
ميمونة الحاج داهي
نقولوا العام زين
إذا وجد كل بيت ماء صالحا للشرب دون أن ينتظر مرور الصهريج الصدئ، و دون أن نرى ساكنة تنظم مسيرات العطش لعلها تجد من يهتم
نقولوا العام زين
إذا لم تَمُت النساء على أسرّة الولادة وإذا صار المستشفى مكانا للعلاج و ليس آخر محطة للحياة
نقولوا العام زين
إذا لم يكن على الفقير أن يختار بين الدواء والطعام، وإذا لم يُؤجل موعد الفحص إلى حين فوات الأوان
نقولوا العام زين
إذا صار التعليم سلّما يرفع أبناء البسطاء و ليس حفرةً تُسقطهم في التهميش و تعمق جراح الجهل .. إذا وجد التلميذ مقعدا وسقفا وكتابا وإذا شعر الأستاذ أنه يعلّم بعزة و ليس بعجز.
نقولوا العام زين
إذا كانت المدرسة تصنع الأمل بدل اليأس، وإذا لم يعد المستقبل مرهونا بحجم الجيب و “أباه عندو لفلوس”، بدل ارتباطه بقدرة العقل.
نقولوا العام زين
إذا لم يعد البحر هو الطريق الأقصر إلى الكرامة وإذا لم تَصِر مراكب الموت أكثر وفاء من الوطن و حين لا تقضي الأمهات الليالي و الأيام على الشاطيء ينتظرن أن يعيد البحر جثث شباب الوطن
نقولوا العام زين
إذا وجد الشباب عملا يليق بأحلامهم ولا تذبل زهرة شبابهم في انتظار طويل في طوابير المباريات
نقولوا العام زين
إذا صار المستقبل يُبنى هنا، لا هناك، وإذا أصبحت الهجرة خيارا لا هروبا، و حين لا يفخر المغربي بحمله لجواز أجنبي.
نقولوا العام زين
إذا دخل المواطن الإدارة مرفوع الرأس بدل أن يدخل مطأطئا أمام موظف يُمارس سلطته كما لو كانت “خيمة بوه”
نقولوا العام زين
إذا صار القانون أقوى من “المعريفة”، وإذا أصبحت الخدمة حقا و ليست منّة،و حين تنتصر العدالة على المال و الوساطة
نقولوا العام زين
إذا لم تَصِر العدالة قضيةً معلقة و الملفات لا تُدفن في الأدراج والحق لا يحتاج إلى اتصال هاتفي ليُسمع
نقولوا العام زين
إذا توقّف السياسي عن بيع الأوهام و شراء الذمم وإذا صار المنصب وسيلة لخدمة الناس و ليس الهدف الحصول على الريع و الامتيازات.
نقولوا العام زين إذا صار الإعلام يفضح الخلل بدل أن يبرّره، ويسائل بدل أن يُصفّق، و يكشف الحقيقة دون زيف أو تحوير
نقولوا العام زين
إذا صارت الشفافية عادة لا شعارا والمسؤولية التزاما و ليست حلوى على طاولة حملة انتخابية
نقولوا العام زين
إذا لم تُهمَّش القرى إلا في الجغرافيا، وإذا وصل الطريق قبل الولادة، والماء قبل العطش، والمدرسة قبل الهجرة
نقولوا العام زين
إذا كان الوطن عادلا في عطائه كريما في خدماته رحيما بأضعف فئاته
أما الآن، فنقولها كما اعتدنا أن نخفي الغصّة و نلقي نكتة تلطف ملامح الخذلان المرسومة على خريطة البلد..نقول العام زين لأننا نحيا على الأمل أكثر مما نحيا على الواقع، ولأننا نُتقن التجمل بالصبر، ونحمي وطننا من اليأس بالضحك
لكن العام لن يكون “زينا” حقّا إلا يوم نصحو فنجد العدالة تُطبّق لا تُتلى والكرامة ممارسة لا شعارا، والمواطن قيمة لا رقما في الإحصاء و المسؤولية لصيقة بالمحاسبة
حينها فقط سنقول بلا تردد و لن نخشى عقباها و نهزو كاع البندير و نغنوا “العام زين”