أخبارللمستقلة رأي

التجربة الدستورية والسياسية في المغرب وطبيعة المساهمة المتواضعة للأغلبية والمعارضة في تفعيلها

MANAR

مع احترامنا في المستقلة بريس، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لقراءة محمد باسك منار للتجربة الدستورية السياسية بالمغرب (2011 – 2016)، المنشورة في تسع حلقات بيومية المساء، إلا أن ما ذهب إليه من خلاصات حول هذه التجربة يستحق المزيد من النقاش، ويطرح إشكاليات جديدة، فرضها ضعف الحوار المجتمعي حول هذه التجربة حتى من قبل الفاعلين المعنيين بها، وحبذا لو يسمح لنا صاحب هذه القراءة بالحوار معه حول خلاصاته المثيرة للجدل.

إن تجربة الفترة من 2011 إلى 2016، كما تعلم يا أخ محمد باسك جاءت عقب الحراك الاجتماعي ل. 20 فبراير، وبعد التساؤلات التي عبر عنها المشاركون في هذا الحراك، تمكنت اللجنة التي صاغت دستور 2011، من ترجمتها في نصوصه، كما أن الحكومة التي انتخبت في 25 نونبر 2011، هي التي كانت معنية بتطبيقه وصياغة برنامجها الحكومي على ضوء أهدافه، مما يعني أن خطوة التأسيس لتجربة دستورية جديدة قد تحققت فعليا، انطلاقا من صياغة الدستور والمصادقة عليه والشروع في ترجمته بانتخاب الحكومة التي تسهر على ذلك، بالإضافة إلى مباركة جميع الأحزاب للنص الدستوري الجديد، قبل عرضه على الاستفتاء الشعبي في 01 يوليوز 2011.

طبعا، الأغلبية والمعارضة التي جاءت بها انتخابات 25 نونبر 2011، لم تكونا في مستوى المسؤولية في ترجمة المبادئ التي نص عليها الدستور الجديد .. فالأغلبية الحكومية النسبية لم تقدم ما يمكن أن يساعد على نضج التجربة الدستورية والارتقاء بها، حيث اتضح ضعفها في برنامجها الذي فجر الصراع بين أطرافها، والذي انتهى بخروج حزب الاستقلال للمعارضة، ناهيك عن افتقار رئيس الحكومة إلى مقومات الشخصية الكاريزمية المبدعة والمقنعة في علاقتها مع باقي الأطراف المعنية بوجوده كرئيس حكومة باختصاصات جديدة و وازنة.

إن ما أشرت إليه يا أخ محمد باسك منار، من أن التجربة غلب عليها حضور المؤسسة الملكية في الأوراش الكبرى والسياسات الإستراتيجية الطويلة الأمد، وأن رئيس الحكومة المنتخبة أغلبيته من صناديق الاقتراع لم يكن قادرا على تفعيل اختصاصاته الدستورية الجديدة .. وبالتالي، لا يصح القول بوجود خلل في الاختصاصات الممنوحة لرئيس الحكومة، وتلك التي يمارسها جلالة الملك .. فرئيس الحكومة لم يكن بالخبرة والوعي والتجربة التي تؤهله لممارسة اختصاصاته الدستورية، وإلى حين تحقق هذا التطور في شخصية وسلوك رئيس الحكومة لا يجب بالضرورة القول بأن فشل هذا الأخير يعود إلى صلاحياته المحدودة.

لن نناقشك يا أخ محمد في استعراضك لمظاهر فشل الحكومة التي تولت مسؤوليتها عقب الحراك الشعبي ل. 20 فبراير 2011، فهذه الحكومة في شخص الحزب الذي قادها لم يكن مؤهلا للقيام بواجباته في إطار ما هو متاح دستوريا، بل كان عاجزا عن تحمل أبسط المسؤوليات الحكومية من جهة، وكان طيلة فترة ولاية الحكومة السابقة مجرد ظاهرة صوتية في مواجهة خصومه من التماسيح والعفاريت، دون أي حضور شخصية كرئيس حكومة حقيقي.

لم تخرج تجربة المعارضة عن هذا الواقع الهزلي للأطراف المعنية بتفعيل الدستور في أدائها البرلماني المعارض، فعبر سنوات الولاية الحكومية لم تتمكن المعارضة من كسب أي معركة، سواء في مجلس النواب أو المستشارين، لانعدام وحدتها وغياب برنامج عمل كفيل بفضح الحكومة وأغلبيتها، فكل الميزانيات السنوية كانت تمر بأرقام تكشف عن سوء أداء المعارضة، ناهيك عن الحضور القزمي في الجلسات التي كانت تنقل تلفزيا للعموم، وناهيك عن العجز الموضوعي في القدرة على اللجوء إلى الوسائل الدستورية لإسقاط الحكومة، أو تغيير ميزان القوى داخل غرفتي البرلمان، أو الضغط الشعبي عليها عبر الأذرع النقابية والمدنية.

عن أداء المعارضة في التجربة الدستورية لم توضح أخونا باسك مكامن ضعف هذه المعارضة وحقيقة عجزها في الكشف عن الضعف الحكومي، خاصة في عدم القدرة على مواجهة سياسة الحكومة الاقتصادية التفقيرية، وتمرير القرارات التي تضرب استقرار النسيج الاجتماعي، كقانون المقايسة وقانون التقاعد وقانون التغطية الصحية وقوانين الصحافة والنشر، بدون أبسط الشروط التي تسمح بالاستجابة لانتظارات المواطنين في هذه المجالات، ويحق الاعتراف بما عبرت عنه الانتخابات وتدني أحزاب المعارضة في النتائج التي حصلت عليها، خاصة حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي في الوقت الذي حافظ فيه الحزب الذي يقود الأغلبية الحكومية على وزنه الانتخابي وسط أنصاره التقليديين، مما يؤكد الفقر في الاجتهاد والمبادرة المؤدي إلى مصداقية مواقف هذه المعارضة البرلمانية التي غاب الحديث عنها في القراء للتجربة الدستورية بالمغرب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق