جماعات و جهات

الشأن المحلي في المغرب والحاجة إلى الشفافية الانتخابية والتنموية

مع قرب تجديد المجالس الجماعية والجهوية في الانتخابات المقبلة، أصبح مطروحا على كافة الأطراف المعنية بالشأن المحلي مناقشة العجز الملموس في التجارب التدبيرية المتعاقبة، خاصة من قبل الهيئات التي تنتخب منها النخب التي ستدير هذا الشأن المحلي.
للأسف، لا زلنا في نموذجنا المغربي دون الحد الأدنى من امتلاك التقدم، الذي يجب أن يكون عليه الشأن المحلي، وحتى تجربة المناظرة الوطنية للجماعات التي كانت تعقد نهاية كل تجربة جماعية، لم يتم الاحتفاظ بها وتطويرها حتى تكون قادرة على اختيار الشأن المحلي ومشاركة الجميع في تحسين تدبيره، ولا يتوقع في ظل تواضع التدبير الحالي أن يكون للقوانين المزمع المصادقة عليها أي تأثير على تطور التجربة الجماعية والجهوية، حيث تأكد بالملموس عجز التجربة على طرح البدائل الكفيلة بالنهوض بهذا الشأن المحلي.
لن نزايد على أحد من كافة الأطراف المعنية بالشأن المحلي، فتحديث الشأن المحلي يتجاوز قدرات هذه الأطراف ويحتاج إلى الشفافية في البرامج الانتخابية والتنموية، التي تطرحها هذه الأطراف، حيث لم تتقدم إلى الآن بما يوحي بعرض برامجها في التدبير المحلي، سواء كانت من الأغلبية أو المعارضة، كما أن جميعها تراهن على الفوز بثقة المواطنين في الانتخابات المقبلة، دون أن تكلف نفسها طرح تجاربها للنقاش العمومي، حتى يتبين للمنافسين حقيقة الجهود التي بذلت للرفع من مستوى تدبير الشأن المحلي في ظل التخلي المتواصل على المناظرة الوطنية للجماعات المحلية، وعدم تعويضها بفضاء آخر للنقاش العمومي أو الأطراف المعنية حتى الآن.
طبعا، الشأن المحلي هو محطة التفاعل بين المنظومة القانونية والإدارية، مشروع التنمية الذي تقوم النخب الحزبية والنقابية والمدنية بتنفيذه في الجماعات، التي يقوم عليها الشأن المحلي، سواء كانت جماعات قروية أو حضرية أو مجالس مدن أو مجالس جهوية، ومشروع التنمية الذي تسهر النخب المسؤولة عن الشأن المحلي بتنفيذه، سيتخذ برامجه وأهدافه من البرامج الانتخابية التي وصلت بها هذه النخب إلى سلطة التشريع والتنفيذ في هذا الشأن المحلي، التي يجب أن تكون قادرة على الاستجابة لتطلعات الساكنة المحلية في جميع المجالات، التي تخص هذا الشأن المحلي ومتلائمة مع الإمكانيات المتاحة والوسائل التقنية والبشرية التي توجد في مؤسسات هذا الشأن المحلي على اختلافها، وأن يكون القائمون عليها في مستوى المسؤوليات التي يتحملونها.
ما يحقق قوة البرامج الانتخابية والتنموية في الشأن المحلي سيتخذ من قوة التحضير والتخطيط والتحليل الذي تقوم به النخب الحزبية والنقابية والمدنية، حيث تتحدد درجات التطور أو التأخر في البرامج الانتخابية عبر ما يبذل من قبل هذه النخب، التي قد ترشح نفسها للشأن المحلي، وهذا ما يفسر أسباب تواضع البرامج الانتخابية والتنموية التي اعتادت الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني تقديمها في الانتخابات الجماعية والجهوية، وهو الذي يفسر أيضا محدودية نسب النجاح التي تحققها هذه الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني في هذه الانتخابات التي لم تطور فيها عملية تحضيرها لهذه البرامج، التي تحرص دائما على أن تكون وردية وحالمة وغير قابلة للإنجاز.
إن المسؤولية في إغناء التدبير الجماعي والجهوي تتحملها النخب الحزبية والنقابية والمدنية في المقام الأول، انطلاقا من أن المنظومة القانونية التي تعتمد في هذا التدبير للشأن المحلي تكون محصلة مناقشة ومصادقة هذه النخب، مما يعني أن تطور الشأن المحلي أو تخلفه مرتبط بطبيعة مشاركة هذه النخب ومساهمتها في إغناء المنظومة القانونية والتنموية، التي يتم اعتمادها من قبل هذه النخب .. وبالتالي، أن مستقبل تجربة الشأن المحلي لا يمكن تقييمها خارج تقييم أداء هذه النخب على المستوى التدبيري والتشريعي الذي يرهن كل تجربة ويتحكم في نتائجها على المستوى التأهيلي والتنموي.
لن نذهب بعيدا في عرض ما يجب أن يكون عليه الشأن المحلي انطلاقا من الأولويات التي تضعها النخب المعنية بحاضر ومستقبل هذا الشأن المحلي، بدل ربط مناقشتها بتدخل الدولة الذي تراجع إلى حد كبير، بعد أن أصبح للنخب الحزبية والنقابية والمدنية دور كبير في كل جوانب هذا الشأن المحلي، وبعد أن أصبح الرهان على تطوره في المقاربة التشاركية الديمقراطية التي أصبح إحدى أهم مفاتيح استقرار وتطور الديمقراطي المحلية والوطنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق