أحداث دوليةأخبارمتفرقات

الجالية المغربية تدعو للحوار والإصلاح وسط غضب الشباب والفوضى بالمغرب

 

      فرنسـا – عبد الرحيم مالكي

تشهد الساحة المغربية هذه الأيام موجة من الاحتجاجات الشبابية غير المسبوقة، حيث خرج آلاف المواطنين في مختلف المدن للتعبير عن مطالب اجتماعية واقتصادية ملحة، تتعلق بالتعليم والصحة والتشغيل والعدالة المجالية .. هذه التحركات، التي تعكس صرخة شباب يرفضون التهميش ويطالبون بمستقبل أفضل، تأتي في وقت يضع فيه جلالة الملك هذه القضايا على رأس الأولويات الوطنية .. مؤكدًا ضرورة إصلاحها عاجلًا لضمان استقرار الوطن وصون كرامة مواطنيه

الجالية المغربية بصفة عامة عبرت عن تضامنها مع هذا الحراك السلمي .. مشيرة إلى أن التعبير الحضاري عن المطالب يعكس وعيًا جماعيًا بضرورة الإصلاح، ومبدية تخوفها من أن يؤدي تجاهل المطالب إلى تعميق الهوة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، مؤكدة أن معالجة الأزمة تقتضي إصلاحات ملموسة تعيد الاعتبار للكرامة الإنسانية وتضع الشباب في صلب السياسات العمومية

عدد من أبناء الجالية شددوا على أن المغرب يزخر بطاقات بشرية كبيرة، لكنها غير مستثمرة كما يجب، وهو ما يجعل توفير فرص فعلية للشباب ضرورة ملحة لفتح آفاق جديدة للتنمية، واعتبروا أن الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا في بيئة يسودها الثقة والشفافية، تسمح بالمشاركة الفعالة للجميع

في المقابل، شهدت بعض المدن أحداثًا مؤسفة ارتفعت خلالها وتيرة الفوضى، وأسفرت عن وقوع ثلاث وفيات وإصابة المئات، إضافة إلى أضرار مادية جسيمة شملت ممتلكات عامة وخاصة، بما فيها سيارات القوات العمومية وسيارات المواطنين، وأعمال تخريب ونهب طال العديد من المرافق الإدارية والصحية والمحلات التجارية .. هذا الوضع أكد على خطورة تطور الاحتجاجات وعدم التعامل معها بسرعة ومسؤولية، ما يفرض على السلطات معالجة الوضع بحزم مع حماية الأرواح والممتلكات

وبصفتي مراسلًا لجريدة المستقلة بريس الإلكترونية في فرنسا، أجريت مكالمات مع عدد من الفاعلين والمختصين، الذين أدلوا بوجهات نظرهم حول الأحداث الأخيرة

وفي هذا السياق، شدد عمر المرابط، الخبير في العلاقات الدولية، على أن مصلحة الوطن يجب أن تبقى فوق كل الاعتبارات الضيقة، محذرًا من أن تأجيج الفوضى يزيد من الاحتقان ويهدد الأمن والاستقرار، وأكد أن المسؤولية السياسية والأخلاقية تفرض فتح قنوات تواصل جادة والاستجابة للمطالب المشروعة بشكل يضمن الأمن والاستقرار الوطني

أما الأستاذ الجامعي وخبير الإحصاء ميمون اليازيدي، فقد أشار إلى أن حركة الاحتجاج الشبابية “جيل زد 212″، التي انطلقت منذ 27 سبتمبر 2025، تمثل صرخة مشروعة للشباب تطالب بتحسين الخدمات العامة ومكافحة الفساد وتعزيز الحكم الرشيد، وأضاف أن التنظيم الكبير للحركة عبر وسائل التواصل الاجتماعي يعكس وعياً جماعياً .. معربًا في الوقت نفسه عن القلق من انضمام بعض المشاغبين الذي أدى إلى أعمال عنف وتخريب، مؤكدًا أن معالجة الأزمة تتطلب حوارًا جادًا وإصلاحات حقيقية تلبي تطلعات الشباب وتعيد الثقة بين المواطنين والدولة

ومن موقعه كإعلامي مقيم ببلجيكا ومتواجد حاليًا بالمغرب، ندد حسن مقرز بشدة بأعمال الشغب والاعتداءات التي طالت الممتلكات العامة والخاصة، معتبرًا أن هذه السلوكات تتنافى مع قيم السلم والتعايش التي تميز المجتمع المغربي، وتسيء إلى صورة الوطن في الداخل والخارج، ودعا السلطات إلى اتخاذ التدابير القانونية لحماية الأرواح والممتلكات، بالتوازي مع ترسيخ ثقافة الحوار والاحترام المتبادل باعتبارهما السبيل الأمثل لتجاوز الخلافات

من جهتها، دعت نجاة الݣادوم، المهندسة المقيمة بباريس، إلى التهدئة مؤكدة أن الغضب الشعبي مشروع لكنه لا يبرر العنف أو التخريب، مشددة على أن الأزمة الحالية نتاج تراكم سنوات من الإهمال في مجالات التعليم والصحة والحكامة، وأن المطالبة بالعدالة تعني البناء والحوار واحترام القوانين والممتلكات العامة، مع التأكيد على ضرورة إعادة التعليم والصحة إلى قلب الأولويات الوطنية وتحمل المسؤولية المشتركة من السلطات والمجتمع والأسر والشباب

وفي ختام المواقف، توجهت الجالية المغربية بنداء عاجل إلى جميع الأطراف لتحكيم العقل والهدوء، داعية الحكومة والمحتجين على حد سواء إلى الانخراط في حوار جاد ومسؤول لإيجاد حلول توافقية تعالج المطالب المشروعة للشباب، وشددت على أهمية إشراك المواطنين والجالية المغربية بخبراتهم وتجاربهم في ورش الإصلاح الوطني، لضمان تحقيق مغرب أكثر عدالة واستقرارًا وتماسكًا، وحماية مستقبل الأجيال القادمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق