أخبارمجتمع

تقرير حول حقوق الإنسان بإقليم خنيفرة

محمد شجيع

موازاة مع انتعاش خطاب التحرش بالمدافعين عن حقوق الإنسان و تكثيف الهجوم على الأقلام و الصحافة الجادة و المدونين، تباشر في خنيفرة عمليات تنزيل هذا الحقد بسرعة جنونية مهولة لتغطي على التردي العميق الذي يسبح فيه الإقليم، فقد أمضت المدينة سنتين حالكتين من القمع و التجريم و التلجيم لكل الأصوات المناهضة و الفاضحة لسياسات القهر و الإذلال .. مدينة خنيفرة أصبحت لطخة سواد في وجه المغرب بسجل حافل من متابعة المدافعين على حقوق الإنسان، و سنذكر في هذا السياق بعض الملفات التي تابعتها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في هذا الشأن، و ستكون البداية من متابعة الرئيس السابق ع الكريم المسلم للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، و المرحوم النقابي جمال الابراهيمي و تهمتهما مناصرة مستخدمة لجأت لتنسيقية خنيفرة لمحاربة الفساد، وهو إطار يضم عددا من الهيئات السياسية و النقابية و الحقوقية بخنيفرة، مهمته التصدي لكل أوجه الفساد بالإقليم، وقد نفذت التنسيقية خطوة احتجاجية للتعبير عن التضامن و المطالبة بفتح تحقيق في كل الخروقات التي حملها ملف المؤازرة، ليفتح ملف قضائي للمناضلين بتهمة التشهير ويسفر عن حكم قاس في حق ع الكريم لمسلم ب 40.000 درهم  و أشهر من الحبس الموقوف التنفيذ، بعد سقوط الدعوى في وجه المرحوم جمال الابراهيمي لوفاته

 بعد ذلك سيطفو للسطح ملف سعيد اوفريد، الذي اعتقل من السوق الأسبوعي لمريرت بتهمة حيازة  300 غرام ليس من الكوكايين أو الهيروين، بل من الأكياس البلاستيكية، التي كان يستعملها لتلفيف الطماطم وهي الأكياس التي لازال كل الخضارين والجزارين يستعملونها لحدود الساعة لتلفيف بضاعتهم، فقد توبع سعيد في حالة اعتقال بتهمة إهانة موظف (عون المراقبة)، و هو ما اعتبرته الجمعية استهداف لسعيد المعروف في الأوساط المناضلة بخنيفرة بمؤازرته ودعمه و تواجده في كل المحطات النضالية الشعبية، إضافة لنضاله على شبكة التواصل الاجتماعي فايسبوك، أمضى سعيد ثلاثة أشهر بسجن خنيفرة، و قبل إتمام الشهر الثالث، كانت شرنقة المتابعة اكتملت حول بودا (ع العالي باحماد) بتهم ” التحريض على إهانة علم المملكة و رموزها، والتحريض على الوحدة الوطنية”؛ أي تجريم التعبير عن الرأي و تضييق نطاقه .. قضية بوذا قضية لا يمكن فصلها ولا عزلها عن كل المتابعات الانتقامية و الأحكام الجائرة لخيرة مناضلي شعبنا لنهرهم عن القيام بواجبهم النضالي، و قد أصدرت المحكمة الابتدائية حكما مجانبا للصواب في حق بوذا، وهو سنتين نافذتين و غرامة 10,000 درهم لتخفض لسنة واحدة في مرحلة الاستئناف، وقد اعتبرت لجنة بوذا لدعم المعتقلين السياسيين، أن متابعته تحمل في جوهرها انتقاما منه لتفانيه في خدمة الكادحين و توعيتهم بضرورة التصدي لمخططات تجويعهم و ترويعهم، ولأن ماكينة الاعتقال كنار جهنم تطالب دوما بالمزيد، فإن يوم جلسة الاستئناف لبوذا أي يوم 19/03/2020 عرفت اعتقال ياسين فلات وهو مناضل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حيث تمت دعوته لإغلاق محل عمله كحلاق و رب أسرة، و ذلك مباشرة بعد بلاغ وزارة الداخلية، و قبل إقرار النصوص القانونية المنظمة للحجر الصحي، و بما أن كل محلات الحلاقة كانت تشتغل إلى حدود ذلك اليوم، فإنه رفض القرار مطالبا بتنويره بشأن الأسباب الحقيقية لاستهداف محله دون باقي المحلات ..  خصوصا، وأن مرسوم قانون الطواريء لم يصدر إلا يوم 24/03/2020، فاتهم ياسين بإهانة موظف وحكم عليه ابتدائيا بأربعة أشهر، تم تخفيضها لثلاثة أشهر في المرحلة الاستئنافية، ليأتي الدور على المناضلين بوزرو محمد  و محمد شجيع، وقد توبعا في حالة اعتقال يوم 20 ابريل بسبب منشور بشأن توزيع المساعدات الغذائية على صفحة إلكترونية، تحمل اسم فزاز24، في حين تمت متابعة لحسن امرابط في نفس الملف في حالة سراح بعد تقديم ضمانة مالية، و قد صدر في حقهم حكم بالسجن لمدة ستة أشهر قبل تخفيضه لأربعة أشهر في المرحلة الاستئنافية

 إن الأطفال أيضا لم يسلموا من سعار المتابعات، وهم يعبرون ببراءة عن أوضاع محيطهم المعيشية و معايير توزيع مساعدات لاحظوا بأنها تقدم بطريقة مختلة، فالطفل عبد الإله الصبري و هو تلميذ بالسنة الثانية باكالوريا، كتب تدوينة يعيب فيها ما شاهده بمقر سكناه من محاباة في توزيع المساعدات الغذائية، وإقصاء فقراء و أرامل منها، فوجهت له تهم : توزيع وقائع كاذبة و نشر خبر زائف و تحريض الغير على مخالفة الأوامر و القرارات الصادرة عن السلطات العمومية الخاصة بالطواريء، فعقدت أولى جلسات محاكمته يوم 15/06/2020 ولحسن الحظ تمت تبرئته .. متابعة أحجمته عن الكتابة التي كانت تعد بالنسبة له طقسا يوميا مقدسا يحث فيه زملاءه على حياكة خيوط من غيوم لبناء وطن أفضل

 المغاربة جميعهم يدونون و يصرحون و يكتبون و يسجلون مقاطع فيديو بخصوص الخروقات التي عرفها توزيع قفف المساعدات، بل إن وزير الداخلية بنفسه أكد على هذا المعطى، فما مبرر متابعة هؤلاء ..؟ هل هناك من يريد استعمال الجائحة لتصفية الحساب مع الأقلام التي لا تمدحه ..  

كما لا ينبغي تجاهل متابعة ثلاث نشطاء بأجلموس و ناشط بمريرت أيضا على خلفية كتاباتهم و مشاركتهم وانتقادهم لإدارة الشؤون العامة و احتجاجهم على الممارسات الخاطئة و مطالبتهم بتصويبها، وحثهم على التدبير الرشيد لشؤون جماعاتهم الترابية .. ناهيك عن عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قاشا كبير، الذي استمعت إليه الشرطة القضائية مساء يوم الخميس فاتح اكتوبر 2020 في تهم تتعلق بالتحريض و الدعوة لاحتجاجات مرضى القصور الكلوي و خرق قانون الطواريء الصحية، و تعريض حياة سكان خنيفرة للخطر بنشر فيروس كوفيد 19، و بعد ذلك، و بتاريخ 8 اكتوبر 2020 استمع له الدرك رفقة رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في ملف يتعلق بالمقالع و نشطاء الجمعية في هذا الملف، ليتابع مرة أخرى في ملفين اثنين من طرف جمعية تسمى جمعية مساندة مرضى القصور الكلوي بسبب بلاغ أصدرته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بناء على تصريحات طبيبة مركز تصفية الدم بخنيفرةإن التزام الدولة في دستورها بحماية حقوق الإنسان يرتب عليها التزاما أخر و هو ضرورة حماية المدافعين عن هذه الحقوق و تيسير سبل و شروط و ظروف نشاطهم و حمايتهم من كل تضييق أو تحرش بالنظر لما يقومون به من عمل على ترسيخ قيم حقوق الإنسان و تعزيزها و حمايتها و تبصير المسؤولين لأوجه النقص والقصور في تدبير الشأن العام، كما أن استفحال تردي الأوضاع العامة بالبلد و تفاقم التهميش الاقتصادي والاجتماعي لا يعالج بالمزيد من الإجهاز على كل الحقوق و المكتسبات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق