منبر حر

تجارة الأعضاء البشرية : الجريمة المنظمة في ظلّ انعدام الضمير الإنساني …!

SA.HA

تحقيق – سناء الحافي / الحقيقة

       

       تجارة الأعضاء البشرية : ” خطر جديد يهدد العراق في ظل العنف و الدمار ..”

لعل ما شجع قيام مثل هذه التجارة هو أعمال العنف والقتل والدمار التي شهدها العراق بعد الاحتلال، حيث نشطت عصابات الجريمة المنظمة للقيام بأعمال يندى لها الضمير الإنساني ، من أعمال منكرة من بينها (اختطاف الأطفال) وكذلك المشردين والمجانين كي تنزع منهم الأعضاء البشرية المطلوبة بعد قتلهم، وتبيع هذه العصابات تلك القطع من أعضاء الجسم بمبالغ خيالية طائلة، كما تقوم بسرقة الجثث الممزقة مجهولة المعالم والتي لا يوجد من يستلمها، آو سرقة الجثث بعد دفنها بقليل، إنها تجارة مستحدثة تعيدنا إلى أكثر من أربعة عشر قرنا على ظهور الإسلام الذي حرم تجارة الرقيق، إلا أنها الآن أصبحت تنتشر انتشارا واسعا في جميع أنحاء العالم بالرغم من التقدم العلمي الحديث الذي نعيش فيه الآن، إلا أننا نجد أنفسنا في مواجهة خطر جديد يهدد البشرية وهو تجارة الإنسان لأخيه الإنسان، والاتجار في أعضائه التي خلقه الله عليها، فنجد من يبيع جزءا من جسده لكي يكسب بعض الأموال، ونجد بعض التجار الذين يستغلون معظم الكوارث التي يمر بها العالم لنشر تجارتهم واستغلال الفقر والفقراء لكي يقوموا بأعمالهم من بيع وشراء واستغلال لحاجة البشر، فنجد أنفسنا الآن أمام ظاهرة خطرة تستحق الوقوف أمامها .. “

علم النفس : أين الضمير الإنساني من جشع الطماعين ..؟

في هذا الصدد، يقول الدكتور ناصر حمودي أستاذ الإرشاد النفسي: لقد امتدت التجارة في ظل العولمة وتطور العلم والمعرفة ووسائل التنقل والاتصال إلى أعضاء الإنسان، حيث باتت تباع الأعضاء البشرية كما تباع الأدوات الاحتياطية للسيارات والمكائن، وما هو قادم ينذر بالكثير من الكوارث الأخلاقية والإنسانية، ربما غابت وتغيب عن بال البشر … ولكن التفكير الإجرامي الشيطاني ما زال متربصا وفي حالة تطور … ولابد من الوقوف في وجهه … وآن الأوان للتفكير بمستقبل أمن للبشر، وحماية الضعفاء من جشع الطماعين.

وأضاف : إن موضوع الاتجار بالأعضاء البشرية أخذ بالاتساع والانتشار في شتى أنحاء العالم، لذا يتطلب عقد المؤتمرات والندوات العلمية على مستوى الطب والقانون والأجهزة الأمنية، للتداول في سبل التصدي والمكافحة … ضرورة قيام نقابات الأطباء بالتدقيق والمراقبة المفاجئة … موضحاً : أن ما مطلوب الآن هو العمل الجاد والعاجل على سن قوانين تجرم عمليات الاتجار بالأعضاء البشرية، وبخاصة تلك التي ترتكبها عصابات منظمة، أو استخدام طرق احتيالية في سرقة الأعضاء البشرية والتنسيق بين الجهات الصحية والأمنية على النطاقين المحلي والدولي، لمكافحة جرائم الاتجار بالأعضاء البشرية وقيام نقابات الأطباء بالتدقيق وملاحظة إقدام (بعض) عديمي الضمير ممن يستغلون صفاتهم الطبية للقيام بارتكاب هذه الجرائم بدافع الجشع المادي واتخاذ الإجراءات التأديبية بحقهم، فضلا عن الإجراءات الجزائية وقيام الجهات الصحية والأمنية بالتوعية الصحية للمواطنين للحذر من الوقوع في حبائل المحتالين والمجرمين، وتيسير سبل الإبلاغ وحماية المخبرين … ويبقى السؤال الذي يجب أن نطلقه عاليا أمام الأطباء وهو : أين الضمير ..؟ وأين شرف القسم الذي أقسم عليه هؤلاء الأطباء يوم تخرجهم ..؟ وكيف يؤمن الإنسان على نفسه إذا احتاج يوما إلى مستشفى ..؟ سؤال كبير … لكنه يحتاج إلى جواب أكبر.

عراقيو الأردن : في الأردن مكاتب خاصة لتجارة الأعضاء البشرية

ويؤكد عدد كبير من العراقيين المقيمين في عدد من الدول العربية أن بعض المستشفيات المنتشرة في السعودية والأردن وسورية تمارس تجارة بيع الأعضاء البشرية، حيث توجد هناك مكاتب خاصة لبعض الأطباء يقومون بممارسة مثل هذه التجارة الرخيصة المنافية لكل القيم والأخلاق الإنسانية.

مستزمات العيش: دفعته لبيع كليته مقابل 30 ألف دولار

اليأس الذي يعيشه العراقي جاسم محمد نتيجة عدم حصوله على فرصة عمل بعد أن فقد وظيفته المؤقتة، اضطره لبيع كليته اليمنى لأحد المرضى الراقدين في المستشفى … وعبر الهاتف اتفق محمد مع أحد الممرضين كوسيط للمريض الذي دفع مبلغ ثلاثين ألف دولار مقابل حصوله على كلية، ويقول محمد إنه خسر وظيفته نتيجة عدم إقرار الموازنة المالية، حيث تمَّ تسريحه من العمل مع خمسين آخرين، مضيفا أنه فقد الأمل في العثور على عمل جديد رغم وعود عدد من المسؤولين، ويؤكد محمد أنه يعيل سبعة أطفال إلى جانب زوجته ووالدته المريضة، وأنه لم تعد لديه القدرة على توفير مستلزمات العيش الأساسية لهم.

علم الأجتماع :أعضاء الإنسان صارت تباع مثل أية سلعة

ويقول أستاذ العلوم الاجتماعية الدكتور عبد الكريم الموزاني إن الجريمة المنظمة امتدت إلى التجارة بالأعضاء البشرية، وصارت أعضاء الإنسان تباع مثل أية سلعة … ويدعو الموزاني الجهات الحكومية والأمنية إلى متابعة هذه الظاهرة. وتحدث عن حالات خطيرة امتدت لها عمليات بيع الأعضاء، من قبيل السطو على جثث ضحايا التفجيرات والمواجهات المسلحة
مضيفا:” أن المطلوب من الجميع -وبالدرجة الأولى مجلس النواب- سن قوانين من شأنها تجريم من يقوم بتلك الممارسات، وقال إن على نقابة الأطباء رصد أعضائها العاملين خارج المؤسسات الصحية الرسمية والقيام بزيارات مفاجئة للمستشفيات الأهلية وتفتيشها والإشراف على العمليات التي تجرى فيها، ومحاسبة المقصرين الذين يتأكد من قيامهم بعمليات زرع الكلى بدوافع مادية.

رأي الشريعة : ” الاتجار بالأعضاء البشرية حرام شرعاً و التبرع بها محبب في الإسلام..”

يقول الدكتور عبدالله النجار (أستاذ الفقه المقارن) حول الاتجار بالأعضاء البشرية: لقد أجمع الفقهاء على تحريم ذلك الأمر لأن الإنسان وأعضاءه ملك لله وحده والاتجار فيها أو نزعها لا يجوز … بينما رأى العلماء جواز التبرع، ولكن بشروط، فإذا كان التبرع بالمال صدقة لإنقاذ فقير أو مريض، فتبرع الإنسان ببعض أعضائه أمر محبب في الإسلام، حيث يعتبر هذا من ضمن إحياء النفس، يقول تعالى (من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) … ويضيف: -الإنسان الذي يتبرع بأحد أعضائه يساهم بتبرعه هذا في إحياء نفس بشرية، ويعتبر هذا العمل من أعظم العبادات التي يتقرب بها إلى الله عز وجل- كذلك الأمر بالنسبة إلى الكنيسة فهي تحرّم الاتجار وتشجع على وهب الأعضاء، وتدعو إلى عدم دفنها تحت التراب إذا كانت تستطيع أن تبقى حية في أجسام آخرين بحاجة لها (كقرنية عين أو قلب أو كلية أو أنسجة).

من هنا فإن بيع الأعضاء يتعارض والقيم والعادات والتقاليد الاجتماعية، وأحكام وتعاليم الديانات السماوية التي أضفت على الجسم الآدمي هالة من القدسية، ولا يجوز ابتذاله بجعله يباع ويشترى لما في ذلك من إهدار كبير لكرامة الإنسان وانتهاك لحرمة كيانه الجسدي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق