أخبارنافذ غلى الثقافة والفننافذة على الثقافة و الفن

جسر الفن حين تنطق الألوان وتغني الذاكرة

 

بقلم: سعيد ودغيري حسني

في مساء الثاني من يوليوز، لم تكن المدينة على موعد مع حدث عابر، بل مع لحظة مميزة تحمل دفء البدايات الجميلة، هناك في المركز الثقافي الحسنى، كان الضوء يعزف، والهواء يتعطر بأنفاس التشكيل والموسيقى، كأن الأرصفة همست: هنا يولد الجمال

في تلك اللحظة التي تخرج فيها الموسيقى من صمتها والألوان من حذرها، ولد حلم اسمه تعاونية جسر الفن .. ولادة لا تشبه غيرها لا في المعنى ولا في الرسالة، ولا في القلوب التي احتضنتها

على رأس هذا الحلم النبيل يقف الأستاذ محمد البركاوي، فنان لا تهمه الأضواء، بل الظلال، لا يبحث عن التقدير، بل عن الأثر .. رجل يضع الفن في قلب التربية، ويضع التربية في صميم التغيير، يحمل قبعات عديدة، منها، أنه رئيس جامعة ومثقف ميداني ومؤطر تربوي، يقف على تخوم الفن والتعليم، يؤمن بأن للفن رسالة لا تقل عمقًا عن أي علم، وأن القلوب حين تُربّى على الجمال تُشفى من الخوف والجمود، هو من اعتبر أن الفن لا يُعلّق في صالات الانتظار، بل يُزرع في المدارس والأحياء .. في الأزقة والقلوب

أسّس جسر الفن ليكون جسرا لا يفصل، بل يوصل بين الفنان والجمهور، بين الموهبة والمنصة، بين الحلم وملامسة الضوء، ثم كان الحضور الداعم الظل الجميل في المشهد .. رجل الأعمال سعيد عبد القادر الفكيكي، رئيس مؤسسة سعيد ومجموعة،  SOSذاك الذي لا يرى في الفن ترفًا بل ضرورة ولا في الثقافة زينة بل رسالة حاضر دائمًا بقلبه قبل حضوره يدعّم دون ضجيج ويقف إلى جانب الجمال حين يوشك أن يُهمَل يده ممدودة إلى كل ما يصنع الأمل، وعقله مفتوح على المشاريع التي تزرع في الأرض بذورًا لتُثمر في العيون دهشة، وفي الأرواح طمأنينة، وفي المجتمع قيمة

ليلة الثاني من يوليوز، كان المركز الثقافي الحسنى مشتعلا بالحياة، اللوحات تتكلم، الأنغام ترتقي ونصف ريع المعرض وُجّه للأعمال الخيرية كأن اللون أصبح رغيفًا، وكأن الفرشاة تعلّمت كيف تداوي،  ثم علت نغمة لا تُنسى حين صعدت إلى المنصة أوركسترا زخارف الأنغام، تحت قيادة المايسترو نبيل بن عبد الجليل  .. رجل يعرف كيف يُنطق التراث من جديد يعيد توزيع الذاكرة كما يعيد الشاعر ترتيب القصيدة .. فرقة جمعت بين الأصوات والإحساس .. عزفت المغرب كما لم نسمعه من قبل بجمال دقيق وبرؤية لا تستنسخ، بل تبتكر وكانت النغمة صلاة وكان الإحساس وطنًا وكان الجمهور شريكًا في الولادة

زبدة القول

إن ما عشناه تلك الليلة، لم يكن مناسبة فنية عابرة، بل إعلان بداية لفن يحمل رسالة تدعمه أيدٍ كريمة كيد سعيد الفكيكي، وتنظمه عقول مؤمنة كعقل محمد البركاوي، وتحتضنه قلوب المدينة بشغف وامتنان .. في تلك الليلة، صار الفن بيتًا، وصار الحلم مشروعًا، وصار جسر الفن طريقًا نحو مستقبل يليق بهذا الوطن

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق