أخبارمجتمع

حتى تساهم مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مكافحة الفقر والهشاشة

1000504

مع تضخم تكاليف مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أضحى الحلم التنموي ممكنا في ظل توسع العمل بها جغرافيا ومجتمعيا، حيث أصبحت المؤسسات المعنية بها وبرمجتها وتتبعها تغطي كل التجمعات السكانية الكبرى في الوطن، إلا أن هذه النتائج لم تتمكن من احتواء الفقر المتنامي والهشاشة التي تتمدد في كل الفئات الاجتماعية، مما يفتح المجال لطرح الأسئلة التي يرفض المشرفون على هذه التنمية البشرية الإجابة عنها.

نحن في المستقلة بريس، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نقدر عاليا كل ما بذل حتى الآن في مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ونعتبر أن حجم الخصاص والانتظار في مشاريعها لا يتناسب والمرصود لها حتى اليوم، لكن اختيار المشاريع ومتابعتها لم يكن بنفس الأهداف المواطنة والتنموية المتوقعة منها .. فتكليف الأقسام الاجتماعية والاقتصادية بالعمالات والأقاليم بمهمة انتقاء مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أصبحت من بين أهم مجالات تدخل الدولة لمحاربة الفقر والهشاشة، وإيجاد فرص الشغل والدخل بالنسبة لعموم المواطنين الذين يواجهون الفقر والإقصاء في المجتمع، يوضح أن هذا التدخل لم توجهه مرجعية التنمية الأممية الهادفة إلى احتواء الفقر عبر مشاريع حقيقية لمحاربة الفقر والبطالة، حيث تم تمرير المشاريع التي لاتمتلك الشروط الدنيا لخدمة الأهداف التنموية التي تقوم عليها، والتي لا يتم إنجازها لصالح الفئات الاجتماعية التي تستهدفها، حيث أصبحت هدفا لمن يريدون تحويلها إلى مجالات لنهب المال العام والنصب على ضحايا الفقر والهشاشة، خاصة في الوسط الحضري .. والوقفة الاحتجاجية التي نظمها مؤخرا الباعة الجائلين بحي عوينة الحجاج بمدينة فاس تعد النموذج الحي، حيث احتج المشاركون في الوقفة بشدة على أسلوب الإقصاء الذي تعاملت به معهم السلطة المختصة، مستنكرين في ذات الوقت حرمانهم من الإدماج ضمن لائحة المستفيدين من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

ALMOUBADARA

إن مشاريع التنمية البشرية التي توجهها أهداف حقيقية واضحة لمحاربة الفقر والهشاشة كانت إرادة المجتمع الدولي عبر هيئاته الأممية هي المستعدة على محاربة الفقر والهشاشة والإقصاء الاجتماعي في الدول النامية التي لم تتمكن من تدبير أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية بعد استقلالها، وعجزت نخبها على بلورة برامج التنمية التي توفر العيش الكريم لأغلبية سكانها، الذين عمقت الفوارق الطبقية ومخلفات المرحلة الاستعمارية وتشوهات سياسات حكوماتها الوطنية في عدم الارتقاء بحياة شعوبها التي لم تتمكن من تأمين الخدمات الأساسية الموجهة لها، فبالأحرى ضمان انخراطها في اقتصادياتها المختلفة التي تضاعفت أزماتها البنيوية في ظل عولمة رأسمالية السوق الحرة، التي تحتكر مشاريعها مقابل تعويضات لا ترقى إلى ضمان حاجيات سكانها، الذين ارتفعت نسب الفقر والبطالة والهشاشة في صفوفهم، خاصة المحسوبين على الفئة الشعبية المقهورة في هذه المجتمعات الحديثة الاستقلال.

إن الأرقام المعلنة في الفقر والهشاشة في كل الدول النامية تؤكد على تواضع نسب نجاح برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، رغم امتلاك مؤسساتها التي تعنى بانتقاء المشاريع وتتبعها وسط هذه الفئات الاجتماعية الهشة والفقيرة .. وفي مجتمعنا المغربي المعني بهذه الدراسة، لا يزال أكثر من 40 %، من المغاربة تحت عتبة الفقر، وأكثر من 26 %، يعانون من البطالة، ولا تزال السياسات الحكومية التنموية عاجزة على تحقيق نسب النمو الكفيلة باستئصال الفقر والبطالة في المجتمع المغربي، رغم ارتفاع تمويل مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي للأسف لا يعمل المرصد الوطني للتنمية البشرية على رصد اختلالاتها وتدني خدماتها وسط الفئات الاجتماعية التي تعاني من الفقر والهشاشة في المجتمع، خاصة في الوسط الحضري.

إعلانك معنا

أصبح من غير المعقول عند بعض المحسوبين على المجتمع المدني المستهدف من مشاريع التنمية البشرية فتح النقاش الوطني المسؤول حول هذا الورش الذي يستهدف محاربة الإقصاء والهشاشة، حتى لا يتابع المجتمع ما يجري في هذا المجال الذي ارتفعت أسهم أهدافه التنموية، في الوقت الذي لا يوجد الشعور بالمسؤولية اتجاه التباين في حجم المشاريع والنتائج التي تم تحقيقها حتى الآن، مع أن التنمية البشرية منذ انطلاق مشاريعها كان الهاجس هو إضفاء المصداقية على مشاركة منظمات المجتمع المدني المشاركة في مشاريعها، والعمل على توسيع المجال الخدماتي الذي تقوم به لصالح الفئات الاجتماعية التي تستهدفها برامجها، سواء في الوسط الحضري أو القروي منذ شروع المؤسسات الدولية المانحة في القيام بواجبها اتجاه الكثير من الشعوب التي تعاني من الهشاشة والإقصاء.

لن نبالغ في أن مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لازال بإمكانها أن تحاصر تمدد الفقر في طبقات المجتمع المغربي، وأن تحد من الهشاشة والإقصاء الذي يعاني منه السواد الأعظم من فقراء الوطن، وأن نجاحات التنمية التي تتحقق في الوسط القروي يمكن الاستئناس بها لرفع التحدي لتحقيق نسب النجاح في الوسط الحضري، إذا تم إخضاع برامج المبادرة للنقاش المجتمعي، وتم خلق آليات المراقبة والافتحاص للمشاريع للوقوف على نتائجها، والمراجعة الدائمة للجن المعنية بانتقاء المشاريع، وتحويلها للحد من تدخل اللوبيات التي تلهث وراء المال العام بجميع الوسائل المتاحة أمامها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق