
تقرير إحصائي يضع اليوسفية بين واقع الاختناق العمراني وضرورة التوسع الترابي
ذ. يوسف الإدريـــــسي
تعيش مدينة اليوسفية مرحلة دقيقة تتطلب يقظة جماعية واستباقا حقيقيا للتحولات المقبلة، لا سيما في ظل مؤشرات مقلقة كشفت عنها المندوبية السامية للتخطيط في تقريرها الإحصائي الأخير
فأن يكون أكثر من خمس سكان المدينة (20.5%) دون ملكية للسكن ويعتمدون فقط على الكراء، وأن تكون النسبة الكبرى من المساكن الحالية ( 51,3%) قد تجاوزت عشرين سنة من العمر إلى 49 سنة، فذلك يضعنا أمام صورة عمرانية تعاني من التقادم والجمود، في وقت يفترض أن تكون فيه المدينة على موعد مع دينامية اقتصادية وعمرانية متوازية
مناسبة هذا الكلام تستلزمه عدد من التحولات المرتقبة، وعلى رأسها المشروع الصناعي والكيميائي (MPH) التابع للمجمع الشريف للفوسفاط، إضافة إلى ثلاث مناطق صناعية مبرمجة تمتد على مساحة تقارب 770 هكتارا، وتحمل وعودا بتنمية اقتصادية وخلق فرص الشغل
غير أن هذه المشاريع، مهما بلغت أهميتها، قد تفرغ من محتواها إذا لم يواكبها تخطيط عمراني صارم وفعال يستجيب لحاجيات السكان الحالية والمستقبلية، ويؤسس لمدينة متكاملة الأبعاد، وليس فقط مجالات صناعية معزولة عن محيطها الاجتماعي، بل قد تتحول إلى مشاريع تخدم المدن المجاورة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، حالة استقرار اليد العاملة بهذه المدن بسبب عدم توفير أوعية عقارية للشغيلة والموظفين
المشكلة أن السوق العقارية في المدينة بدأت تتفاعل بشكل سلبي مع غياب التوسع العمراني، حيث سجلت أسعار الكراء والعقار ارتفاعات غير منطقية، مما ينذر باحتقان اجتماعي صامت يتزايد مع اتساع الهوة بين العرض والطلب
والسؤال الذي يطرح بإلحاح؛ هل لدى السلطات المحلية والمنتخبين والإدارات المعنية وعي كاف بحجم الإكراهات التي تلوح في الأفق ..؟!
وهل هناك بالفعل خطة واقعية لتوجيه بوصلة التهيئة العمرانية نحو مناطق جديدة داخل المجال الحضري تستوعب النمو الديمغرافي المتوقع ..؟!
وفي ذات السياق، فالمدينة تتوفر على إمكانات عقارية يمكن أن تغير وجهها العمراني بشكل جذري، خاصة الأراضي الشاسعة بقلب المدينة والتابعة لإدارة السكك الحديدية، والتي طالما طرحت كحل عملي لتوسيع النسيج الحضري .. فقد سبق أن تم تقديم مشروع تجزئة سكنية باسم (تجزئة الوئام) سنة 2009 خلال زيارة ملكية، وتم تحديد موقعها ضمن تلك العقارات .. لكنها، ظلت إلى اليوم حبيسة التصورات ولم تعرف طريقها إلى التنفيذ، وهو ما يدفع للتساؤل عن أسباب تعثر مشروع وصف حينها بالاستراتيجي والهام.
بتعبير آخر، فالرهان على التنمية الصناعية وحدها دون تأمين شروط الاستقرار الاجتماعي والسكني هو رهان خاسر. فلا تنمية بدون سكن، ولا اقتصاد بدون استقرار عمراني. وما لم يتم تدارك التأخر في مراجعة مخطط التهيئة وتوسيعه بشكل مبرمج، وفق جدولة زمنية تأخذ بعين الاعتبار تطور عدد السكان، فإن المدينة ستجد نفسها أمام معادلة مستعصية عنوانها؛ توسع اقتصادي في مقابل أزمة سكن خانقة