منبر حر

تاونات مدينة عالية تتقاذفها أمواج لا ترحم ..!

ABDELLAH AZZOUZI

عبد اللـه عزوزي

ولو أن للعنوان علاقة بالبحر، إلا أن أقرب بحر إلى تاونات كان سيكون البحر الصناعي الذي رسمه عمدة فاس السابق في مخيلته، فصدقه الناخبون، وفشل هو في تحقيقه، في حين كثيرا ما حاولت الأمطار الطوفانية التي شهدتها المدينة من تقريبه إلى عيون “فواسة”، كالتاجر المتجول الذي يعرض بعض ما لديه في شكل تصاميم ونماذج على الزبناء.

لا يمكن لساكنة تاونات أن تستيقظ يوما على صوت الموج، ولا يمكن لها أن تشاهده، أو تشاهد زرقة ماء البحر، أو أن تخشى على نفسها من أخطار المد والجزر، أو حتى تسونامي بسيط .. لكن، رغم ذلك فتاونات تبقى قرية الأمواج بامتياز.

في الصيف تجتازها موجة حر غير مسبوقة في باقي مدن المملكة، موج تدبر الساكنة تحدياته بوسائلها الخاصة، التقدمية منها والرجعية .. ولا يمر موج صيف تاونات دون أن يسرق العديد من الأرواح، أرواح فرت من قدر إلى قدر، معتقدة أن الموج يقهره موج مماثل.

في فصل الشتاء، الذي يقترب منا يوما عن يوم، تجتاح قريتنا تاونات موجة برد تسكن عظام و مفاصل الصغار والكبار، ويتسلح السكان بكل ما أوتوا من معارف وتجارب وقناعات حول قدرة نظامهم الغذائي المحلي والطب الشعبي على مكافحة البرد وإيقاد شعلة الدفء داخل أبدانهم التي تؤمن بتطور الطبيعة، وبرحلة الموج في الشتاء والصيف.

لكن، أثقل موج على قلوب المواطنين التاوناتيين، والذي لا يجدون له “حيلة و لا دواء”، ويتركهم في حيرة من أمرهم، غير متأكدين لمن يسمعون ومن يصدقون، هو ثقل موجة التطبيع التي تجتاح المدينة .. الكل يطبع مع الكل، والرابح الأكبر هو “السيد التطبيع المحترم” .. والتطبيع لن يكون في جوهره سوى القدرة الماكرة على جمع التناقضات، والتنكر للماضي ولمشاعر الناس، والسباحة ضد التيار، حفاظا على الذات، و طمعا في مزيد من المحرمات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق