أخبارمتفرقات

مارتشيكا .. أو خرافة التنمية المجالية

MARTCHIKA

 عبد الصمد السقالي

جزء من تقرير الجمعية الجهوية لحماية البيئة بالناظور 

تعتبر وكالة مارتشيكا المحدثة سنة 2010 بمقتضى ظهير ملكي، من بين أهم المؤسسات العمومية الإستراتيجية، حيث تحتل المرتبة الثامنة من ضمن المؤسسات العشرين الخاضعة لقانون تنظيمي خاص بها .. وعلاوة على الغلاف المالي الاستثنائي المخصص للوكالة والمقدر بــ 46 مليار درهم، أي ما يفوق أربعة ملايير دولار .. تحظى المؤسسة بدعم من قطاعات حكومية متعددة، كما تمارس اختصاصات جماعية محلية بالإقليم في مجال التعمير واستغلال المجال الترابي الواقع تحت نفوذها الإداري، والذي يفوق عشرين ألف هكتار. وتسعى الدولة إلى تقديم مثل هذه المؤسسات كنموذج للحكامة الجيدة والتدبير العقلاني للشأن التنموي والاقتصادي والبيئي، وآلية من آليات الدولة الحديثة، الأمر الذي يفسر تخصيص قانون تنظيمي يؤطر عمل ووظيفة هذه المؤسسات والمقاولات العمومية، وفق مبادئ ومواصفات تؤشر على حضور الكفاءة والخبرة الميدانية وعلى قيم الاستحقاق والنزاهة والشفافية وحسن التدبير .

 إلى أي حد تمكنت فيه الوكالة من إنجاز وظيفتها المركزية المتمثلة في دعم التنمية المجالية وخلق شروط التأهيل الاقتصادي، وتثمين الرأسمال غير المادي، وهل بقيت الوكالة وفية لرؤيتها الإستراتيجية ولمخططاتها التنموية في دائرة اختصاصها ..؟ وهل حافظت الوكالة على الوتيرة التصاعدية أمام ما ينتظرها من إنجاز للمشاريع والأوراش المتنوعة ..؟ وإلى أي حد يمكن الحديث عن حكامة جيدة في مجال تدبير الموارد البشرية وفي حقل التنمية المحلية، خصوصا خلال الفترة الأخيرة، التي فقد فيها المدبرون الأساسيون بوصلة الإبحار في عمق أوعلى ضفاف البحيرة ..؟ و ما هو حجم تأثير غياب قائد السفينة الذي وجد نفسه معلقا في الهواء متخطيا حدود سماء العديد من الدول الإفريقية .. ؟

تناسل هذه الأسئلة مرده واقع الجمود والتباطؤ الذي تعرفه الوكالة، بعدما كانت النجاعة وسرعة الإنجاز والتخطيط الجيد للمشاريع هي السمة الأساسية لأداء الوكالة .

فأي المبررات يمكن أن نقنع بها الرأي العام أمام عجزها في استكمال ورش منتزه الطيور، الذي تم إعطاء انطلاقة أشغاله من طرف جلالة الملك في إحدى زياراته للمنطقة ..؟ علما أن السقف الزمني الأقصى للإنجاز لن يتجاوز صيف 2018، حسب البطاقة التقنية للمشروع ..؟

وفي نفس السياق، مازال الجميع يترقب انطلاق مدينة البحرين، في حين لن يبقى من حياة الوكالة إلا سبع سنوات كحد نهائي لإنجاز المشاريع والأوراش الموكولة إليها، دون أن تحرك الوكالة ساكنا .

إن أجواء الركود المخيمة على الوكالة أضرت بالتزاماتها أمام ساكنة العديد من المراكز والأحياء السكنية .. خصوصا، بمنطقة بوقانة وقرية أركمان والجزيرة الفاصلة بين بحيرة مارتشيكا والبحر الأبيض المتوسط، إذ لم تعمل الوكالة إلى حد الساعة على إنجاز أوراش التهيئة والتأهيل بهذه المناطق التي تعد مجالا حيويا أساسيا للبحيرة .

وعلى صعيد آخر، فإن الوكالة لم تعد قاطرة للتنمية المحلية، بقدر ما أصبحت معرقلة لحركية الاقتصاد الإقليمي، أمام العراقيل والأبواب الموصودة لتشجيع المستثمرين والمنعشين العقاريين على المساهمة في إعادة الهيكلة وإنعاش الشغل، علما أن مشروع تهيئة البحيرة يتحدث عن خلق حوالي ثمانين ألف منصب شغل بصفة قارة ومؤقتة .

والأخطر من كل هذا وذلك، هو تحول الوكالة إلى مقاولة مجهولة الهوية، وليس بينها وبين قيم التدبير الجيد إلا الخير والإحسان، ويجهل الآن مصدر القرارات الصادرة عنها، وكيفية بلورتها، والجهة المتحكمة فيها.

وهل ضاقت مكاتب الوكالة، ولم تعد تتسع لمدبريها الذين اختاروا المقاهي الفاخرة مكانا للمؤانسة والحسم في أمور المؤسسة بعقلية المقاولة التقليدية، بعيدا عن قواعد الحكامة الرشيدة وقيم المقاولة المواطنة .. وهل تحول التدبير العقلاني الحديث إلى إدارة عائلية ..؟ ترى هل تتحرك أجهزة الافتحاص والمراقبة لتنقية وكالة البحيرة من الأيادي الملوثة .. ؟

إن الرأي العام المحلي ينتظر الوفاء بالتزامات الوكالة إزاء الساكنة، وإزاء الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، في إنعاش الاقتصاد المحلي الذي يعرف ضائقة كبيرة ـ أمام غياب المنافسة العادلة
والمنصفة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق