أخباركلمة النقابة

ما هذا التضامن الحكومي لفرض المزيد من القوانين الزجرية والتحكمية في المشهد الصحفي والإعلامي ..؟

1

في الوقت الذي ينتظر فيه الصحافيون والإعلاميون بالمغرب من البرلمان مراجعة القوانين الجديدة للصحافة والنشر، التي صاغها وزير الاتصال مصطفى الخلفي، والتي يشرف المجلس الوطني للصحافة على تكريسها بدون الإجماع الوطني حولها، والتي أقرتها حكومة بن كيران، وشُرع في تنفيذها في عهد الدكتور سعد الدين العثماني، والتي تقدمت النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة بمذكرة حولها قصد غربلتها من الأخطاء التي شابتها، تغامر اليوم هذه الحكومة المصونة في نسختها الثانية، من خلال وزارتيها في الداخلية والعدل مرة أخرى، ودون استشارة مع الفاعلين المهنيين، بإقرار قوانين جديدة تحد من ما تبقى من المكاسب التي يتمتع بها الفاعلون، حيث قرر وزير الداخلية منع المحسوبين على الصحافة المستقلة من الخروج في الفترة الليلية خلال شهر رمضان الكريم لهذه السنة، بمبرر الحجر الصحي الذي يلتزم به الجميع .. لكن، بتدخل جلالة الملك محمد السادس حفظه اللـه، عقب احتجاج المهنيين على هذا القرار التنظيمي، تم التراجع عنه .. ولكن، الطامة الكبرى التي قام بها وزير العدل، المحسوب على الاتحاد الاشتراكي، والمتمثلة في تقديم مشروع قانون رقم 22.20 المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة ضد الحرية الممنوحة لنشطاء التواصل الاجتماعي، والذي صادق عليه بشكل أولي مجلس الحكومة خلال اجتماعه المنعقد يوم 19 مارس المنصرم، والذي سوف يتم عرضه على البرلمان للمصادقة النهائية في هذه الدورة الربيعية لايمكن السكوت عنها.

إن هذا التحالف الحكومي الحالي الذي لم يعد يقبل بالمهام التي تقوم بها الصحافة والإعلام، يوضح حقيقة رهان الحكومة على إنهاء ولايتها بالمزيد من قوانين الوصاية والتحكم في المشهد الصحفي والإعلامي، الذي استطاع العاملون فيه بما فيهم نشطاء التواصل الاجتماعي العمل على التكريس الفعلي لما جاء في دستور 2011، الخاص بحرية الصحافة والحريات العامة، وكافة الأعراف والقوانين الدولية ومقررات المنظمات الأممية ذات الصلة .. خصوصا، بعد تضخم انخراط المغاربة في استخدام الوسائط التقنية الإعلامية وحسن استخدامها في بسط نفوذ الرأي العام المواطن والمستقل، سواء في مساءلة الحكومة، أو في رفع وعي المغاربة بحقوقهم و واجباتهم، أوفضح كافة المنوئين لتحرر ودمقرطة وعقلنة الشأن العام الوطني.

إن ما يثير الشفقة في هذه الاجتهادات الحكومية الجديدة، هو عدم استفادتها من المبادرات الملكية الشجاعة التي تصحح أخطاءها والإجراءات التي تلجأ إليها دون وجود الحوار والتوافق المجتمعي حولها .. والأخطر حينما تكون مبادراتها من قبل المحسوبين على الصف الوطني الديمقراطي والنقدي، الذي لم يراع فيه وزير العدل آثاره على سمعة الاتحاد الاشتراكي، الذي كان نصيرا قويا لحقوق الإنسان وتكريس دولة الحق والقانون، ودمقرطة المجتمع والاقتصاد والدولة .. وفي انتظار مراجعة الحكومة لما تنوي فرضه على الصحافة والإعلام، نؤكد في الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، على تمسكنا المعبر عنه في ملفنا المطلبي، المتعلق بإصلاح المنظومة القانونية الجديدة، وصيانة الحقوق الدستورية، وما وافق عليه المغرب من اتفاقيات في هذا المجال.

إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، بقدر ما نحرص على الحرية والمهنية في الصحافة والإعلام، متمسكون بأولويات تجسيد ذلك في العمل الصحفي والإعلامي المسؤول الذي يحترم شروطه المهنية والقانونية والدستورية، التي تمكن امتلاك الفاعلين ونشطاء التواصل الاجتماعي للمؤهلات المهنية والضرورية التي تسمح بإنتاج وصياغة العمل الذي يحقق أهدافه الإخبارية، أو التنويرية، أو النقدية المسؤولة، دون استهداف للمتلقي ولقيم المجتمع وحرمة قوانينه، ولا يساوم ولا يغازل على مصالح الوطن العليا، وعلى هويته الاجتماعية والثقافية والحضارية، وعلى حاجات المواطنين إلى الحرية والعدالة والحكامة في تدبير شانهم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والثقافي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق