للمستقلة رأي

العبرة في التدبير الحكومي وفي ترجمة البرنامج الانتخابي يا وزير التجهيز والنقل ..!

ARRABBAH

ربما لا يزال الفاعلون الحزبيون في مشهدنا المغربي لم يستوعبوا بعد مبادئ دستور 2011، التي تنص على الفعالية والمصداقية في أداء المهام، ومنها مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، حيث خرج علينا وزير التجهيز والنقل بما يتناقض وروح هذا المبدأ الدستوري، فعوض أن يعرض ملامح الأداء الحكومي بما له وما عليه التزم بأن يكون مدافعا عنها بشراسة .. وعوض أن يقدم الحصيلة التي تمنحها المصداقية في أدائها والتي تبرر وحدها ما للحكومة من إيجابيات وما عليها من سلبيات دون أن يلجأ إلى اتهام خصومها ومعارضيها، والطعن فيهم لمجرد اختلافهم معها الذي يفرضه موقعهم في معارضتها، وأن هذا الاختلاف يقتضي ممن يوجد في الأغلبية الحكومية عرض الحصيلة والإنصات إلى ملاحظات وتقييم المعارضة، سواء كان في صالحها أو ضدها، كما هو حال العلاقة بين المعارضة والأغلبية في أي نظام ديمقراطي التي تتطلب هذا الحوار والمحاسبة.

في انتظار وعي المعارضة والأغلبية في نموذجنا الوطني بهذه المقتضيات الديمقراطية والدستورية سيظل الخطأ في منهجية الحوار بين هذه الأطراف قائما، كالذي يمارس في الوقت الراهن، وبهذه الملامح الهزلية المتخلفة إلى المزيد من التأهيل واستكمال دروس التكوين التي يجعلها قادرة على القيام بمهامها، بدل ما يمارسه المسؤولون في أحزابها، وبهذه الروح الانتقامية القبلية التي لم يعد مقبولا الاشتغال عليها اليوم في المؤسسات المجسدة لفضاء السلوك الديمقراطي، سواء كان المعنيون بها من المعارضة أو الأغلبية.

لن نعمق النقاش حول منهجية الحوار بين المعارضة والأغلبية، لأن أهل مكة أدرى بشعابها، ويكفي أن التطرف عن الخطاب من قبل الأغلبية والمعارضة لن يساعد على تحقيق الأهداف المتوقعة منه التي تبين وتطرح جوانب النضج أو النقض لدى الطرفين، كما أن التستر وراء الدروشة والتقية والنزاهة والوعي المبالغ فيه كلها عوامل لا يمكن أن تساهم في إخفاء جوانب القصور عن الأداء، سواء في موقع الأغلبية أو المعارضة على حد سواء .. ولعل الأغلبية الحكومية الحالية واعية بأنها تمارس المسؤولية في الحكومة لأول مرة، خصوصا حزب العدالة والتنمية وفي حكومة غير متجانسة في برامج أحزابها، فبالأحرى القدرة على التحول من موقع المعارضة إلى الأغلبية الذي جعلهم يعتقدون أنهم غير معنيون بمواقف المعارضة، وأنهم محصنون في نهاية المطاف في مواجهة الخطاب المعارض اتجاه أدائهم في الحكومة الحالية.

نهمس في آذان السيد وزير التجهيز والنقل إلى أن أبسط مواصفات الرد على انتقادات المعارضة لا علاقة لها بالشك في ورعكم الديني ونظافة اليد، فما يوجه للحكومة يتعلق بما هي مسؤولة عليه من واجبات وبرامج، كما سطرت في برنامجها الذي حصلت على الحق في تنفيذه من البرلمان، وأن الموقع في الأغلبية يقتضي التواضع والإنصات إلى من يوجد في موقع المعارضة والمراقبة والمحاسبة، كما كنتم تفعلون في زمن المعارضة، بدل أن تسمحوا لأنفسكم برفض ما تقوله المعارضة لتدبيركم الحكومي اليوم .. وحسب مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة عليكم أن تتحملوا مواقف واعتراضات خصومكم، ما دامت الأهداف من المعارضة هي تقويم العمل الحكومي وتجويده حتى يستفيد من ذلك من سيكون في الأغلبية التي ستفرزها الانتخابات البرلمانية المقبلة.

إن العمود الفقري للنظام الديمقراطي يقوم على التداول على الحكم بما يسمح للأغلبية أن تتحول إلى معارضة عبر الآلية الانتخابية التي تسمح بمعرفة محاسن ومساوئ هذا التداول على الحكم، وهذا ما لم تعبر عنه يا وزير التجهيز والنقل والقيادي في حزب العدالة والتنمية في اجتماعك مع مناضلي حزبك، مما يطرح أكثر من علامة استفهام على هوية وعيكم بالديمقراطية وأبسط قيمها ومبادئها النظرية والتطبيقية .. اللهم إن كان لكم فهم خاص واستثنائي بالمرجعية الديمقراطية الذي يتلاءم مع مصالحكم وأهدافكم من الممارسة الديمقراطية .. وحتى لا نطيل في تحليل هذه الجزئية في تبسيط ما يجب أن يكون عليه الوعي بالديمقراطية وبالتجربة المغربية في أدائها، نتمنى أن يتسع صدركم للرأي الآخر المختلف معكم ومع طبيعة وعيكم بالمرجعية الديمقراطية الواضحة في تطبيقاتها في الدول التي تؤمن بها وتراهن على الالتزام بها في حياتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق