منبر حر

القدرة على الإنصات والقدرة على إبداع الحلول الممكنة خاصيتان من خاصيات القادة

ABDELLAH AZZOUZI

* عبد الله عزوزي

يجمع منظري علوم التنمية البشرية على أن القدرة على الإنصات هي واحدة من أهم المميزات التي يجب أن يتصف بها من يتولون تدبير أو رعاية شؤون غيرهم .. هذه الميزة ليست سهلة طبعا، ففي كثير من الأحيان عندما يتقدم أحد المواطنين بشكاية ما أو بالتعبير عن رأيه أو انشغالاته لأحد المسؤولين أو الرعاة (“كلكم راع و كلكم مسؤول عن رعيته” )، يشرد عقل و تركيز ذاك المسؤول بحثا عن رد قد يكلفه القيام بمسح أو جرد لأجوبة جاهزة تعج بها ثقافة الجاهز و المكدس الخالي من كل روح أو تقوى.

إن الإنصات بتقمص (أي بوضع النفس في قميص المشتكي ) هي السبيل إلى فهم جوهر البوح و الشكوى، وبالتالي استفزاز العقل والضمير على إبداع حلول خلاقة وأصيلة تستحضر جوهر رسالة ديننا الإسلامي (( “سارعوا إلى مغفرة من ربكم و جنات عرضها السماوات والأرض” /خادم الناس سيدهم / أن تحب لأخيك ما تحبه لنفسك/ الإيمان ما وقر في القلب و صدقه العمل / ألا و إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله/…)).

القدرة على إبداع الحلول، وهي الخاصية الثانية، مشروطة بالخصلة أو الميزة الأولى (القدرة على الإنصات)، إذ كلما كان “القائد” قادرا على الاستماع إلى نبض الغير أو إلى انشغالات الفئات أو الجماعات أو الشعوب، كلما نجح ذلك القائد، أو المسؤول، في إيجاد الحل المناسب، حلا يدفع المفاسد و يبسط الطريق للمنافع، و يحافظ على قيمتي الحياة و الكرامة.

إن غياب هذين الخصلتين (الإنصات الصادق و الحل الفعال) لدى معظم المسؤولين يعثر كثيرا من مصالح المواطنين والمرتفقين، ويساهم بشكل غير مباشر في عرقلة التنمية وخلق فرص النجاح، هذا الغياب نجده عند الآباء في علاقتهم بالأبناء، وفي علاقة الرؤساء بالمرؤوسين، و علاقة أرباب العمل بالعمال، و بين الأزواج أنفسهم، و أحيانا في علاقة المدرسين بالمتعلمين .. و النتيجة هي احتقانات و (وبلوكاج) في شتى مناحي الحياة المتعلقة بتلك الأطراف .. في مقابل هذا الأمر، بوسع تميز أولائك الأفراد بتلك الميزتين أن يأتي بنتائج مبهرة و غاية في الروعة.

سياسيا، يمكن القول أن الخطاب الملكي للتاسع من مارس من سنة 2011، يجسد روح الموضوع الذي نريد تبيانه و يشرحه من كل جوانبه، فبعد أقل من ثلاثة أسابع عن اشتعال الشوارع المغربية باحتجاجات حركة 20 فبراير، بادر الملك محمد السادس إلى إلقاء خطاب تجسدت فيه واحدة من خصال القادة والناس الأكثر فاعلية ألا وهي القدرة على الإنصات؛ لقد استطاع ذلك الخطاب أن يفتح صفحة جديدة، قوية ومشرقة في تاريخ المغرب، و إليه يعود فضل ما نراه من إصلاحات و إنجازات كسرت تلك الصورة النمطية عن المملكة المغربية.

على عكس هذا، هناك من “القادة” من فضل أن يكون في أذنيه وقرا وأن يفكر في كيفية الرد (بالنار و البارود) على أن ينصت لنبض أخيه الإنسان الذي يريد الأمن والكرامة والتنمية، و تبقى مصر و سوريا على رأس قائمة الدول التي اعتمدت، ولا زالت، هذه المقاربة الفاشلة.

الأحد 11 محرم 1437 /// 25 أكتوبر 2015

*عضو الأمانة الإقليمية ن.م.ص.م تاونات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق