ملفات و قضايا

وصدقت رؤيا النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة حول أزمة صندوق المقاصة ..

نجحت الحكومة مؤخرا في استعادة أكثر من 6 مليار من دعم السكر، الذي كانت تستفيد منه شركات المشروبات الغازية، في إطار تدخل حكومي، كشف لنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن حكومة بن كيران لا تتحرك إلا بعد انتقاء الحلول من خارجها، عوض أن يكون من محصلة تفكير وتحليل الذين يوجهون سياساتها العمومية في الداخل والخارج، ونحمد اللـه في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، التي عالجت الموضوع، وانتهت إلى الحل الحكومي الأخير، قبل الإقدام على تنفيذه في إطار دورنا النقدي والتنويري، الذي نشتغل عليه تبعا للأهداف المسطرة في قانوننا الأساسي، وهذا ما يوجه غيرتنا الوطنية الصادقة، وشعورنا بالمسؤولية في القيام بما تقتضيه هذه المواطنة من نكران الذات والمشاركة بما نمتلكه لصالح الوطن، الذي يملي علينا دور التخلي عن التفرج السلبي اتجاه العمل الثقافي أو الفني، الذي يقدم له، أو موقف المتشفي في الذي يوجد على رأس المسؤولية العامة، ونعتقد بصدق أن روح المواطنة هي التي تحركنا للمشاركة الجادة بالرأي والنقد حينما نلاحظ أن ذلك ضروريا، ونشعر بالثقة في أداء الواجب اتجاه الوطن، الذي يبقى في النهاية محور هذا الجهد الفردي والجماعي، الذي نقوم به جميعا كمغاربة مهما اختلفت مواقفنا وتوجهاتنا، وهذا ما يعني أن هذه الخلاصة التي انتهت إليها الحكومة في تعاطيها مع دعم صندوق المقاصة، الذي كانت تستفيد منه الشركات، والذي نبهنا إليه في متابعاتنا لسياسة الحكومة في تحرير الأسعار عبر مقالات سابقة في موضوع ومنها: ” الحكومة والإجهاز على ما تبقى من قوة شرائية للمواطنين” يدخل في إطار المعارضة النقدية البناءة التي بخرت دور المعارضة السلبية، والتي تستلزم النقد بالتصور الاقتراحي الذي يسمح بمعالجة المشكل المطروح
لن نعود إلى ما قاله الوزير الوفا لمن يعارضون سياسته التحريرية للأسعار، حينما قال:
(اللي عندو شي شغل يمشي يقضيه) فهو الذي يجب أن ينتبه إلى شغله الحكومي، ويترجم أهليته لهذا المنصب الحكومي الذي يحاول إدارته بنفس سياسته في وزارة التربية الوطنية، وعلى ضوء اللجوء إلى اقتراحنا “دون إذن منا” يحق لنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن نسأل ماذا بقي للحكومة ولوزير الحكامة أن يقولا اتجاه صواب الرأي النقدي والاقتراحي الذي قدمته النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، اتجاه أزمة صندوق المقاصة في معرض تحليلها للأزمة الاقتصادية، التي يواجهها المغرب في سلسلة من مقالاتها، حينما أكدت أن المخرج والبديل الكفيل بمعالجة الاختلالات المالية في الميزانية، وفي صندوق المقاصة بالخصوص، تكمن في إلغاء الدعم الذي تستفيد منه الشركات الغذائية وشركات المشروبات الغازية والمخابز، سواء في السكر والدقيق أو الزيوت والمحروقات، وأن الدولة بإمكانها أن تتحول من استمرار دعمها لهذه المواد الموجهة لذوي الدخل المحدود إلى مستفيد من هذا الدعم، كما يحدث الآن، حيث استرجعت الدولة طبعا أكثر من 23 مليار كانت ستخصصها لاستمرار الدعم في المحروقات، التي تراجعت أسعارها في الأسواق الدولية والتي أصبحت تستدعي تخفيض أسعارها من جديد، كما استرجعت أكثر من 6 مليار من أموال صندوق المقاصة، التي كانت تستفيد منها شركات المشروبات الغازية، مما يعني أن وزير الحكامة مطالب بتخفيض أسعار المواد الاستهلاكية، بدل تحريرها والزيادة في بعضها، ويمكن أن يتزايد ربح الدولة من صندوق المقاصة إذا اتجهت إلى الشركات المعنية بالصناعة الغذائية والمخابز والضيعات، التي أصبحت تستهلك الغاز الطبيعي بدل السولار، حيث كانت الحكومة مضطرة إلى دعم السكر والزيت والدقيق والغاز الطبيعي حتى تؤمن حاجيات ذوي الدخل المحدود من هذه المواد الاستهلاكية، ويمكن بمضاعفة البحث في خريطة مستهلكي هذه المواد المدعمة أن تجد الحكومة نفسها متحررة من ضغوط صندوق المقاصة الذي لن يعاني من النقص في موارده المالية.
إن هذه المعطيات عن أزمة صندوق المقاصة، ناقشتها النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، منذ شروع الحكومة في مخططها في تحرير الأسعار والتقليص في موارد صندوق المقاصة، ويشرفنا في النقابة أن تكون مشاركتنا في التحليل والبحث في الأزمة الاقتصادية والمالية التي كانت الحكومة تتخبط فيها، انسجاما مع دورنا الإخباري والنقدي والتنويري المسؤول، الذي تؤكده طبيعة الواقع الموضوعي لاقتصادنا، والرؤيا النقدية المسؤولة التي نقدمها في الوقت المناسب، بعيدا عن المزايدة الإعلامية الرخيصة، وسنظل على هذا النهج الذي تأكدت صحته، سواء اتجاه الحكومة أو غيرها من الفاعلين الاقتصاديين والسياسيين والاجتماعيين.
تقودنا مناسبة الحديث عن أزمة صندوق المقاصة إلى إثارة انتباه الحكومة إلى ضرورة التجاوب والتفاعل الإيجابي مع الرأي العام، الذي تعبر عنه النقابات والأحزاب السياسية والمجتمع المدني والإعلام بكل وسائل التعبير عنه، حيث كل ما كان هذا التواصل، سهل على الحكومة الوصول إلى الحلول الكفيلة بإخراجها من الأزمة، وامتلاك الحلول التي تبحث عنها في تنفيذ سياساتها العمومية المسؤولة عنها في جميع القطاعات.
إن النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، وهي تشرح وتتحدث عن صواب مواقفها وتحليلاتها، سواء في هذا المجال الاقتصادي أو غيره من القطاعات التي تشارك في الحوار والنقاش حولها تأتي جميعها من قناعة منخرطيها ومسؤوليها على الصعيد المركزي والجهوي والإقليمي، وأهمية التوجه الذي اختارته للنضال النقابي والوطني، وصحة الوعي الذي تمتلكه في الوقت الراهن اتجاه ما يعانيه الوطن من تحديات وإكراهات، ومن روح المسؤولية الوطنية التي يجب أن يترجمها جميع الفاعلين في جميع القطاعات، سواء كانوا في موقع القرار أو الاعتراض عليه، إذا كان هذا القرار الحكومي لا يخدم تنمية الوطن وتطور استقراره، وذلك دون ضجيج أو تهويل أو تحقير كما يفعل الآخرون في معارضتهم للأغلبية الحكومية الراهنة، التي كان الحزب الرئيسي فيها في صفوف المعارضة في عهد حكومة عباس الفاسي، والتي لم تتأخر في انتقادها على أخطائها خلال وجودها على رأس المسؤولية الحكومية في هذه الفترة من التاريخ.
هكذا هي مواقف النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، في مضمونها الموضوعي .. المستقل والمواطن، وستظل كذلك، في إطار الرأي العام الوطني، الذي يشاركها فيه فاعلون نقابيون وحزبيون وإعلاميون آخرون، حتى يظل هذا الرأي العام بكل حمولاته يقظا في متابعة الشأن العام ومن يديره في هذه المرحلة، معبرة عن وجهات نظرها التي لا تلزم بقية مكونات هذا الرأي العام الوطني، ومشاركة في إغناء مواقفها القابلة للنقد والتعديل والتجاوز.
ونؤكد للجميع أن هذه هي قناعتنا التي نمارسها بوضوح والتزام، ولا نستهدف منها أحدا، بقدر ما يوجهنا في ذلك، أننا جزء من الرأي العام الوطني المعني بالسياسة الحكومية، وأن اجتهاداتنا لا نطرحها إلا للمساعدة في إيجاد الحلول للمشاكل المطروحة، من موقعنا كمعارضة مواطنة وبناءة، في أفق تكريس شرعية سلطة الرأي العام، التي يحاول بعض المسؤولين تجاهلها وعدم الاعتراف بدورها المنصوص عليه في دستور الوطن والذي يؤكد عليه جلالة الملك باستمرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق