للمستقلة رأي

الصحافة فن وإبداع يا سادة ..!

JOURNAUX

لا يجادل أحد في أن الصحافة هي المرآة التي تعكس لنا واقع المجتمعات، ولها دور كبير في توجيهها وإرشادها وطرح همومها هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فهي تعد المعيار الذي يمكن بواسطته التعرف على مدى توفر المجتمع على الحرية، وهي مهنه شريفة تلزم العامل في حقلها أن يتحلى بأخلاقيتها، ويطبق القوانين المسطرة لها، التي ترتكز أساسا على استعمال الأمانة واللباقة في نقل الأحداث، سواء منها الاجتماعية .. الاقتصادية والسياسية وغيرها، هدفها المنشود هو تنوير الرأي العام الوطني، والتعبير عن مختلف اتجاهاته، وإسهاما منها في تكوينه وتوجيهه، ومن غير المعقول أن تتحول هذه المهنة على أيدي بعض المتطفلين إلى أداة تهدم مجتمعها.

أجل، إننا نؤمن بهذا الطرح أشد الإيمان، لكن ما أصبح يعرفه الحقل الصحفي الوطني اليوم من تصرفات بعض الجرائد التي ربما تغير عنها الماء، وأصبحت تبحث عن المواضيع التي تثير انتباه القراء، طمعا في المزيد من المبيعات ضمانا لمواصلة مشوارها دون إيلاء أدنى اعتبار لما تتركه مواضيعها من آثار في النفوس، بحيث أخذت جاهدة في حكيها لقصص أناس رحلوا عن هذا العالم منذ مدة ليست قصيرة لتنبش في لحودهم، وتشوه صورهم في فترات سكرات الموت .. الغريب في الأمر أن معظم الذين يقرؤون هذه القصص الآن هم من الجيل الجديد ولا يعرفون شيئا عن أبطال قصص الجرائد التي (…)، وعلى هذا، علق أحد الظرفاء قائلا: “إن هذه الجرائد أصبحت تشبه في تعاملها مع القراء ك. الجدات القديمات اللائي كن يحكين لأحفادهن قصص العصور الغابرة”، وبهذا التشبيه يريد صاحبنا أن يقول بأن الجرائد المعنية قد فقدت القدرة على الانسجام مع الحاضر، ولم يبق لها ما تقوله، لهذا عاودها الحنين إلى الماضي المظلم.

هذا نوع من الجرائد، أما النوع الثاني، وهذا ما ضاق منه القراء ذرعا وهو الذي أصبحت أخطاره تهدد كل البيوت وتنذر بشتات الأسرة المحافظة، وتزرع بوادر الانحراف بكل أشكاله في المجتمع، لما أخذت بعض الجرائد الورقية والإلكترونية على حد سواء على عاتقها إفساد شبابنا وتزويده بكل ما يساعده على الانغماس في ويلات العالم الغربي .. أجل سمحت لنفسها بنشر كل شيء عبر صفحاتها الطويلة العريضة .. ولا تتوانى في خرق قوانين الصحافة المتعارف عليها .. فاسحة المجال لحواسيبها لنثر كل أنواع الكلام الكبير والمصطلحات التي يندى لها الجبين، دون إعارة أي اعتبار لشعور الآخرين، ودون أن تكترث بأن ما ينشر يكون بمثابة دروس مجانية تهدي قارئها إلى سلك سبل الانحراف والوصول إلى الهاوية .. ودون أن تعي بأن تصرفها هذا لا يمت بصلة للصحافة التي هي قبل كل شيء فن وإبداع، وليست مطية للوصول إلى المبتغيات الذاتية.

لا يسعنا في مثل هذه الحالات التي تعددت وربما الهدف واحد إلا أن نرفع أكف الضراعة إلى ملهم العباد أن يجنبنا شرور ما تقدمه هذه الجرائد والمواقع .. ونحن نردد قولة الشارع العام “اللـه يفيقها بعيبها” آمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق