
النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة دائما في مسير ة التحدي والاستمرار والوفاء بالمبادئ
من حق مناضلات ومناضلي النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، الافتخار بانتمائهم لها، لأن مجرد ولادتها في أواخر التسعينات من القرن الماضي، كان معجزة وتحديا للوبيات، التي لم تكن تعترف بالتعددية النقابية، في المشهد الإعلامي والصحفي الوطني .. ومن خانته الذاكرة، سيجد في ولادة النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، يوم 29 يناير 1999 بالدارالبيضاء، المنعطف الذي هز أركان من كانوا يعتبرون أنفسهم أولياء النعمة، وسدنة الفرعون في العمل النقابي، وقد كان للمؤسسين للنقابة، شرف استمرارها، وسيحفظ لهم التاريخ تلك الشجاعة والتمرد على كل الحواجز والقيود، التي كانت تحول دون ميلاد هذه النقابة، التي شكلت نموذجا طلائعيا، بالنسبة لمن كان في الساحة الإعلامية والصحفية على الخصوص، ولن تنسى الأمانة العامة للنقابة أبدا، هذا التحدي والجرأة، اللذين أبان عنهما المؤسسون، وبخاصة منهم الذين لا يزالون يحافظون على استمراريتها، وبما في ذلك الذين غادروها لظروف أكبر من إمكانياتهم، ولم يقووا على الصمود والمواجهة .. الذين كانوا يستعجلون موتها ونهاية وجودها، للأسباب التي يحتفظون لأنفسهم بها .. وها هي النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة إلى يوم الناس هذا، وفي ظل كل التحديات والإكراهات، التي تواجهها، لازالت تمثل الرقم الصعب في المعادلة النقابية الإعلامية في الوطن، رافعة أمام خصومها سلاح التحدي النقابي المسؤول، الذي لا يساوم على الانتهاكات والتجاوزات، التي تمس بحقوق المهنيين، مهما كانت الجهات المسؤولة عنها، والاشتغال على كل الجبهات لفرض وتكريس شرعية الممارسة الإعلامية المواطنة، في جميع مجالات التعبير عنها، ومواجهة كل المخططات الهادفة إلى تقليص المكاسب، التي يتمتع بها الصحافيون والإعلاميون على اختلاف مهنهم، من الصحافة المكتوبة حتى أرقى أدوات التواصل الإعلامي، والبحث عن ما يعزز قوة وظائفهم في الوطن، في أفق كسب رهان فرض سلطة الرأي العام، التي يمثلونها في كل وسائل الإعلام، وإبراز مقومات سلطاتهم الرابعة في المشهد السياسي الوطني
هكذا هي النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، التي ستظل النواة الصلبة للعمل النقابي الإعلامي الهادف، والمنتج والمتطور والمواطن، ولن يوقفها من يلهتون وراء تلميع وجودهم على حساب الآخرين .. ماضية في إنجاز كل البرامج التي تقررها مركزيا وجهويا، بفضل حماس مناضلاتها ومناضليها والمتعاطفين مع توجهاتها، وستبقى الحصن الآمن لكل من يرغب في الارتقاء بالمنتوج الإعلامي في الوطن بمواصفاته، التي تحترم أخلاقيات المهنة، والقواعد والقيم، التي توجه الإعلام المسؤول والديمقراطي والحداثي
إن ما يختاره أعضاء النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، بحرية واقتناع في كل مواقعهم النقابية، والمهام التي يمارسونها بتلقائية ونكران ذات، لا توجههم فيها القيم النفعية والسلطوية الفاسدة، كما هو حال مشهدنا النقابي والحزبي في النماذج التي لم تمارس النقد والنقد الذاتي، وتطوير تجاربها حتى الآن، والتي تعتبر النخب التي يتحكم فيها المصدر الوحيد للحركة والفعل والاجتهاد، مع أنها مجرد نخب مكلفة بهذه المهام، وليست منزهة عن النقد والمحاسبة على التقصير في القيام بهذه المهام المتاحة للجميع، وفق المنظومة القانونية، التي يخضع لها الجميع، بعيدا عن الأنماط المختلفة، التي تمنع المحسوبين عليها من الارتقاء لوعيهم وسلوكهم في الأداة التنظيمية، التي يريدون أن تكون معبرة عن المشروع الذي يتطلعون إلى بنائه في محيطهم الاقتصادي، والسياسي والاجتماعي والثقافي، لأن التنظيم النقابي أو الحزبي أو السياسي العاجز على تمكين المنتسبين إليه من القدرة على الحركة والقول، والاجتهاد والإبداع، لا يجب أن يدافع عن هوية وجوده، وعن التصور الذي يريد تكريسه في المجتمع، ولا أمل في مستقبله إن كان سيكرس الثقافة التنظيمية السائدة، وهذا ما يجب أن تكون عليه الممارسة السياسية، أو النقابية أو المدنية النزيهة
ناهيك، عن أن منهجنا النقدي والتنويري في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، الذي يفتح لنا الأبواب المغلقة، ويفضح المسكوت عنه في كل الموضوعات والقضايا، التي ندرسها، أو تلك التي نكون ملزمين بالتعبير عن مواقفنا فيها، سواء التي تخص المشهد الإعلامي أو النقابي أو السياسي أو الثقافي أو المدني، وحتى الاجتماعي، والتي نحرص دائما على بذل المجهود التحليلي الذي تتطلبه، مع التأكيد على شرعية موقفنا النقابي المستقل اتجاهها، بعيدا عن الابتزاز والاستفزاز، الذي لا يخدم أي أحد، ودون السقوط في لغة المزايدات الرخيصة، التي تؤثر على قوة مواقفنا أو قراراتنا، ودون اللجوء إلى المناورات، التي تضر بشرعية المواقف المتخذة حولها أيضا
مرة أخرى .. نؤكد، أن ميلاد نقابتنا فرضه الواقع المرضي، الذي كان عليه العمل النقابي في المشهد الإعلامي خلال سنوات التسعينات، وكرسته إرادة الضمائر الحية، التي كانت تبحث عن الأسلم والأرقى في الممارسة النقابية، التي تمكن الصحافيين والإعلاميين على اختلاف مواقعهم من تحصين حقوقهم، وتعبيد الطريق أمامهم لتحسين أوضاعهم، وترجمة طموحاتهم المشروعة في التطور والرقي في القطاع
لن تفوتنا الفرصة اليوم بمناسبة هذا المقال الذي نذكر به مناضلات ومناضلي النقابة، دون أن نترحم على أرواح الزملاء الذين شاركونا هم التأسيس خلال العشرية الأخيرة من القرن الماضي، الذين رحلوا عن عالمنا إلى دار البقاء .. الذين لم يتخلفوا عن البقاء في صفوف النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، ولهم منا استمرار الوفاء على المبادئ، التي تجمعنا في هذه النقابة العتيدة، وسنظل على الاختيار الذي آمنا به جميعا، وتلك هي الرسالة التي ينقلها المناضلون لبعضهم البعض، مهما كانت الظروف والتحديات التي تواجههم