أحداث دوليةأخبار

الذاكرة التاريخية المغاربية المشتركة ومحاولات إفسادها من قبل النظام الجزائري

لا يسعنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أمام التصعيد الجزائري، إلا أن ننتظر عودة هذا النظام المجاور لنا عن هذه السياسة التي حفر بواسطتها قبرا عميقا لما تبقى من مشروع الاتحاد المغاربي، الذي تأسس في بلادنا، دون أن يستحضر قادة هذا النظام عمق الروابط المغاربية المتجاوزة للحدود الاستعمارية، التي صنعت منها الشعوب المغاربية الذاكرة التاريخية المشتركة، التي تحاول الجزائر محوها إلى الأبد، مع كل ما بصمته بالنسبة لهذه الشعوب من خطوات لبناء وحدة هذا الاتحاد، وتجاوز عراقيل بنائه التي لم تستكمل بعد

إن ما تعيشه شعوب الاتحاد المغاربي اليوم، من الإرث الاستعماري الذي يحاول تعميق جروحه وفرملة جميع مشاريع الوحدة والتضامن والتعاون المغاربي المنقطع والمتوقف في الكثير من المجالات البيئية، خاصة بين الجزائر والمغرب، يشكل قضية الوحدة الترابية أهم أسبابه إلى الآن، التي تستغلها الجزائر للبحث عن مصالحها الجيوستراتجية في المنطقة، والتي توظف مبدأ تقرير المصير وإجراء الاستفتاء في الصحراء المغربية الحل المقبول بالنسبة إليها، رغم تطور موقف المغرب الذي يحصره في الحل السياسي عبر الحكم الذاتي في إطار سيادة الوطن، الذي تعارضه الجزائر بقوة، ولا تبالي بتكاليفه الباهضة على شعوب المنطقة

إن النظام الجزائري يتجه إلى المواجهة مع كل جيرانه من موريتانيا حتى ليبيا في الشرق، بالرغم من المواقف المعتدلة لدول الجيران اتجاه قضية الوحدة الترابية في المغرب، و لا يظهر في الأفق القريب ما يؤكد على أن الجزائر يمكن أن تعيد قراءة مواقفها، أو تعالج أسباب التوتر مع جيرانها، الذين يتعاملون معها خاصة في دول المغرب العربي بالأهداف والتعليمات المنظمة للاتحاد المغاربي، التي لم يكتب لها أن تتطور في ظل هذا العداء الجزائري المتواصل للتعريف بهوية دولة الجزائر، التي لم تعرف لها من قبل احتلالها من قبل فرنسا، وقد كانت إحدى إمارات الدولة العثمانية في عهد الداي الحسين، المعروف بالمروحة، واستمر استعمارها أكثر من 130 سنة، وتحررت بدعـم قوي من المغرب ومقاومة جيش التحرير في 1962، وبرزت مقاومتها في عهد الأمير عبد القادر، وكان غربها جزء من الدولة المغربية التي اقتطع منها على يد فرنسا، التي ضمته إلى الجزائر بما في ذلك الصحراء المغربية الشرقية ومنطقة جبيلات تندوف من أقصى شمال الصحراء المغربية الغربية، التي استرجعها المغرب من إسبانيا بواسطة المسيرة الخضراء المظفرة والاتفاقية الخاصة بالجلاء مع إسبانيا

ظل قادة الجزائر العسكريون الذين يتناوبون على السلطة بعد الاستقلال، يتناوبون على مضايقة المغرب حتى بعد حرب الرمال، وعرقلة استكمال المغرب لاستقلاله الوطني في أقاليمه الجنوبية المغربية الصحراوية، وإلى الآن، يتمسكون بأسطوانة تقرير مصير الشعب الصحراوي، الذي عاد جل أفراده إلى وطنه المغرب، وقد ازداد العداء الجزائري ضد المغرب على إثر نجاح المغرب في طرح مشروع الحكم الذاتي في إطار السيادة الوطنية، الذي يعتبره النظام العسكري الجزائري كلاما مرفوضا حتى الآن،  ولا يتوافق وأطروحته الانفصالية التي تضخمت معها أطماع المجموعة الانفصالية الموالية لعصابة الكابرانات الجزائرية، التي تصر على تصعيدها إلى إشعار أخر، رغم الضربات الموفقة التي يوجهها المغرب إليها

لا أحد من المغاربيين المؤمنين بالوحدة والمصير المشترك يستنكر لقيمة تأمين الذاكرة التاريخية المشتركة، في ظل حلحلة الحاضر الذي يحاول حكام الجزائر استمرار تحكمهم في القضايا الخلافية المطروحة مع المغرب، الذي يترجم باستمرار إيمانه بالتاريخ المشترك للمغاربة، ويحاول بالوسائل المتاحة أمامه تعبيد الطريق إلى إحياء هذه الذاكرة المغاربية التاريخية المشتركة .. ونظن في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن الأمل ما يزال مطروحا ومفتوحا لتحقيق ذلك، حيث صخرة الوعي المغاربي الوحدوي تؤطر مواقف عموم المغاربة باستمرار

لسنا دعاة تفرقة، أو من هواة خلق النزاعات بين الشعوب، أو من يعيشون على الصراعات لخدمة الأجندات الاستعمارية التي تترقب تطور الصراعات في الاتجاهات التي تخدم مصالحها

لن نغلق الحوار أو النقاش حول هذا الموضوع، الذي يجب أن يكون محورا للمبادرات التي تستهدف بناء الثقة بين شعوب الاتحاد المغربي، وخلق الأجواء الآمنة التي تمكنهم من المساهمة في بلورة المشاعر الإيجابية، التي تقوي عوامل الوحدة بينها

الواضح، أن الإعلام الجزائري المحسوب على النظام لا يزال يحلق في فلك الدعاية الرسمية للنظام الحاكم في الجزائر، حيث يلعب الذباب الإلكتروني اليوم دورا أساسيا في الدفاع عن أطروحة النظام، التي يجب أن يستوعب خلفياتها التاريخية والسياسية والحضارية المضادة له، وسوف لن يتوقف عن إدانة هذه المنابر الإعلامية المهللة للنظام الذي يعارض الوحدة الترابية باستمرار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق