غير مصنف

فعلا فشلتم يا أحزاب اليسار في الإنصات للرأي الآخر ..!

ALYASSAR 1

من المحتمل أن تكون أحزاب اليسار قد استوعبت الدرس وبدأت تؤمن بضرورة الإنصات إلى من يختلفون معها داخل أحزابها وخارجها، وإن فعلوا فسيكون اعتبار ذلك خطوات نقدية في مستوى التراجعات التي أصابت هذا اليسار في العشرية الأخيرة، وستساهم إن كان اللجوء إليها في إطار محاسبة الذات على الأخطاء، و وضع هذه الأحزاب أمام مسؤولياتها التأطيرية والنضالية الحقيقية، أما إذا كان اللجوء إليها لذر الرماد على العيون، وتخفيف الضغوط التي تعاني منها بعد تقلص قواعدها، فهذا سيضاعف من متاعبها في الاستحقاقات القادمة، إن لم يكن قد ساهم في القضاء على ما تبقى لها من مصداقية وسط المجتمع.
لايهم من سبق الآخر في الاعتراف بالقصور من أحزاب اليسار، فالجميع في سلة واحدة فيما يخص الظواهر المرضية التي أصبح عليها هذا اليسار الذي أضحى باهتا وعاجزا حتى على إقناع مناضليه، فبالأحرى عموم المواطنين، الذين كانوا يصوتون على مرشحيه وبرامجه الانتخابية .. ونعتقد في جريدة المستقلة بريس، أن هذا التوجه إن كان صحيحا في سلوك قيادات اليسار فسوف يكون له مفعول على توجهات الناخبين إذا ما أحسن هذا اليسار التعامل مع تطلعاتهم وانتظاراتهم، وإذا ما راهن على الاستئناس بانتقاداتهم واقتراحاتهم في الاستحقاق التشريعي المقبل.
إن نقد الذات يقويها ويساعد على معرفة جوانب النقص والمرض الذي تعاني منه، وإذا ما لجأت أحزاب اليسار إلى ذلك فستكون قد عرفت وجهتها والتقليص من نسب الرفض الشعبي والجماهيري لخطابها وبرنامجها الانتخابي، الذي كان في الحملات الانتخابية الأخيرة مجرد شعارات للتسويق والدعاية لما لاتملكه هذه الأحزاب في اليسار الذي وصل إشعاعه في التجمعات السكنية الكبرى إلى الحضيض حتى من عموم المواطنين، الذين كانوا يتعاطفون معه قبل دخوله إلى حكومة التناوب الأولى، التي لم يعرف كيف يستثمرها لصالحه بالوسائل المتاحة أمامه.
ليسمح لنا قادة اليسار اليوم بالقول، أنهم فشلوا في إدارة الصراع الطبقي والإيديولوجي، وأنهم فقدوا حتى المعرفة البسيطة بالأهداف المتوخاة من مشروعاتهم الحقيقية التي أصبحت المساحيق عاجزة على تجميلها وإبراز عناصر القوة في مضامينها وصياغاتها الإيديولوجية، وليكن هؤلاء صرحاء مع أنفسهم اتجاه الأخطاء التي ارتكبها مناضلو أحزابهم، فحجم الخسائر كارثي على جميع المستويات إلى الدرجة التي أصبح فيها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مجرد حزب شبح في أكثر المدن التي كانت له فيها قواعد عمالية وجماهيرية كبيرة، أما باقي أحزب اليسار حتى التي تملك قواعد عمالية نقابية فلا حاجة إلى تذكير قياداتها بمدى الفجوة التي أصبحت تتسع بينها وبين قواعدها والجماهير الشعبية في هذه المناطق.
فعلا، إذن، فشلتم يا أحزاب اليسار في الإنصات إلى الرأي الآخر المساعد على إغناء تصوراتكم، وعليكم النزول من الأبراج العاجية التي تنظرون منها.
لن نكون بالقساوة التي تحللون بها الواقع المرحلي الذي توجدون فيه ولا تحسدون عليه، ويكفي من ينظر منكم لهذه المرحلة أن يستوعب دروسها، فربما يراجع تصوراته الحالية وتحليلاته المتجاوزة في هذا الواقع المعيشي السائد الذي أصبح أكثر تقدما منكم على مستوى التحليل والتفكير .. ونظن أن كل الشروط متوفرة لنقد الذات، وتغيير المسار والرؤيا، إن كنتم تؤمنون بالتحليل الملموس للواقع الملموس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق