أخباركلمة النقابة

الصحافة المغربية بين مطرقة القانون الجنائي وسندان حرية التعبير ..!

 

في الوقت الذي يكثر فيه الحديث عن حرية الرأي والتعبير، واحترام حقوق الإنسان .. وفي الوقت الذي نسمع أن حرية الصحافة مضمونة بقانون، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية

في هذا الوقت بالذات، نجد أن القضاء المغربي يعود إلى تطبيق القانون الجنائي في قضايا النشر، وهذا في نظر أهل المهنة يعد محاولة لإسقاط قانون الصحافة والنشر، ويندر بالتراجع عن كل الضمانات التي يقرها القانون على علاته .. وهكذا، فان الصحافي المغربي أصبح في بلده يعامل بإهانة لا مثيل لها، ويمارس عليه تضييق يخنق أنفاسه ويحد من تحركاته، حتى باتت أمة الصحافيين تشعر بأنها غير مرغوب فيها تحت سماء هذا المجتمع، ولم يعد وجودها ضروريا

وفي هذا الوقت أيضا، أصبح خدام مهنة المتاعب مقتنعون أكثر من أي وقت مضى بوجود يد خفية تسعى إلى تكميم الأفواه وشل الحركة، وهذه في حد ذاتها طامة كبرى وخيمة العواقب

وحتى لا يذهب قلمنا بعيدا، ونكتب ما لا يعجب مسؤولينا -الذين نريدهم أن يكونوا- مسؤولين محافظين على المبادئ الإنسانية، وحراسا آمنين يحمون حقوق الإنسان التي بحمايتها تحمى حقوق الصحافة والصحافيين، ويحافظون بالتالي على المكتسبات التي حققها رجال الإعلام بفضل النضال والكفاح المستميت، لامسؤولين على إعطاء الأوامر الصارمة بسجن وتحميل الصحافيين ما لايطيقونه من غرامات و تعويضات .. و .. الخ

لهؤلاء المسؤولين نقول: أن المشهد الإعلامي السائد يعرف أحداثا أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها لا تليق بمكانة المغرب الحديث فحسب، بل هي فاجعة بكل المقاييس، وتوحي بعودة حليمة إلى عادتها القديمة .. وكنا نتمنى، أن لاتلجأ الحكومة المغربية إلى سياسة القمع الذي ولى زمنه، وأن لا تسوق الزملاء الصحافيين إلى السجن والحكم على بعضهم وفقا للقانون الجنائي، بدل تطبيق قانون الصحافة، وكأنهم من عناصر العصابات المتاجرة في المخدرات، أو من القتلة الذين يسفكون دماء العباد

إذن، لايختلف اثنان على أن هذه المحاكمات، جديدها وقديمها تبعث على القلق الذي بات ينتاب الجميع .. وخصوصا، أن هؤلاء الصحافيين ليس لهم مشاكل مع الوطن، سوى أنهم يريدون إطلاع الرأي العام الوطني على ما يدور حوله، حرصا منهم على مصداقية الإعلام وجعله مواكبا لما يشهده ميدان الاتصال من تطورات، وما يتطلبه الوضع الحالي للبلاد، وما يسعى إليه المواطن المغربي الذي يريد الوصول إلى إعلام حر يقترب من اهتماماته

ونعتقد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أننا متفقون على وجوب تفعيل الإجراءات التي تتخذها الدولة بهدف المحافظة على أمن وسلامة المغرب، و وضع اليد على العناصر المسيئة التي تعمل على خلق حالات الفوضى وعدم الاستقرار .. لكن، من الواجب أيضا أن يبقى احترام حقوق الناس، والحفاظ على الكرامة نهجا ثابتا ومستمرا، لأننا إذا أتحنا من جديد الفرصة لتتجاوز الأجهزة الحاكمة حدودها التي يسطرها القانون، نكون قد أعدنا الدوران في حلقة مفرغة، وقمنا مرة أخرى بما قامت به أجهزة الأمس ليتكرر سؤال، ماذا حدث بعد طي صفحة الماضي .. ؟

في نهاية الأمر، يجدر القول بأنه لايجوز قمع الصحافيين ولاسيما في هذا العهد الجديد، عهد التغيير والإصلاح السياسي، وعهد ما بعد فاتح يوليوز 2011 .. وليعلم الجميع، أن التعنيف بهذا الشكل لا يشكل ظاهرة حضارية أكثر مما يزرع التفرقة .. ولا يجب أن ينظر إلى الصحافي كأنه عدو ومشروع تخريب، كلما حاول تعرية المستور أو عمل على فضح ما يراه يستحق الفضح، أما الوزارة الوصية فهي مدعوة إلى أن لا تبقى مكتوفة الأيدي وتتفرج من بعيد وكأن الأمر لا يهمها، بل عليها التصدي لكل المظاهر التي تسيء إلى الحقل الإعلامي ومن خلاله لسمعة الوطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق