الدين و الناس

العرب وانعدام القدرة على الحوار العقلاني الأخوي لاحتواء الفتنة الدموية المفتعلة

ALJAMIA

مع اتساع رقعة العنف الدموي والتدميري بين العرب، واستحالة جلوسهم على المائدة الواحدة لمعالجة مشاكلهم فيما بينهم، يطرح السؤال عن أسباب الافتقار إلى القدرة على معالجة الخلافات والقضايا العربية .. فمن يقف وراء هذا الواقع الذي عجز فيه العرب على الحوار فيما بينهم لاحتواء أسباب هذا العنف الدموي، وفرض الاحتكام إلى السلم في مواجهة هذه الفتنة العربية التي يساهم خصومهم في إذكائها وإغنائها ..؟ وهل يا ترى هناك أمل في الحسم في الخلافات التي يساهم تواصلها في توسيع رقعة الفتنة الكبرى الثانية ..؟ وهل لا يزال هناك عقلاء بين العرب للفصل في أسبابها وتداعياتها ..؟

إن بيت الجامعة العربية الذي أصبح مجرد مسمى هيئة فقدت هيبتها واحترامها من جميع العرب حتى الذين وظفوها لفرض قرارات الحرب الأهلية الراهنة التي تتمدد في جغرافية هذا الوطن العربي شيئا فشيئا، كما أن الظرفية الحالية أصبحت تستدعي تفوق العرب على أنانيتهم وجلوسهم على المائدة الواحدة في أي دولة عربية لمناقشة هذا التشرذم الذي يواجههم تحت أكثر من شعار طائفي وعرقي وسياسي، وليس لهم غير هذا الطريق إن كانت لا تزال فيهم الإرادة لمعالجة مشاكلهم دون تدخل الآخرين الذين يعملون على تأجيج هذه الخلافات والصراعات فيما بينهم إلى اليوم.

إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لانرى في تجاوز هذه المحنة الدموية التي يعيش فيها عرب الألفية الثالثة إلا من خلال قناة الحوار العقلاني الأخوي المتجاوز لأسباب الصراع حتى لا يحتضر الوطن العربي، وتموت آمال جماهيره من الخليج إلى المحيط، وإن قلنا الحوار العقلاني، فإنما المقصود، الحوار بدون شروط مسبقة بين الأطراف العربية المتصارعة، وذلك الذي يحتوي جذور الخلافات العربية العميقة التي لها خلفيات تاريخية قديمة، والذي يمكن العرب من طرح وجهات نظرهم في الحلول الملائمة للقضايا الخلافية الراهنة، بعيدا عن الروح القبلية والحزبية والطبقية التي بخرتها الأحداث، وطواها عمر الفتنة التاريخية التي لا يمكن إحياء أسبابها في هذه الفترة من التاريخ العربي المعاصر.

لن نكون متسرعين في الحكم على المواقف المسبقة اتجاه مثل هذه الدعوات والاقتراحات للحسم في المأساة العربية الراهنة، فلا يزال الحل ممكنا إذا توفرت الإرادة العربية الحقيقية، وتوحدت المواقف نحو إيجاد المعالجة الحقيقية للإجماع العربي، ولتجاوز هذا التطاحن الذي يخدم أعداء العرب أولا، ويعطل استعادة العرب للقدرة على المبادرة واتخاذ المواقف التي تتطلبها خلافاتهم الراهنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق