للمستقلة رأي

حتى لا يتنكر المسلمون لتراثهم الأخلاقي الخالد

images (3)

أمام المشاهد المرعبة للعمليات الإرهابية الدموية التي تنفذها الحركات الجهادية والتكفيرية والقتالية المحسوبة على السنة والشيعة في عالمنا العربي والإسلامي، والتي تخلف الضحايا والتدمير الكارثي في المناطق التي تهاجمها .. لا يسعنا في جريدة المستقلة بريس إلا تقديم التعازي لأسر الضحايا الأبرياء، وطلب العون والصبر للشعوب التي تتعرض لهذه الهجمات البربرية التي تنفذها هذه الجماعات التي تدعي الإسلام البريء من سلوكاتها العدمية والظلامية والتخريبية.

إن ما يحدث باسم الإسلام من قبل هؤلاء التتار الجدد يفسر حقيقة الثورة المضادة التي ينفذها المسلمون ضد تراثهم الإسلامي الخالد، حتى يتمكن الاستعمار الغربي الجديد من تفتيت المجتمع والاقتصاد والثقافة التي تقوم عليها المرجعية الإسلامية والعربية، التي بصم بها المسلمون صفحات تاريخهم قبل الإسلام وما بعده، والتي مكنت الغرب الذي يحاول منذ قرون تشويه هذا التاريخ، وإزالة هذه الصفحات المشرقة الإسلامية منه، ولعل القيادات التي تنفذ المخطط الاستعماري الغربي نيابة عنه تعرف حجم وخطورة عمالتهم الجديدة التي يتزينون بها تحت شعارات الدفاع عن العقيدة، وبناء الخلافة الإسلامية التي يؤمنون بأنه من المستحيل استعادتها لاختلاف الأوضاع والعوامل التي صنعت المجد الإسلامي التاريخي، وأن ما يقومون به من عمليات القتل والهدم اليوم ليست سوى حلقة أو مقدمة للمخطط الهمجي والمتوحش الذي رُسم للمنطقة العربية والإسلامية من قبل خبراء ومنظري السياسة الاستعمارية الغربية الجديدة.

سيظل التراث الحضاري الإسلامي والعربي خالدا، رغم عمليات المسخ والتشويه التي تنفذها العصابات الدموية التكفيرية التي لا تختلف عن قطعان الغرب الاستعماري، الذي غزى قارات إفريقيا وأمريكا وآسيا وشوه حضارات شعوبها، وسرق منجزات حضاراتها في جميع المجالات، ونهب ثرواتها وسخر شعوبها للعمل في ضيعاته وشركاته، وحولهم إلى رقيق أبيض وأسود في تجارته الاستعمارية التاريخية، ويكفي أن ما قام به الاستعمار الغربي خلال حملة الاكتشافات الجغرافية وفترة التوسع الامبريالي الرأسمالي يفوق ما قامت به جميع الإمبراطوريات الشرقية مجتمعة، والذي يشكل امتدادا طبيعيا لما قامت به الإمبراطوريات الغربية التاريخية اليونانية والرومانية والبيزنطية والوندانية التي لم تختلف عنه في بشاعة النتائج السياسية والاقتصادية والحضارية والتاريخية، لكن الأخطر هو أن ينوب المسلمون عن هذا الغرب في هذه السياسة الاستعمارية المدمرة ضد شعوبهم وحضارتهم المترجمة بواسطة هذه العصابات التي تروج للجهاد والشريعة والعقيدة، وما هي في الحقيقة إلا قطعانا من المجندين لهذه العمليات الإرهابية الدموية الوحشية التي تنفذ بدماء باردة ومشاعر إنسانية ميتة.

المسلمون اليوم مطالبون بالتمسك بتراثهم الحضاري الخالد، والعدول عن تطبيق مخططات أعدائهم الذين لايؤمنون بنبل القيم الأخلاقية والإنسانية لحضاراتهم، فبالأحرى نصرة المحسوب على الإسلام الذي جاء رحمة للعالمين ومبشرا ومؤكدا على المشترك في الأديان السماوية في مجالات التوحيد والعقيدة والأخلاق، وسيكون من العبث بالنسبة لهؤلاء الذين ينفذون مخططات الغرب الاستعماري تجاهل عمق مفعول التراث الإسلامي الخالد في وعي المجتمعات الإسلامية والعربية الذي نشرته في العام في فترات قوتها التي يحاول هؤلاء المتجردين من جميع القيم الأخلاقية والدينية الأصيلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق