أخبارمنبر حر

التداوي بالانتخابات ..!

ذ. عبد اللـه عزوزي

الفكر ابن بيئته .. ولأننا في زمن الأوبئة، و المسارات الموبوءة، فإن هذه التدوينة، و كما هو جلي من خلال عنوانها، ستحاول أن تُبرز كيف أن “الانتخابات”، لم تعد قط وسيلة (كما يفترض فيها أن تكون من أجل تطوير الديمقراطية و تجديد النخب، و خلق التنمية، و الوصول إلى مجتمع الحرية و المساواة، و الفرص، و العيش في الكرامة الكاملة، و السعي وراء السعادة التي تضمن الصحة النفسية و البدنية و أمد الحياة الذي يسمح بالمساهمة في التنمية و الاقتصاد ..)، بل غاية يكون الهدف منها و فيها هو الظهور على شكل وصفة سحرية لتضميد الجراح  و تهدئة الآلام، وتمديد الآمال .. بعدما تكون قد بلغت القلوب الحناجر، واسودَّ سجل القائمين على أمور الناخبين بالسوء و النصب، و الظلم، و الكذب، و (الطنز)، و الاستغلال، و السرقة، و تهريب الثروات

و لأن نفسية المواطن تكون قد بلغت هذه الدرجة من الضيق و اليأس، فإن بروز خطاب يدغدغ العواطف و يرسم الأحلام و الوعود بالألوان البنفسجية سرعان ما يلتف على عنق المواطن – خاصة ذاك الذي يكون كمشروع ناخب – كما تلتف أفعى الأناكوندا حول فريستها، مع اختلاف في الدوافع و تطابق في المآلات طبعاً، بين الذي يمشي على اثنين و بين التي تزحف..

و كما هو الحال في زمن الأوبئة الجديدة أو الطارئة، فإن ظاهرة النصابين و المدلسين الذين يدعون امتلاكهم للدواء/الشفاء (أو اللقاح) تطفو على السطح في محاولة ليس لها من تفسير آخر سوى رغبة هؤلاء في استغلال الوضع و صناعة الثروة .. و لعل معظمنا مازال يتذكر الأسابيع الأولى التي رافقت وصول فيروس كورونا إلى المجتمعات المتخلفة، و كيف امتلأت مواقع التواصل الاجتماعي و مواقع الأخبار الرسمية (يا حصرتاه ..!) بأشباه المشعوذين الذين يدعون أمام عدسات الكاميرات (و أمام تصديق الواقفين من خلفها من جهة، و المشاهدين من الضفة المقابلة من جهة ثانية)أنهم توصلوا لاكتشاف لقاح كوفيد-19 حتى قبل مختبرات موديرنا و فايزر و جونسون أند جونسون .. أنا شخصيا لن أنسى وجها عربيا بملامح َ شرق أوسطية غطت طلاسيمه قناة هسبريس و ظهر بمحلولين (دوائين) في قنينتين مختلفتين يعودان لشركة المياه “آل علي ..!”، واحدةٌ مُخصصةٌ –كما قال الذي قال عن نفسه دكتوراً و هو يلتمس الترخيص من وزارة الصحة-للمرضى العاديين، و الثانية لذوي داء السكري!!فلست أدري كيف ينسى المواطن خُدع خماسيات و سداسيات أمس، فيسارع بكل بلادة، و تحت تأثير هرج الاستبلاد، إلى الاعتقاد من جديد أن الانتخابات (على الطريقة المغربية)هي الدواء السحري لكل أمراضه و عاهاته، و هو الذي ظل يعلقها كالتميمة في عنقه من المهد إلى اللحد .. نعم، ينسى خدعة الأمس  فيصدّقُ بسرعة خدعة اليوم ..! فلا يتوانى في تجديد الثقة والسير في ركب ومواكب من سلبوا منه كل شيء .. سلبوا منه الطاقة .. الأمل والحقوق، وحتى المسلم به من المكتسبات، بل مستقبله ومستقبل ذويه ومحيطه بشكل شامل وكامل ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق