للمستقلة رأي

قراءة الأخ الأمين العام للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة ذ.فريد قربال لسيناريوهات تشكيل الحكومة الائتلافية المقبلة

qar

يتبين من الخريطة السياسية الحزبية التي أفرزتها انتخابات السابع اكتوبر الجاري، أن حزب العدالة والتنمية الفائز بصدارة النتائج العددية، مطالب بتشكيل الحكومة الائتلافية الأكثر انسجاما في توجهات برامجها الانتخابية، والأكثر تقاربا في الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها من برامجها الانتخابية، غير أن هذا المسعى بالنسبة لحزب العدالة والتنمية ستواجهه عدة عراقيل، أبسطها تباين النتائج وصعوبة تقديم التنازلات التي يمكن أن تساعد على تشكيل التحالف الحكومي المقبل، فبالأحرى الانسجام المطلوب بين مكوناته .. اللهم إذا راهن حزب العدالة والتنمية على أطراف التحالف الحكومي السابق، ورضي بتقديم التنازلات التي ستطالب بها الأحزاب التي كانت معه في الحكومة السابقة .. وفي هذا الإطار، يستبعد نهج التحالف مع حزب الاستقلال والأحرار في ظل الخلافات القائمة بينهما مع القيادة الحالية لحزب العدالة والتنمية، التي لايتوقع أن يقدم التنازلات التي يرغبان فيها.

من معاينة المشهد الحزبي الذي أفرزته الانتخابات يوم 07 اكتوبر 2016، يتضح أن حزب العدالة والتنمية لن يجد صعوبات مع الحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية ومع الأحزاب الصغيرة التي وصلت إلى البرلمان، ويمكن كذلك أن يتحالف مع الاتحاد الدستوري إن كان النصاب الضروري يقتضي ذلك، وقد يدخل في الحساب إمكانية قبول حزب الاستقلال أو الأحرار الدخول في هذا التحالف.

في مقابل هذا السيناريو الحكومي، يمكن أن يكون هناك تحالف حكومي مضاد بزعامة حزب الأصالة والمعاصرة وبمشاركة الأحرار والاستقلال والاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري، إذا ما تعذر على قيادة حزب العدالة والتنمية التجاوب مع مطالب الراغبين في التحالف معه، وهذا سيناريو وارد إذا فشل بن كيران في إقناع من يشاركه في الحكومة الائتلافية المقبلة.. والواضح، أن حزب الأصالة والمعاصرة قد يكون تحالفا معارضا قويا ضد حزب العدالة والتنمية، وهذا السيناريو محتمل جدا، اللهم إن أسفرت مفاوضات حزب العدالة والتنمية مع الأحزاب على توسيع دائرة التحالف الحكومي إن قبلت أحزاب الاستقلال والأحرار والاتحاد الدستوري المشاركة فيه.

ما تثيره قضية الحكومة الائتلافية بقيادة حزب العدالة والتنمية في حالة تشكيلها مسألة توزيع الحقائب الوزارية، وفيها هل سيحافظ حزب العدالة والتنمية على الحقائب التي كان يتولاها في التجربة الحكومية السابقة، أم سيغامر بتحمل المسؤولية في الحقائب التي كانت تتحملها أحزاب التحالف السابق ..؟ وهل يملك من الأطر والكفاءات للانخراط في حكومته بما يقدم لها من حقائب ..؟ وهل ستكون هناك حقائب سيادية في الحكومة المقبلة ..؟ وهل يمتلك حزب العدالة والتنمية ما يؤهله لكي يكون الللاعب الرئيسي في الحكومة الائتلافية القادمة ..؟

من الصعب التكهن بما ستفضي إليه المشاورات التي سيجريها بن كيران بعد تكليفه من طرف صاحب الجلالة بتشكيل الحكومة على ضوء النتائج المحصل عليها .. وهل سيتمكن من إقناع حزب الاستقلال الذي سيكون له تأثير على هذه المشاورات السياسية ..؟ وهل سيتمكن حزب العدالة والتنمية من صياغة برنامج الحكومة المقبلة، وما هو حجم التنازلات التي سيقدمها للأحزاب المرشحة للتحالف معه .. خصوصا، بعد الإعلان المبكر لحزب الأصالة والمعاصرة على رفض أي تحالف مستقبلي مع حزب العدالة والتنمية ..؟ بعد أن أصبح التقاطب بينهما في أعلى درجاته التي تمكن الحزبين من لعب الدور المحوري في أي تحالف لتشكيل الحكومة أو المعارضة، وهذا ما يقتضي استعجال الإعلان عن محاور المشروع التدبيري الحكومي لمعرفة مواقف الراغبين المعارضين من جهة، وهوية المشاركين في تحالف القطبين اللذين سيرهنان التجربة الجديدة حتى نهايتها بعد خمس سنوات.

لا نعتقد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أنه ستحدث مفاجئات في مسعى حزب العدالة والتنمية الذي يظهر في الظرف الراهن أكثر استعدادا لتشكيلة الحكومة وفق نموذج التحالف الحكومي ضد القطب الآخر الذي سيقوده حزب الأصالة والمعاصرة، وسيظل التفاؤل عن مواقف حزب العدالة والتنمية إذا رفض حزب الاستقلال المشاركة في تحالفه وأصبح الطريق معبدا لحزب الأصالة والمعاصرة للإقدام بدله على عملية تشكيل الحكومة المقبلة، حيث لا يعرف سقف إصرار بن كيران على الحكم لولاية ثانية، إذا استحال عليه إقناع الأحزاب الأخرى المؤثرة في التحالف الحكومي الذي يرغب في تكوينه، إذا ما أصر حزب الاستقلال على عدم التحالف معه واتضحت عناصر ميزان القوى لصالح القطب المعارض له بعد انتهاء فترة المشاورات السياسية التي سيقودها أولا رئيس الحزب الفائز بالصدارة.

يبقى السيناريو الممكن حدوثه في حالة عدم تجاوب حزب العدالة والتنمية مع مطالب الأحزاب التي ستشاركه في الحكومة، أن تتدخل الدولة لتحقيق قيام هذا التحالف، وهذا السيناريو مستبعد كما عبر جلالة الملك عن ذلك في خطاب العرش، حينما أكد على ضرورة أن يظل على مسافة واحدة من جميع الأحزاب، وأن الأحزاب التي ستحظى بثقة المواطنين هي المعنية بصياغة وإنجاز متطلبات هذا التحدي الذي يتعلق بتشكيل الحكومة القادرة على الاستجابة لانتظارات المواطنين.

هذه هي ملامح السيناريوهات المرتقبة لتشكيل الحكومة المقبلة .. اللهم إن كانت هناك مستجدات تفوق المتاح أمام حزب العدالة والتنمية، وتتطلب منه تنازلات خارجة عن إرادته، وهذا مستبعد كما تشير إلى ذلك خرجات وردود رئيس الحكومة المقبلة من الآن الذي يصر على قيادتها في الولاية الثانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق