ملفات و قضايا

ماذا بقي للحكومة المتحمسة لتحرير الأسعار لمواجهة نتائجه الكارثية ..؟

BEN WAF

بدأت ملامح نتائج تحرير الأسعار تظهر في متابعة بعض الصحف الأسبوعية واليومية، ومنها من سرب حتى بعض الأرقام عن الزيادة المنتظرة في بعض المواد الاستهلاكية الأساسية، ومنها من سرب الأرقام التي ستكون عليها بعض الخدمات في الوقت الذي لا زالت الوزارات المعنية ملتزمة الصمت حتى الآن .. وبين ما يشاع وما ستكون عليه الأسعار نجد أنفسنا في المستقلة بريس، مضطرين إلى طرح الأسئلة وانتظار الإجابة من الأطراف المعنية.

إننا في المستقلة بريس، نستفسر رئيس الحكومة ووزيره في الشؤون العامة والحكامة عن وسائل الحماية من النتائج الكارثية لتحرير الأسعار بعد إلغاء صندوق المقاصة والعمل بقانون المقايسة، وحينما نصارح رئيس الحكومة بأننا لا نسعى إلى فرملة مجهوداته في الإصلاح والتطوير وإحداث التغييرات التي تتطلبها المرحلة، وإكراهات الأزمة الهيكلية التي يوجد عليها الاقتصاد الوطني، والتي لم تنفع معها الإصلاحات التي تفتقر إلى الإجماع الوطني عليها، وخصوصا التي تضمنها البرنامج الانتخابي للحكومة في نسختها الأولى والثانية، وإلى هذه السنة من عمر تجربتها لم تتمكن من النجاح في برنامجها الاقتصادي، سواء تعلق الأمر برفع نسبة النمو أو معالجة مشكل المديونية الداخلية والخارجية، ولا الحد من تفاقم البطالة التي وصلت وسط حاملي الشهادات العليا إلى أكثر من 21 % ، فبالأحرى نسبة البطالة الحقيقية في باقي الفئات الاجتماعية، وتحقيق الرفاهية الاقتصادية بإلغاء صندوق المقاصة، وتحرير الأسعار الذي ينذر بأوخم العواقب، ومشكل التقاعد الذي يهدد رئيس الحكومة بتطبيق الإصلاح دون الحصول على موافقة النقابات، والزيادة في الأجور بالنسبة للعاملين أو المتقاعدين.

إن المتحمسين لتحرير الأسعار يعرفون مخاطر هذا القرار الذي يتطلب وجود الحماية من تدهور القوة الشرائية التي تبخرت لدى الأغلبية في القطاعين العام والخاص، ومن المؤكد أن حرصه على الانفراد بالقرار دون وجود التوافق عليه من كافة الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين سيجعله عاجزا على مواجهة ردود الفعل التي لم يعد للمتضررين من سياسته القدرة على تحملها إلى ما لا نهاية، وهذا ما يفرض عليه التراجع عن سياسته التي تهدد الاستقرار والسلم الاجتماعي، والتي يقول عنها أنه محمي بدعم من جلالة الملك، وله الحق في اتخاذ القرارات لوحده حتى وإن كانت خاطئة، وهذا ما يتعارض مع توجيهات جلالة الملك التي لا تتناقض وتطلعات الشعب المغربي في الحرية، وحسن التدبير والحكامة في التنمية، والاستجابة للمطالب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية العادلة، ويكفي رئيس الحكومة أن يدرك أنه يتحمل المسؤولية بواسطة دستور 2011، الذي ربط المسؤولية بالمحاسبة، وأنه معني بإيجاد الحلول الكفيلة بوقف لهيب الأسعار، وضعف الأجور، ووقف ارتفاع نسبة البطالة والحرص على السلم والاستقرار الاجتماعي.

ومهما قلنا بصدد موضوع مخاطر تحرير الأسعار على الدورة الاقتصادية في نموذجنا المغربي الذي يعرف رئيس الحكومة أنه في حاجة إلى إصلاح جذري، فإن العمل بهذا القانون سيكلف المغاربة أعباء جديدة لا يملكونها في ظل أجورهم التي تبخرت وأصبحت دون الحد الأدنى الذي يتلاءم وجحيم هذا التحرر الذي سيمس المواد الاستهلاكية الأساسية والخدمات .. لذلك، لا مفر لرئيس الحكومة من مراجعة هذا التوجه الاقتصادي الذي لا أحد يقبله في المجتمع، وعليه فتح الحوار المسؤول المؤدي إلى الحلول مع كافة المتدخلين في اقتصاد الوطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق