أحداث دوليةأخبار

مونترو تحتضن افتتاح “أيّام المغرب 2025”

 

تقرير – عبد الرحيم مالكي

شهدت مدينة مونترو-فول-يون، عشية هذا اليوم، افتتاح فعاليات “أيّام المغرب 2025” في “بارك دي نو”، القلب الأخضر للمدينة، وسط حضور رسمي رفيع المستوى وجمهور غفير جاء للاحتفاء بجسر الصداقة الممتد بين المغرب وفرنسا، ويأتي هذا الحدث الثقافي البارز ليكرس حضور المغرب في المشهد الثقافي الفرنسي

واكتسبت هذه الدورة بعدًا خاصًا بارتباطها بالاحتفال بالذكرى العشرين لتوأمة مونترو مع مدينة آسفي، حيث يتجدد قسم التوأمة في احتفال رسمي يوم السبت 27 سبتمبر الجاري، وهو موعد يعكس عمق الروابط بين المدينتين ويجسد استمرار هذا المشروع الحضاري المشترك الذي امتد لعقدين كاملين

وفي كلمته الترحيبية، عبر رئيس الجمعية الثقافية المغربية بمونترو عن سعادته بهذا اللقاء الذي أضحى تقليدًا راسخًا في المدينة، مؤكدا أن هذه الأيام تمثل فرصة لتقاسم لحظات من الاكتشاف ومن الألفة والودّ حول الثقافة المغربية والصداقة المغربية الفرنسية، وبطبيعة الحال حول أواصر التوأمة بين مونترو وآسفي .. وشدد على الامتنان لكل من ساهم في إنجاح هذا الموعد من متطوعين وفنانين وحرفيين وسلطات محلية .. مضيفًا أن الرابط بين المغرب وفرنسا فريد وقوي، وأن مونترو تفتخر بأن يحتضن فضاءها هذا الجسر الإنساني المتجدد

ومن جانبه، أكد جيمس شيرون عمدة مونترو ونائب رئيس جهة إيل-دو-فرانس أن المدينة تفخر باحتضانها مرة أخرى لهذا الحدث الثقافي البارز الذي ينظمه أبناء المدينة من ذوي الأصول المغربية، والذين هم في الآن ذاته مواطنون منخرطون بشكل كامل في حياة مونترو، وأوضح أن هذه التظاهرة تجسد وحدة التنوع التي تصنع قوة الشعب الفرنسي وقوة مونترو على وجه الخصوص، حيث يجتمع كل فرد بأصوله وتاريخه الخاص .. لكنهم، جميعًا موحدون في بناء مجتمع مشترك يقوم على احترام قيم الجميع في إطار قوانين الجمهورية الفرنسية

وأشار العمدة إلى أن المغاربة والفرنسيين من أصل مغربي والفرنسيين المغاربة يلعبون دورًا محوريًا كمواطنين فاعلين، وأن المدينة كانت قد كرمت بعض أبنائها المتميزين في مساراتهم المهنية والجمعوية باعتبارهم قدوة في المواطنة المسؤولة وختم مداخلته بالتأكيد على أن ما يُحتفل به اليوم لا يقتصر على الثقافة المغربية فحسب، بل يشكل أيضًا تكريمًا لعلاقة عميقة وقديمة وحديثة في الوقت نفسه تربط بين المغرب وفرنسا

ومن جهته، أكد السيد إلياس البدوي، ممثل مدينة آسفي، في كلمة ألقاها بالمناسبة، على الاعتزاز الكبير بمرور عشرين سنة على توأمة مونترو-فوليون مع مدينة آسفي، والمكانة الخاصة التي تحظى بها هذه الشراكة الفريدة، وأوضح أن مدينة آسفي، الحاضرة الأطلسية العريقة، تفخر بتاريخها الضارب في عمق الزمن، وتشتهر بصناعتها التقليدية في مجال الخزف والفخار، كما تشتهر بمطبخها المتنوع ومناظرها الطبيعية الخلابة، حيث يلتقي المحيط بالتقاليد والحداثة، وأضاف أن آسفي مدينة للثقافة والانفتاح والضيافة، تجد في مونترو-فوليون شريكًا مميزًا تتقاسم معه نفس القيم

وشدد السيد البدوي على أن تجديد قسم التوأمة اليوم يعكس إرادة صادقة لمواصلة هذه المسيرة وتوسيع مجالات التعاون لتشمل الثقافة والتعليم والاقتصاد والرياضة والبُعد الإنساني، كما أن هذا التعاون ينسجم تمامًا مع الإرادة المعبر عنها على أعلى مستوى في البلدين من أجل تعزيز هذه العلاقة الاستثنائية وإبراز إشعاعها المشترك

وفي ختام كلمته، تقدّم بخالص الشكر باسم جماعة آسفي إلى السيد عمدة مونترو وفريقه البلدي، وإلى الجمعية الثقافية المغربية التي تساهم بحماس في ترسيخ هذا الرابط المتين، كما توجّه بالشكر لسعادة السفيرة المغربية في باريس ولسعادة القنصل العام للمغرب في أورلي على حضورهما الكريم، والذي يجسد عمق الصداقة بين المغرب وفرنسا، واختتم قائلاً: “عاشت الصداقة بين آسفي ومونترو-فوليون، ولتدم الصداقة المغربية الفرنسية”.

أما سعادة السفيرة سميرة سيتايل، سفيرة المغرب في فرنسا، فقد أعربت عن اعتزازها بحضورها هذه التظاهرة، معتبرة أن مونترو مدينة نابضة بالحياة تتعدد فيها الجنسيات والثقافات وتبرز فيها قوة التنوع في أجمل صوره، وقالت إن المغاربة والفرنسيين من أصول مغربية يضطلعون بدور أساسي في إثراء الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مؤكدة أن هذا الحدث يعكس وحدة التنوع التي تميز الشعب الفرنسي ويجسد في الوقت ذاته عمق العلاقات التاريخية والحيّة بين المغرب وفرنسا، وأضافت أن أبناء الجالية المغربية في مونترو يقدمون نموذجًا للاندماج الناجح والمواطنة الفاعلة، وهو ما يشكل مصدر فخر للمغرب كما هو مصدر اعتزاز لفرنسا

لقد كان حضور الشخصيات السياسية والديبلوماسية بارزًا في هذا الافتتاح، حيث اجتمع في مكان واحد عمدة مونترو ونائب رئيس جهة إيل-دو-فرانس، وسعادة السفيرة المغربية في باريس، والقنصل العام للمغرب في أورلي، إلى جانب وفود رسمية من آسفي والداخلة ومجموعة من الفاعلين الاقتصاديين والجمعويين

وفي ختام حفل الافتتاح، وقف الحضور احترامًا للاستماع إلى النشيدين الوطنيين للمغرب وفرنسا، في لحظة رمزية تجسد عمق الصداقة التي تجمع بين البلدين، وتعكس القيم المشتركة القائمة على الاحترام والتقدير المتبادل

واختتمت فعاليات الافتتاح بالإعلان عن برنامج ثقافي غني سيستمر على مدى أيام، إذ سيكون الجمهور على موعد مع عشرات الحرفيين والفنانين المغاربة الذين سيعرضون إبداعاتهم، إضافة إلى عروض الفانتازيا والفروسية التقليدية التي تضفي نكهة أصيلة على الأجواء، وحفلات موسيقية متنوعة تمزج بين الأندلسي والشعبي وأحواش وعيساوة وإيقاعات الأقاليم الجنوبية، في حين يضفي المطعم المغربي المؤقت بلمساته الذوقية أصالة إضافية على هذه الاحتفالية

وهكذا، جاءت أيّام المغرب 2025 لتؤكد أنها ليست مجرد تظاهرة ثقافية، بل رسالة إنسانية وحضارية تعكس عمق أواصر الصداقة المغربية الفرنسية وتجسد التعايش المشترك في إطار قيم الجمهورية والاعتراف بجذور كل فرد، مع بناء مجتمع محلي موحد ومتعدد في الآن ذاته

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق