للمستقلة رأي

كفى احتقارا وإذلالا للصحافيين ياوزيرنا في الاتصال ..!

0.3

 

هل أصبح الصحافيون المغاربة مجرد متسولين في قارعة الطريق بعد أن منحت وزارة الاتصال دعمها الحاتمي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية قصد توزيعه بمعرفتها على من سيكون مؤهلا عبر الاستمارة التي سيجيب فيها عن الأسئلة التي توضح طبيعة العجز المادي الذي يعاني منه، وإن كنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة ضد هذا الإصرار في إذلال واحتقار الصحافيين، ولا نساوم على كرامتهم وحقوقهم ومصالحهم، فإن هذه الخطوة التي أقدمت عليها الوزارة مع النقابة الوطنية للصحافة المغربية لا يعني إلا أن هناك مخططا لاحتواء الرفض المتواصل في صفوف أمة الصحافيين ضد مشاريع القوانين التي ترغب في تمريرها برلمانيا لتكون في النهاية ضمن منظومة اضطهاد وقهر ما تبقى للصحافيين في عهد هذه الحكومة، وضدا حتى في مواقف من ساهموا في صياغة هذه المشاريع، الذين أعلنوا عن معارضتهم لها قبل تمريرها الذي سيكتمل بالمصادقة على قانون الصحافة والنشر، إلا إذا رفضه مجلس المستشارين -الذي راسلته الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة سابقا في الموضوع- وأعيد للحكومة قصد معالجة عيوبه وتأجيل المصادقة عليه حتى البرلمان المقبل.

إن تقديم الدعم كصدقة للصحافيين مرفوض من الجميع، باستثناء من ألفوا التكيف مع التيار الحاكم وبيع ضمائرهم لمن يبحث عن “خردة” المحسوبين على الصحافة والإعلام، ولا تربطهم بالممارسة لا المعرفة ولا التجربة ولا أبسط المؤهلات المهنية التي تمنحهم شرعية الانتماء إلى مهن الصحافة والإعلام، والمستعدون ليكونوا دروعا بشرية للدفاع عن السياسة الإعلامية والصحفية الحكومية، ولا يعرفون أن أمة الصحافيين يجب أن تكون حرة ومستقلة عن من يمسكون سلطة القرار في كل المهن الإعلامية والصحفية.

إننا في الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، لا نعارض مبادرة الدعم للصحافيين عبر قناة قانونية ومشروعة لو كانت نابعة من إيمان حقيقي ووعي بالمعاناة التي يواجهها الصحافيون والإعلاميون في مقاولاتهم العمومية أو الحزبية أو الخاصة، في غياب المؤسسات والقوانين التي تستجيب لمطالبهم العادلة والمهنية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية، التي يشاركون في التفكير فيها وفي إقرارها بواسطة القنوات المشروعة، بعيدا عن التجنيد الحزبي والانتخابي المتعارض لممارستهم الحرة والمستقلة، وإن كانت النوايا طيبة في إنصاف الصحافيين والإعلاميين، فيجب أن تترك لهم عبر ما يريدون منها لا عبر من تنصبهم الوزارة الوصية لهذا الغرض ضدا في اختيارهم الديمقراطي الذي يجب العمل به في كل ما يهمهم كقوة إنتاجية وخدماتية تمثلها عدة منظمات، علما أن النقابة الوطنية للصحافة المغربية ستوظف الدعم المذكور في حملتها الانتخابية الخاصة بالمجلس الوطني للصحافة إذا تقرر انتخابه قبل رحيل هذه الحكومة.

إن ما يحز في النفس والضمير المهني المواطن هو إصرار الوزارة على اللجوء إلى مثل هذه الخطوات المشبوهة ضد الصحافيين والإعلاميين قصد إخضاعهم وترويضهم، الذين لا يمكن أن يكونوا بهذا الذل والاحتقار الذي يريد أن يعاملهم به الوزير الوصي على قطاع الاتصال، عبر فرض سلطته التي لا يمكن بقوة القانون أن تكون سيف دموقليدس على رقاب من يعملون في الصحافة المستقلة والإعلام الحر الغير خاضع لسلطته، وعبر بوابة النقابة الوطنية للصحافة المغربية التي تعتقد أنها تملك الشرعية التمثيلية لأمة الصحافيين والإعلاميين، التي فازت “بصفقة الدعم” المخصص لجمعية الأعمال الاجتماعية التابعة لها، وهذا ينفي الشرعية على هذه الجمعية التي لا تمثل عموم الفاعلين في المشهد النقابي، وهذا يعد ريعا نقابيا مرفوضا .. ونحن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة نتحداها أن تفسر وتبرر إقدامها على توزيع الدعم الحاتمي للوزارة بدل أن تقوم الأخيرة بذلك.

ليست أمة الصحافيين والإعلاميين رعاعا  أو متسولين حتى يهانوا بهذه الإجراءات المكرسة لنظام السخرة والضغط المادي على المهنيين حتى يوافقوا على البرامج والقرارات التي لم يشاركوا في صياغتها ولم يبدوا الموافقة عليها، كما تحاول الوزارة عبثا القيام بها لفرض الشرعية على مشاريعها القانونية التي عجزت على التسويق لها ووجدت في سياسة شراء الضمائر بمنحها المصداقية التي لن تكون لها إذا ظل الفاعلون المعنيون بإصلاح وتنظيم وتقنين الممارسة الصحفية والإعلامية مقصون من المشاركة وإبداء الرأي النقدي والاقتراحي لتطوير المشهد الصحفي والإعلامي لسلطة رابعة دستورية حقيقية تتمتع بالمكانة والدور الإخباري والرقابي الذي أراده جلالة الملك منها والمغاربة قاطبة.

لن نذكر الوزارة الوصية بعدم شرعية هذا الإجراء المخالف للدستور، والمتعارض مع الواقع الفعلي لما يوجد عليه المشهد الإعلامي الوطني من تعددية نقابية وجمعوية، تقتضي على الأقل استشارة الأطراف الأكثر تمثيلية في المشهد النقابي الصحفي والإعلامي، بدل حصره في النقابة الوطنية للصحافة المغربية “المحمية” التي يعرف السيد الوزير أنها لم تعد المخاطب الوحيد في أمة الصحافيين والإعلاميين .. أما الدعم المقدم فهو مال عمومي، وليس ريعا يوزع على من يسايرون الوزارة في سياستها التي لم تضف جديدا، سواء في المشهد الإعلامي والصحفي أو في المجالات المرتبطة بالاستجابة لمطالب وتطلعات عموم المهنيين القانونية والاقتصادية والاجتماعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق