منبر حر

من قال إن البرلماني يغير شيئا من الواقع، فهو كاذب : إقليم تاونات نموذجا ..!

 

ABDELLAH AZZOUZI

*عبد الله عزوزي

تصور لو أن ذاكرة المواطن بوسعها أن تتذكر كل المآسي، تصور لو أن كل الأرواح التي حصدتها الطريق اللاوطنية رقم 08 الرابطة بين فاس وتاونات تنتصب واحدة جنب الأخرى على طول تلك الطريق ..؟ ألم تكن لتشكل سلسلة من الأشباح من باب الفُتوح إلى تجزئة الوحدة عند مدخل المدينة ..؟ أرواح ذنبها الوحيد أنها خرجت من تاونات قاصدة فاس، أو غادرت هذه الأخيرة متوجهة نحو تاونات.

بين ضواحي فاس و أرياف تاونات يمتد واد من نوع واد الذئاب، واد يكون فيه للانتخابات والترشح و التصويت شعائرٌ خاصةٌ استثنائية، بل وحتى شاذة. السياسة هنا تزيغ عن المفهوم والمعهود لتقدم صورة عن إقليم لا زال يباع في سوق النخاسة بثمن بخس، إقليم يُراوِدُ فيه “الساسة” أبناءَ الإقليم وآبائِهم على كرامتهم التي يمكن أن تأخذ مرايا متعدد، من طريق آمن يوصل المسافر إلى مأمنه، إلى مستشفى يدخله المريض عليلا و يخرج منه راضيا ومعافى، مرورا بمؤسسات تربوية تعمق إيمان الناشئة بالوطن وبمسلك العلم والدراسة، و هلُمً جرا.
إقليم تاونات الذي لا نشك في أنه ظلت تُفرغ فيه وفي مجالسه وصناديقه ميزانيات لَو قُدر لها أن تٌـصرف على الوجه الصحيح لجَعلت طريق المآسي (( الطريق اللاوطنية رقم 08)) يكون حاليا طريقا سيارا ليس من إسفلت عاليَ الجودةِ فقط، بل من رُخامٍ.

تاونات، كما هي عادتها في كل استحقاق انتخابي، تكون كساحة عروض الخَيالةِ والفُروسية، كثيرٌ من الغبارِ، كثير من الانفجارات البارُوديةِ … وعند كل موسم “فانطازيا” تُفرَز لائحة، بل نفس اللائحة، التي تقول في دعاياتها أنها جاءت من أجل فك العزلة والتنمية وصناعة المجد و لتقدم ..
تاونات، ظلت ممثلة في البرلمان منذ الأزل، ومَبلغُ ما قد يكون ممثلوها قد جَنوْهُ من أموال دافعي الضرائب، كأجر شهري، لا رَيْبَ أنه كافياً لتمويلِ طريقٍ سيارٍ وخطٍ للسكك الحديديةِ يربط مرنيسة بفاس، مرورا بتاونات و عين عائشة و تيسة.

تاونات .. لم تكن مُبَرْلمَنةً فحسب بفريق قد يكون تعداده الثلاثون برلمانيا منذ تاريخ إنشاء تلك المؤسسة إلى الآن، بل إن من أبنائها من كانوا – فيما مضى أو حاليا – الشخصية الثانية في الوطن بعد ملك البلاد؛ فأحمد الميداوي، ومحمد عبو، وإدريس اليزمي، وإدريس مرون، و إدريس الأزمي الإدريسي، وعبد الناصر بوريطة، .. فضلا عن علماء دوليين من طينة رشيد الأزمي، مخترع بطارية الليثيوم، والمتوج بعدة جوائز في النبوغ و التفرد والمنحدر من أولاد آزام، كلهم لا يمكنهم إحياء صلة الرحم بذويهم إلا مرورا عبر طريق أصبح مرادفا للموت .. لكن، رغم كل هذا، ورغم كل مخلوقاته السامية، يظل إقليم تاونات رديفا للسذاجة، للدجل، للعزلة، للفقر، للأمية، للتخلف، للأمراض و الأوبئة، و للانتحار ..

وعليه، فإن الذي يظن بأن الممثلين لتاونات بالبرلمان المغربي دأبوا على دخول غمار التشريعيات، منذ تاريخ ظهورها، من أجل تغيير شيئا ما من واقع هذا الإقليم، فهو إما كاذب أو واهم.

* أستاذ اللغة الانجليزية .. كاتب محلي لحزب العدالة والتنمية، وعضو الأمانة الإقليمية للنقابة المستقلة للصحفيين المغاربة بتاونات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق