أخبارمتفرقات

عدت يا رمضان ..!

RAMADA

د. الصديق بزاوي

بأي حال عدت يا رمضان … بما مضى أم بأمر فيك تجديد

أكيد، أن رمضان عاد وسيعود مرات ومرات على المسلمين إن شاء اللـه تعالى، شأنه في ذلك شأن جميع العبادات الموسمية التي تتكرر على أمة يريد لها اللـه سبحانه وتعالى أن تكون “خير أمة أخرجت للناس”، وأكيد أنها أمة تؤدي الشعائر بنسب كبيرة وبتحمس ملحوظ على الأقل من حيث المظهر، وأكيد أيضا، أن ممارسة الشعائر الإسلامية من صوم وصلاة وحج لاتنعكس على واقع تجمعات المسلمين على مستوى السلوك الفردي أو مستوى التعاملات الجماعية اجتماعية كانت أو اقتصادية أو سياسية.

رمضان هذه السنة تزامن مع حدث اعتبره اللامبالون من المسلمين غريبا، في حين اعتبره المهتمون بشؤون المسلمين أمرا طبيعيا .. إنه انعقاد لقاء بين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية (ترامب) ومجموعة ضخمة من قادة الدول العربية والإسلامية في عاصمة المملكة العربية السعودية (الرياض)، و لا نبالغ إذا أطلقنا على هذا اللقاء، لقاء الطاعات والكرم، عبر فيه المتهافتون على لقاء (ترامب) على بعض خاصيات شهر الصيام، من طاعة وكرم بطريقتهم الخاصة في إطار ما يمكن تسميته ب.(الإسلام الأمريكي)، وهي مع الأسف طاعة وكرم لغير اللـه.

إن اللقاء المشبوه حقا شكل فرصة أسالت لعاب الكثير من القادة والزعماء، الذين قدموا فروض الطاعة والولاء لولي أمرهم القديم / الجديد الذي يشكل الوجه القبيح للصهيونية العالمية، وأظهروا أقصى مظاهر الانبطاح لقوى الاستكبار المتعطشة لتمريغ كرامة المسلمين في الوحل .. إنه استسلام وما بعده استسلام لمغتصبي أرض فلسطين ومدنسي القدس وتهويدها .. إنه الطاعة العمياء، وتولية غير المسلم من طرف من نصبوا أنفسهم حماة الدين الإسلامي من البدع والإديولوجيا المتطرفة، ومن الفرس المجوس والدفاع عن أهل السنة والجماعة وهم يصدرون التشدد (الوهابي) ويمارسون أبشع صور التعصب القبلي، واستعباد المستضعفين وإقصاء الآخرين.

كرم ما بعده كرم .. مجموعات استغنت فطغت، مستعدة لدفع نصف الثروة التي تعد بمئات وآلاف الدولارات لأسيادهم الصهاينة بمختلف جنسياتهم ومعتقداهم مقابل (حمايتهم) من عدو مفترض يشهد أن لا إله إلا اللـه وأن محمدا رسول اللـه .. وذلك، بتزويدهم بصفقات من الأسلحة وخبرات عسكرية تمكنهم من تدمير الخارجين عن طاعتها و (المتمردين) عن سياساتها وسلوكاتها من بني جلدتها وأخواتها في الدين، وما يحدث في سوريا واليمن وليبيا إلا نموذجا ناطقا لطغيان المستحوذين على (البترودولار) ومدى الدمار الشامل والخراب، وسفك الدماء الذي نتج عن سياساتهم فوق الإجرامية.

فعلا، إن رمضان هذه السنة عاد وفيه تجديد .. إنه تجديد لا يستغربه متتبع للمسار الذي تعتمده جل كيانات المسلمين، وإن قيم الإسلام الحنيف تتآكل باستمرار وتتعرض للتخريب، وما أكثر الأيادي الخبيثة التي تعبث بها .. إن واقع المسلمين واقع مريض اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا .. إن المسلمين يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي أعدائهم .. وإن عباداتهم التعاملية في أسفل الدرجات رغم عباداتهم الشعائرية التي لا تقر في القلب ولا يصدقها العمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق