مجتمع

خنيفرة / تقرير حول انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وتكميم للأفواه

أعـد التقرير – محمد شجيع

فتحت شهية الاعتقالات، ولم يعد أي شيء على ما يرام، حيث لاح في سماء إقليم خنيفرة، ومنذ أربع سنوات إلى غاية يومنا هذا خطاب التحرش بالمدافعين عن حقوق الإنسان، وأعطيت الأوامر لانطلاق حملة شرسة وتكثيف الهجوم على الأقلام الحرة والصحافة الجادة، والمدونين والمراسلين والحقوقيين في هذا الإقليم الأبي، الذي ظل وسيظل رمزا للمقاومة، بعد أن تم تنزيل كل هذا الحقد الدفين بسرعة جنونية ومهولة لتغطي على التردي الخطير والجرح العميق الذي أصاب الإقليم، فقد أمضت المدينة وأحوازها أربع  سنين حالكة، وإلى غاية كتابة هاته السطور من القمع والتجريم والتلجيم لكل الأصوات المناهضة والفاضحة لسياسات القهر والإذلال، وتحول إقليم خنيفرة إلى لطخة سواد في وجه المغرب، حيث سجل حافل بالمتابعات و الملاحقات والمضايقات في حق كل صوت ناقد، وكل المدافعين على حقوق الإنسان .. والدليل على ذلك، العديد من الملفات والخروقات الفظيعة في هذا الصدد، بدءا بمتابعة الرئيس السابق للجمعية المغربية لحقوق الإنسان عبد الكريم المسلم، والمرحوم النقابي جمال الإبراهيمي، واتهامهما مناصرة مستخدمة لجأت لتنسيقية خنيفرة لمحاربة الفساد، وهو إطار يضم عددا من الهيئات السياسية والنقابية والحقوقية بخنيفرة، والمعروف بالتصدي لكل أوجه الفساد بالإقليم، وقد نفذت هاته التنسيقية خطوة احتجاجية للتعبير عن التضامن والمطالبة بفتح تحقيق في كل الخروقات، التي حملها ملف المؤازرة ليفتح ملف قضائي للمناضلين بتهمة التشهير ويسفر عن حكم قاس في حق السيد عبد الكريم لمسلم بأربعين ألف درهم وشهر سجن موقوف التنفيذ، بعد سقوط الدعوى في وجه المرحوم جمال الإبراهيمي لوفاته، وكانت رحمة له من المتابعات الكيدية ليطفو على السطح ملف سعيد اوفريد، الذي اعتقل من السوق الأسبوعي لمريرت بتهمة حيازة 300 غرام من الأكياس البلاستيكية التي تباع بشكل علني، حيث كان يستعملها لتلفيف الطماطم كبائع للخضر، كما هو الشأن لباقي الخضارين، وهي الأكياس التي لازال كل الخضارين والجزارين التجار يستعملونها لحدود الساعة لتلفيف بضاعتهم، لتتم بذلك متابعته في حالة اعتقال بتهمة إهانة موظف (عون المراقبة) بعد أن حركت أيادي معلومة (…)

علما، أن سعيد اوفريد معروف بوقوفه في جميع المحطات النضالية، ويعد وجها من الوجوه المناضلة بخنيفرة، واعتباره أيضا مدونا على شبكة التواصل الاجتماعي (الفايسبوك)، كما هو الشأن لباقي المدونين الرافضين لسياسة الخنوع والإذلال والتمجيد، فكانت الضريبة قضاؤه ثلاثة أشهر بسجن خنيفرة، ولم تكد تكتمل حلقة مسلسل الاعتقالات التعسفية حتى أتى دور غسان بودا (عبد العالي باحماد)، لتتم متابعته بتهم “التحريض على إهانة علم المملكة ورموزها، والتحريض على الوحدة الوطنية” والمقصود هو تجريم التعبير عن الرأي وتضييق نطاقه فقضية بوذا غسان ..  قضية لا يمكن فصلها عن باقي القضايا، لتتم إدانته بسنتين نافذتين وغرامة 10,000 درهم لتخفض لسنة واحدة في مرحلة الاستئناف، بعدما بقي ملفه بين أخذ ورد خلال المرحلتين الابتدائية والاستئنافية، رغم مؤازرته بأكثر من 20 محاميا من مختلف الفئات ومختلف المدن، وهو اعتقال اعتبرت لجنة بوذا لدعم المعتقلين السياسيين، أن متابعته تحمل في جوهرها انتقاما منه لتفانيه في خدمة الكادحين وتوعيتهم بضرورة التصدي لمخططات واضحة المعالم، بعد أن استمرت آلة الاعتقال كالنار في الهشيم، ولم يكد تنتهي هذه النازلة حتى لاح ملف اعتقال ياسين فلات، نائب رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان بخنيفرة، في استغلال لظرفية جائحة كورونا لتصفية الحسابات ومتابعته بإهانة موظفين عموميين، حيث تمت دعوته لإغلاق محل عمله كحلاق، رغم أن هاته المهنة هي التي يعيل بها أسرته

 في ظل الأيام الأولى للجائحة مباشرة، بعد بلاغ وزارة الداخلية، وقبل إقرار النصوص القانونية المنظمة للحجر الصحي، كانت كل محلات الحلاقة المجاورة له تشتغل إلى حدود ذلك اليوم، حيث رفض القرار مطالبا بتنويره بشأن الأسباب الحقيقية لاستهداف محله، دون باقي محلات الحلاقة المجاورة له .. خصوصا، وأن مرسوم قانون الطوارئ لم يصدر إلا يوم 24 مارس 2021، فتم اتهامه بإهانة موظفين عموميين، وحكم عليه ابتدائيا بأربعة أشهر تم تخفيضها لثلاثة أشهر في المرحلة الاستئنافية، ليأتي الدور على المناضلين بوزرو محمد و محمد شجيع، اللذين توبعا في حالة اعتقال يوم 20 أبريل 2020، بسبب منشور بشأن توزيع المساعدات الغذائية على صفحة إلكترونية تحمل اسم فزاز24، في حين تمت متابعة لحسن لمرابطي في حالة سراح في نفس الملف، وقد صدر في حقهم حكم بالسجن لمدة ستة أشهر وغرامة قدرها 10.000 درهم في حق بوزرو محمد و5000 درهم في حق محمد شجيع و15000 درهم في حق المرابطي لحسن، قبل تخفيضها لأربعة أشهر في المرحلة الاستئنافية، كما لم يسلم بعض التلاميذ من المتابعات، من بينهم عبد الإله صبري، الذي تمت متابعته لا لشيء، سوى أنه عبر ببراءة عن أوضاع محيطه المعيشيي ومعايير توزيع مساعدات، كما لاحظ كما هو الشأن لباقي المتتبعين للشأن المحلي بأنها تقدم وتوزع بطريقة مختلة وتتسم بالزبونية، وأكد هذا من خلال تدوينته، حيث يعيب فيها ما شاهده بحيه من محاباة في توزيع هاته المساعدات، وإقصاء فقراء وأرامل منها، فوجهت له تهم  توزيع وقائع كاذبة ونشر أخبار زائفة، وتحريض الغير على مخالفة الأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية الخاصة بحالة الطوارئ الصحية، وعرقلة مقررات صادرة عن السلطات العمومية، بواسطة التدليس، كما هو الشأن لبوزرو وشجيع، ولحسن الحظ، أن التلميذ صبري عبد الإله تمت تبرئته من متابعات أحجمته عن الكتابة التي كانت تعد بالنسبة له طقسا يوميا مقدسا، يحث فيه زملاءه على حياكة خيوط من غيوم ملبدة بالظلم تعلو سماء خنيفرة

كل المغاربة جميعهم يدونون ويصرحون ويكتبون ويسجلون مقاطع فيديو بخصوص الخروقات التي عرفها توزيع قفف المساعدات، التي علقت عليها غالبية المنابر الإعلامية على الصعيد الوطني، ماعدا إقليم خنيفرة الذي شكل حالة استثناء، بل إن وزير الداخلية بنفسه، أكد على هذا المعطى وأوضح فعلا أن توزيع القفة شملته عدة خروقات  .. إذن، فما هو مبرر متابعة هؤلاء ..؟

لا ينبغي تجاهل متابعة ثلاث نشطاء بأجلموس وناشط بمريرت أيضا، على خلفية كتاباتهم ومشاركتهم وانتقادهم لإدارة الشؤون العامة، واحتجاجهم على الممارسات الخاطئة، ومطالبتهم بتصويبها وحثهم على التدبير الرشيد لشؤون جماعاتهم الترابية .. ناهيك عن عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان قاشا كبير الذي استمعت إليه الشرطة القضائية، مساء يوم الخميس فاتح اكتوبر 2020، والذي يعد حلقة من حلقات مسلسل المتابعات في تهم تتعلق بالتحريض والدعوة لاحتجاجات مرضى القصور الكلوي، وخرق قانون الطوارئ الصحية، وتعريض حياة سكان خنيفرة للخطر بنشر فيروس كوفيد 19

 بعد ذلك، وبتاريخ 8 اكتوبر 2020، استمع له الدرك الملكي رفقة رئيس الجمعية المغربية لحقوق الكانسان في ملف يتعلق بالمقالع، وناشط الجمعية في هذا الملف، ليتابع مرة أخرى في ملفين اثنين من طرف جمعية تسمى جمعية مساندة مرضى القصور الكلوي، بسبب بلاغ أصدرته الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بناء على تصريحات طبيبة مركز تصفية الدم بخنيفرة، والذي لا زالت أطوار جلساته مستمرة إلى غاية كتابة هاته السطور، ليأتي دور عبد العزيز امزاز وبوشرى البوزياني بتهم السب والقذف والإهانة والإساءة والتشهير، على خلفية قيامهما بنشر تدوينات تكشف بعض الاختلالات والتجاوزات التي تعرفها المنظومة الصحية بخنيفرة، حيث شهدت هاته المتابعات وقفات احتجاجية

إن التزام الدولة في دستورها بحماية حقوق الإنسان يرتب عليها التزاما آخر وهو ضرورة حماية المدافعين عن هذه الحقوق، وتيسير سبل وشروط وظروف نشاطهم وحمايتهم من كل تضييق أو تحرش، بالنظر لما يقومون به من عمل على ترسيخ قيم حقوق الإنسان وتعزيزها وحمايتها، وتبصير المسؤولين لأوجه النقص والقصور في تدبير الشأن العام، كما أن استفحال تردي الأوضاع العامة بالبلد وتفاقم التهميش الاقتصادي والاجتماعي لا يعالج بالمزيد من الإجهاز على كل الحقوق والمكتسبات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق