرون المشهد السياسي ليستمعوا، وليتخذوا القرار، وليتوقفوا عن تكميم الأفواه وتكسير الأقلام ثم بعد ذلك الهروب نحو التفاصيل الصغيرة، بينما تنهار الصورة الكبرى في سراب عاتم.




