أخبارملفات و قضايا

من أجل النموذج التنموي المنتج للثروة وفرص العمل والمضاد للانتهازيين

الال

شهد افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرةـ، إعلان جلالة الملك محمد السادس نصره اللـه، على ضرورة إعادة النظر في النموذج التنموي، لاحتواء الفوارق المجالية والاجتماعية، مما يفسح المجال أمام كل الأطراف المعنية بالتنمية والحكامة إلى أن تضاعف جهودها في اختيار المشاريع التنموية الكفيلة بالاستجابة لمطالب الشرائح الاجتماعية، خاصة الطبقات الشابة المعطلة في الوسطين الحضري والقروي لتحقيق الاستثمار المنتج والمواطن، واحتواء الأمراض والمعوقات التي تحول دون تحقيق التنمية المستدامة والحكامة الجيدة التي يسوق لها الجميع.

إن النموذج التنموي الذي ظل مجرد شعار للاستهلاك في الخطاب الحكومي، حتى قبل افتتاح الدورة التشريعية الجديدة، وموضوعا للنقاش المجتمعي بدون تحديد لمضمونه وأهدافه ومجالات طبيعته، يمكن على ضوء توجيه صاحب الجلالة أن يكون واقعا حقيقيا من خلال مساهمة الحكومة والمجالس الجهوية والجماعية والقطاع الخاص المواطن كشريك أساسي و وازن في التنمية في جميع مجالاتها .. ونظن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن مجرد توجيه أنظار البرلمانيين إلى ضرورة إعادة النظر في النموذج التنموي يعتبر صفعة قوية، ورسالة إلى من يهمهم الأمر من البرلمان ومسؤولي ومناضلي الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني والحكومة وأغلبيتها المعنية بالشأن العام من خلال مهامها في المجالس الجهوية والجماعية، حيث يتضح أنها وصلت إلى الباب المسدود في ترجمة برامجها الانتخابية، التي وصلت بها إلى تدبير هذه المؤسسات كأغلبية أو تحالف ائتلافي .. وأن ثلاث سنوات من ولاية الحكومة الحالية لم تنتج شيئا يعزز صلاحية وصواب وفعالية وقوة برامجها الانتخابية.

حان الوقت إذن، من خلال التوجيه الملكي السامي للبرلمانيين بضرورة إعادة النظر في النموذج التنموي الذي اعتمد خلال ثلاث سنوات، وأن المغرب بلد الفرص وليس بلد الانتهازيين، ويجب أن يتجه مشروعه إلى خلق طبقة وسطى في الفلاحة باعتبارها النشاط الأساسي لسكانه على غرار الطبقة الوسطى في القطاعات الخدماتية والإنتاجية الأخرى، وأن يكون هذا النموذج التنموي كفيل لإنتاج الثروة عبر تحقيق العدالة في توزيعها وخلق فرص العمل المتاحة في كل القطاعات، ومنها قطاع الفلاحة الواعد والانتقال به إلى أن يحقق الاكتفاء الذاتي، وأن يصبح قطاعا مصدرا لفائض الإنتاج الذي يمكن أن يحول الوطن إلى قطاع اقتصادي قوي في الفلاحة التسويقية خلال مدة قصيرة، نظرا لامتلاكه لكل المؤهلات الطبيعية والبشرية التي يحتاج إليها قطاعي الزراعة وتربية الماشية.

الرهان إذن على النموذج التنموي لا يحتاج من الحكومة وأغلبيتها في هذا الوقت المتبقي من ولايتها إلا فتح الحوار المجتمعي المحلي والجهوي والوطني لتسريع البحث والدراسة للمشاريع التي يمكن عن طريقها إنتاج الثروة وخلق فرص العمل، ومن شأن ذلك خلق مناخ التنافسية بين المؤسسات المعنية بالتشريع على جميع المستويات، سواء في الوسط القروي أو الحضري، إن كانت الحكومة مستعدة للاستفادة من التوجهات التي تتلقاها من جلالة الملك باستمرار في جميع المناسبات.

إن ما عبر عنه جلالة الملك حول الحاجة إلى طبقة وسطى في افتتاح السنة التشريعية الجديدة، يتطابق وما عبرنا عنه في مقالاتنا المنشورة في جريدة المستقلة بريس الإلكترونية، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، عن أهمية الفلاحة في اقتصادنا الوطني من خلال المؤهلات الطبيعية والمناخية والبشرية الملائمة ودور الفلاحة التاريخي والمعاصر في الاقتصاد الوطني، بالنظر لأهميتها في التشغيل الموسمي والسنوي، بالمقارنة مع باقي الأنشطة الأخرى في اقتصادنا الوطني، وهذا ما يقتضي من وزير الفلاحة بالأساس أن يسارع إلى طرح مشاريعه ومخططات للتوسع في الأنشطة الزراعية وتربية الماشية والصيد البحري، التي يمكن أن تعوض الوطن عن الإخفاق الذي لا يزال يصاحب باقي الأنشطة الصناعية والتجارية والخدماتية من حين لآخر.

إن مشروع النموذج التنموي الذي وقف عنده جلالة الملك في افتتاح السنة التشريعية، يمكن أن يشكل قاطرة للنهوض باقتصادنا الوطني الذي يمتلك الفرص المؤهلة للتنمية والحكامة، وليس وطن للانتهازيين الراغبين في الإبقاء على الفوارق الاجتماعية والمجالية التي فشلت جميع الحكومات السابقة في احتوائها، وتقليص تداعياتها على واقع المغاربة، خاصة الفقراء والعاطلين منهم، منذ استقلال المغرب .. ولعل توجيه أنظار الهيئات السياسية إلى مهامها التأطيرية والتأهيلية سيمكن الوطن من حسن استثمار موارده الطبيعية والبشرية في عملية التنمية المستدامة التي يتطلع إليها جميع المغاربة اليوم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق