البيانات

التقرير العام حول مجريات الاستحقاق الانتخابي المتعلق بالانتخابات الجماعية والجهوية 04 شتنبر 2015

10558

 

توطئة :

كما جرت العادة، خلال الاستحقاقات الانتخابية السابقة، عبأ المركز المغربي لحقوق الإنسان كل طاقته وإمكاناته، البشرية والمادية، من أجل مواكبة الاستحقاق الانتخابي، المتعلق بالانتخابات الجماعية والجهوية، الذي شهده المغرب، يوم 04 شتنبر 2015.

ولا يختلف إتنان، في أن مراقبة الانتخابات، في ظل ثورة تكنولوجيا التواصل والاتصال، لم تشكل محطة لتقييم سير العملية الانتخابية فحسب، بل أضحت، وسيلة ردع قوية في وجه المتلاعبين بإرادة الناخبين، كما باتت لاعبا رئيسيا في اللعبة السياسية برمتها.

ولذلك، حاول مناضلو المركز المغربي لحقوق الإنسان التواجد في مختلف مراحل العملية الانتخابية، حسب الإمكانيات المتاحة لهم، وفي مناطق معينة بكل الجهات الإثنا عشر، وقد اضطر كثير منهم إلى التصدى لمحاولات ارتشاء واستمالة وتوجيه، كان يحاول بعض أعوان المرشحين، القيام بها لدى بعض المواطنين، مستغلين ضعفهم و ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية، كالعواجز والنساء الأرامل والشيوخ وبعض الشباب العاطلين عن العمل، ولكن كان لتدخل مناضلينابالغ الأثر في إجهاض محاولاتهم البئيسة، عبر التبليغ عليها في حينه، وتم بالفعل الحد من جرائم سماسرة الانتخابات، حيث تدخلت القوات الأمنية والدرك والسلطات العمومية ببعض المناطق بصورة فعالة، ونسوق في هذا المضمار حالات في المناطق التالية : سيدي سليمان (خاصة سيدي يحيى الغرب)، الخميسات، صفرو، فاس، وجدة، مراكش، أكادير، الفقيه بن صالح، العيون، طانطان…

وخلافا للمنهجية السابقة، والتي تمثلت في إحصاء حالات الخرق التي يتم رصدها بصيغة الكم، فقد عمدنا في هذه الانتخابات إلى حصر عملية رصد خروقات الأحزاب بصيغة النوع، وجردنا لهذا الرصد عشر خروقات رئيسية، مع تحديد حدة تورط مرشحي الحزب في اقتراف الخرق حسب ثلات مستويات :
على نطاق واسع
بشكل متوسط
بشكل محدود
وبالنسبة للخروقات المحتملة من قبل ممثلي السلطات العمومية، فقد ثم جرد حوالي عشر خروقات أخرى، مع توصيف حدة الخرق على نفس المستويات السالفة الذكر.

وفي إطار تقييم شامل لمجريات العملية الانتخابية، عمد المركز المغربي لحقوق الإنسان إلى وضع دليل ميسروضعه بين يدي مناضليه، تضمن جرداللخروقات المحتمل اقترافها، ووضعها ضمن جداول وبيانات، همت المراحل الثلاث للعملية الانتخابية :

مرحلة الحملة الانتخابية

مرحلة يوم الاقتراع والفرز (وهما عمليتان منفصلتان، لكن، نظرا لارتباطهما زمنيا، ارتاينا ضمهما في مرحلة واحدة)
وهكذا، واكب مناضلو المركز المغربي لحقوق الإنسان أداء الأحزاب في العملية الانتخابية عن كثب، دون تحيز او محاباة أو استهداف، وفي العديد من المناطق، حيث ثم اعتماد تقييم نوعي لأداء الأحزاب وممثلي السلطات العمومية، في كبريات المدن، مع نماذج عينية من بعض المدن والقرى التابعة لها، في حدود الإمكانيات البشرية والمادية، التي أتيحتللمركز المغربي لحقوق الإنسان.
ون أجل نجاعة وسرعة إعداد التقرير، ثم الاكتفاء على تقييم أداء مرشحي إثنى عشر حزب، حسب ترتيب نتائج المقاعد المتحصل عليها، فيما تمت الإشارة إلى بعض الأحزاب المتبقية في الجداول، في حالة تورط مرشحيها في بعض الخروقات دون تنقيطها، أما ترتيب نتائج التقييم، فقد ثم الاقتصار على الأحزاب التسعة الأولى حسب النتائج المتحصل عليها…

النسبة عدد المقاعد الحزب
  أي بنسبة 21,12 % 6655 مقعدا حزب الأصالة والمعاصرة
 أي بنسبة 16,22   % 5106 مقعدا  حزب الاستقلال
 أي بنسبة 15,94 % 5021 مقعدا  حزب العدالة والتنمية
 أي بنسبة  13,99  % 4408 مقعدا  حزب التجمع الوطني للأحرار
 أي بنسبة  9,54    % 3007 مقعدا  حزب الحركة الشعبية
 أي بنسبة   8,43   % 2656 مقعدا  حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
 أي بنسبة  5,61    % 1766 مقعدا  حزب التقدم والاشتراكية
 أي بنسبة  4,73    % 1489 مقعدا  حزب الاتحاد الدستوري
 أي بنسبة  1,06    % 333 مقعد تحالف احزاب فيدرالية اليسار الديموقرطي
 أي بنسبة  0,94    % 297 مقعدا حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية
 أي بنسبة  0,61    % 193 مقعدا حزب جبهة القوي الديمقراطية
 أي بنسبة  0,45    % 142 مقعدا حزب العهد الديمقراطي

استنتاجات حول مجريات الانتخابات الجماعية والجهوية :

على ضوء مستنتجات التحليل الإحصائي للمعطيات الرقمية ومجمل التقييمات التي وردت من مختلف ملاحظي المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبر التراب الوطني، يعلن المركز المغربي لحقوق الإنسان للرأي العام ما يلي:
لقد جرت الانتخابات الجماعية والجهوية ببلادنا ظاهريا في أجواء عادية نسبيا، لكنها مثيرة للجدل من حيث الكواليس، وذلك راجع إلى العوامل التالية :

• سعت الحكومة المغربية إلى تيسير كافة السبل من أجل إجراء الانتخابات الجماعية والجهوية في ظروف جيدة، وقد حققت نجاحا نسبيا، يشعرالمتتبع بالتفاؤل الحذر،جراء حياد الدولة المغربية، الذي يمكن وصفه في كثير من الوقائع حيادا سلبيا، فيما ذهبت بعض التقديرات إلى غيابهفي مرحلة ما قبل بدئ الحملة الانتخابية، وكذا خلال مرحلة تشكيل المجالس الجماعية في كثير من المناطق.

• لا زال المال السياسي يتبوأ مكانة خطيرة في العملية الانتخابية، وخصوصا على مستوى المدن الكبرى والمتوسطة (عدا العاصمة الرباط)، فيما اشتغلت ماكينة النفوذ والنزعة القبلية في كثير من المناطق، خاصة على مستوى البوادي والصحراء، كما شهدت المناطق التي يتم اعتماد الانتخاب الفردي بها أسوأ هذه المظاهر.

• تورطت معظم الأحزاب المغربية في السلوك العنيف، خاصة من الناحية اللفظية، حيث اتسم الخطاب السياسي بالعدوانية وتحقير الخصوم، خاصة بين أحزاب الأغلبية والمعارضة، وفي عدد من الحالات داخل الكتلتين.

• عدا شكوك بحدوث شبهة تزوير لنتائج الاستحقاقات الانتخابية بجهة اخنيفرة بني ملال، والتي لم يتسنى التأكد من صدقيتها، لم يعاينملاحظو المركز المغربي لحقوق الإنسان أحداث تزوير في نتائج الانتخابات في الجهات الإحدى عشر الأخرى.
عكست النتائج المتحصل عليها، من حيث الأرقام الملاحظات التالية :

• محاولات حثيثة للتصدي للفساد الانتخابي، بحيث تبوأ مرشحون، يقر التقييم العام بخوضهم حملات انتخابية نظيفة، مواقع متقدمة في نتائج الاستحقاق الانتخابي.

• بالرغم من إحراز الكثير من المرشحين، الذين خاضوا عملية انتخابية نظيفة مواقع متقدمة، إلا أن المال السياسي لا زال يلعب الدور الخطير في ترجيح كفة الكثير من الوجوه السياسية، التي تحوم حولها شكوك الفساد الانتخابي، مما أثر بشكل كبير على مصداقية الأحزاب التي زكتها، أكثر من تأثيره على الانتخابات ونتائجها.

• عرت الانتخابات الجماعية عن هزالة قواعد العديد من الأحزاب، في ظل غياب ثقافة حزبية حقيقية، حيث عمد الكثير من مرشحي الأحزاب، إلى الاستعانة بعناصر غير منضبطة حزبيا، وأحيانا غير منضبطة أخلاقيا وسلوكيا، مما تسبب في ظواهر شاذة، أساءتبصفة رئيسية إلى الأحزاب التي سخرت هؤلاء الأشخاص.

• الكثير من الأحزابيشتغلون بمنطق المعاقل، محتكرة أصوات ناخبي مناطق معينة، في مشهد خارج عن مبادئ الديمقراطية، وبعيدا عن منطق البرامج، ومعالجة متطلبات الساكنة، وقد تسبب هذا المنحى، الي يعكس الفراغ المعرفيبدور المنتخب الجماعي، في نشوب نزاعات بين مناصري الأحزاب المنافسة، إبان الحملة الانتخابية.

• عمدت بعض الأحزاب إلى تزكية وجوه سياسية، معروفة بالترحال السياسي، وتعرضت من خلال تجارب سابقة، للانتقاد بسبب تورطها في الفساد السياسي وفي سوء تدبير الشأن العام،وقد حالف بعضهم الحظ للفوز بمقاعد، نظرا لتوفرهم على متعاونين كثر، جعلتهم ينتصرون على الإرادة الحرة للناخبين، وبالتالي، في هذه الحالات، لا ينبغي إلقاء اللوم على الناخب، بقدر ما يتجه اللوم إلى الحزب الذي زكى تلك الوجوه، وإلى السلطات التي قبلت بترشيحاتهم، وفي بعض الأحيان، إلى القضاء، الذي يعتمد مقاربة دليل الإدانة المقبول قانونا.

• اشتغل العديد من مفسدي العملية الانتخابية بمنطق الاستثمار في هذه الانتخابات الجماعية والجهوية.

• لا زالت الانتخابات في المغرب تعاني من هجمة الكائنات الانتخابية، التي تحظى بتزكية من بعض الأحزاب، التي تورطت في خروقات عديدة، تهم تدبير الشأن العام، وللأسف تحقق الفوز في الانتخابات، بفضل نفوذها وخزان الأصوات الذي تملكه قسرا.

ملاحظات حول مجريات عملية التصويت وتشكيل المجالس :

– لم يتم إرشاد المواطنين بشكل واضح في أغلب مكاتب التصويت، مما تسبب في رجوع العديد منهم دون تصويت، فيما شهدت بعض مكاتب التصويت تكليف ممثلين عن بعض الأحزاب بالمهمة، مما يشكل خرقا تنظيميا يمس بنزاهة الانتخابات.
– لم تكن غالبية مكاتب التصويت مهيأة لاستقبال الناخبين من ذوي الاحتياجات الخاصة.
– غياب الأمن في غالبية مكاتب التصويت يوم الاقتراع، مما ولد انطباع بتبني السلطات الحياد السلبي، إزاء المناوشات والصدامات التي جرت بين أنصار الأحزاب المتنافسة.
– شهدت عملية تشكيل المجالس مظاهر التهريب والتهديد والإغراء بين الأقطاب المتنافسة على رئاسة بعض المجالس الجماعية، في ظل غياب ضوابط قانونية، من شأنها أن تؤطر العملية بشكل ديمقراطي سليم.

الخلاصة العامة :

لأول مرة، يمكن الاعتراف بأن الناخب المغربي، خاصة في الحواضر، صوت بإرادة حرة نسبيا، بدون ضغط من الدولة، مما يعطي أملا في القطع مع زمن الانتخاباتالموجهة والصورية.
لم يصل صوت الناخب المغربي لمستوى العقاب والجزاء بعد، وإن كانت تمضي بخطوات بطيئة في هذا الاتجاه، بحيث لا زالت مظاهر الإغراء وضغوط البلطجة والتحكم، التي تمارسها بعض الوجوه السياسية الفاسدة بادية في العملية الانتخابية…
يمكن اعتبار الاستحقاق الانتخابي، الجماعي والجهوي، الذي شهدته بلادنا في 4 شتنبر 2015 مؤشر إيجابي، باعث على التفاؤل الحذر، بالرغم من وطأة المال والبلطجة السياسيين.

ملاحظات على هامش التصريحات التي أدلى بها قياديو بعض الأحزاب :

إن بعض الأحزاب، التي أظهر تقييم العملية الانتخابية، تورط مرشحيهم في خروقات خطيرة، خاصة تلك المتعلقة بشراء ذمم الناخبين، بالإغراء والارتشاء، وعبر استعمال البلطجية وتعنيف الخصوم، هي ذاتها التي يتباكى قياديوها على عدم نزاهة الانتخابات، مما يطرح علامة الاستفهام والاستغراب حول مدى استخفافهم بوعي المواطن المغربي.
إن تصريح بعض القيادات السياسية، بعدم تنسيق مرشحيها الفائزين في الانتخابات، مع مرشحي الأحزاب الأخرى، ينطوي على نزعة عدوانية إماشخصية أو إيديولوجية، متحكمة في وعيهمولاوعيهم السياسي، يعكس غياب روح المسؤولية في تدبير الشأن العام المحلي والجهوي، وافتقاد هذه القيادات إلى ثقافة تدبير الاختلاف، التي تشكل عنصرا محوريا في شروط القيادة السياسية،خاصة وأن المغرب مقبل على تفعيل اللامركزية والجهوية الموسعة، مما سيزيد من احتقان المجالس الجماعية.
نظرا للتجاوزات التي واكبت تشكيل المجالس الجماعية، من عمليات تهريب واستهداف وتضييق لبعض المنتخبين الفائزين، وعلى نطاق واسع، وجب إحداث قانون ينظم هذه العملية، أو الاتفاق بين الأحزاب على ميثاق سياسي، يضع حدا لهذه الظواهر، التي تنم عن خيانة للأصوات التي منحت لبعض الفائزين، مما يضرب في الصميم نزاهة ونجاعة الانتخابات.

اللجنة الوطنية للتعبئة
المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان
إمضاء الرئيس : عبد الإله الخضري

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق