أخباركلمة النقابة

مشروع القانون رقم 26.25، مسار متعثر ومخاوف من إعادة هيكلة المجلس الوطني للصحافة

 

 

من المعلوم، أن “الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع” سبق أن انطلق مع مطلع شهر مارس 2010، على إثر الندوة التي نظمها فريق الأصالة والمعاصرة بالبرلمان، وكما هو معلوم أيضًا أن لجنة بهذا الخصوص كانت قد تشكلت ـ في غياب حضور وازن للإعلاميين على اختلاف ممارستهم المهنيةـ

والغريب في الأمر، أن أصحاب المولود لم يرضهم أن يظل مولودهم مجهول الهوية، فقد اختاروا له آنذاك اسم “التنسيقية الوطنية للحوار حول الإعلام” .. اجتهادهم هذا، توج بإسناد رئاسة التنسيقية للإعلامي جمال الدين الناجي، وكانت قد عقدت عدة اجتماعات، كما قامت بتنظيم الكثير من اللقاءات مع جهات (محدودة)، منها على سبيل المثال بعض ممثلي الأحزاب السياسية، ومناضلي بعض النقابات المقربين، وفاعلين حقوقيين، وثلة من العاملين في ميدان الصحافة والإعلام، الذين يُرتاح لهم، مع ما صاحب ذلك من وعود معسولة، وزعها الذين أوكلت لهم مأمورية الحوار لاستمالة من يباركون مبادرتهم، التي ابتكروها لحاجة في نفوس (…)

مع العلم، أن ذات اللجنة أو التنسيقية تعمدت إقصاء النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة .. هذا الجهاز، الذي هو أيضًا يهمه الأمر، كما غيره من الفعاليات التي شاركت، قصد وضع الخطة الإستراتيجية الوطنية، التي ترمي إلى الرقي بالقطاع إلى المستوى المشرف، غير عابئين (أعضاء اللجنة) بأن مكان أعضاء الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، يجب أن يكون في مقدمة المشاركين في لجنة الحوار، وذلك لعدة اعتبارات .. منها، إيمانهم الراسخ بالرسالة الإعلامية النبيلة، ونضالهم المستميت في الوسط الصحافي، ودعوتهم الدائمة لمبدأ الشفافية والاستقلالية والمقاربة التشاركية

بالإضافة إلى ذلك، أن النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، كانت سباقة في وقت مضى إلى المطالبة بهذا الحوار الوطني حول الإعلام، والوزارة الوصية على قطاع الصحافة والإعلام، تعرف عن قرب مراسلات النقابة حول هذا الموضوع، علاوة على أنها حاولت في أنشطتها الإشعاعية الثقافية التي – دأبت على تنظيمها باستمرار منذ تأسيسها يوم 29 يناير 1999 – أن تلامس جميع الإشكاليات المطروحة في ميدان الإعلام

ولا يغيب على الفطنة أبدًا، أن المشروع المشار إليه أعلاه، استنزف مبالغ مهمة من مالية الدولة، التي هي أمانة يجب علينا جميعًا أن نراعيها حق رعايتها، كما لا يحق لأي منا أن يسرف فيها دون جدوى، والدليل أن اللجنة المُنصبة لم تقدم حتى الآن مقابل ما صرفته أي توصيات تفيد، بل بالعكس عرفت مسيرتها عدة تعثرات، بدليل أن الحوار تعلق فجأة دون سابق إعلام، ودون أسباب تذكر، ما يفسر أن المُنصَبين لا يقدرون المسؤولية، ولا يضيرهم الاستهتار بمشاعر العاملين في قطاع الصحافة والإعلام، ولا يهمهم بالمرة تبذير أموال الشعب، تحت يافطة المبادرات الوهمية التي تعد أمرًا غير حضاري

وإذ نذكر اليوم ـونحن في سنة 2025 و بمناسبة مصادقة مجلس الحكومة الحالية على مشروع إعادة هيكلة المجلس الوطني للصحافة- .. إذ تذكر بهذا الموضوع، فإننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، دائمًا في حالة تساؤل .. وتساؤلاتنا هي نفسها التي يطرحها الرأي العام الوطني على العموم، وأمة الصحافيين المعنيين بالشأن الإعلامي ببلادنا على وجه الخصوص: “ما هي المعيقات التي أدت إلى تعليق الحوار، وما هي الأسباب التي حالت دون الاستفادة من مضمون “الكتاب الأبيض” الذي يقال عنه أنه يجسد خلاصات الحوار الذي أداره المنسق المنصب مع كافة (الأطراف المعنية بالمشهد الإعلامي الوطني)، والذي كما يعلم الجميع أنه بُذل من أجل إنجاح مشروعه جهدًا كبيرًا، وأهدرت ميزانية مهمة ..؟”

“عمل جبار كهذا، من العار الكبير أن ينتهي مصيره إلى الأرشيف .. نحن ننتظر مع الجميع إجابات شافية ومقنعة .. السؤال الذي قد يطرح هو: “ما الذي يدعونا اليوم إلى معاودة الحديث عن حدث أصبح من الماضي بعد مرور سنوات وسنوات ..؟”

نحن نتناول هذا الموضوع من باب “الذكرى تنفع المؤمنين”، لعل الذاكرة الوطنية تعي ما نهدف إليه في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة بطرح هذا الموضوع مجددًا .. لقد رأينا أنه من واجبنا المهني تحذير نواب الأمة في غرفتي البرلمان، الذين سيصوتون على القانون رقم 26.25، المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة .. نحذرهم من محاولات العبث التنظيمي التي قد يستغلها البعض لتحقيق منافع ذاتية على حساب العاملين في مهنة الصحافة

نطالبهم، بتحمل مسؤوليتهم لتفادي الاتجاه النكوصي الذي قد يؤثر سلبًا على التجربة الديمقراطية، ويسهل بالتالي التحكم في الأصوات الحرة، وتقييد حرية الصحافة وزيادة الرقابة الحكومية، الشيء الذي يعد تراجعا خطيرا عن مكاسب حرية التعبير والتعددية والمقاربة التشاركية، والذي لا يمكن وصفه إلا بالخطير

نأمل أن تؤخذ وجهة نظرنا بعين الاعتبار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق