مجتمع

عن فضائح البرنامج الاستعجالي للإنقاذ قي قطاع التعليم

BEL AL MOKHTAR

شكرا لوزير العدل بتحريك المساءلة القضائية في ملف التعليم المتعلق ببرنامج الإنقاذ الاستعجالي الذي بلغت تكاليفه 50 مليار درهم، وننتظر كما قالت جمعية محاربة نهب المال العام أن يصل التحقيق للرؤوس الكبرى، بدل أن يتوقف عند الموظفين الصغار .. كما أن من شأن التحقيق في هذا الملف إبراز أسباب فشل البرنامج الذي انتهت عشريته بوقف العمل بأوراشه، والشروع في تطبيق وصفات الرؤيا الاستعجالية المستقبلية التي صادق عليها المجلس الأعلى للتعليم مؤخرا.

إننا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، نريد أن يصل التحقيق القضائي في هذا الملف إلى الأطراف المسؤولة عن هذا الفساد المالي في قطاع التعليم الذي تخصص له في ميزانية الدولة حصة الأسد بالمقارنة مع باقي النفقات الاجتماعية الأخرى .. وللتذكير، فإن الاتحاد الأوربي نبه إلى الاختلالات التي عرفتها ميزانية هذا البرنامج، وطالب المغرب بالتدقيق والافتحاص في صرف الاعتمادات المالية التي ساهم بها والتي تقدر بأكثر من 33 مليار يورو، ناهيك عن ما كشفته تقارير المنظمات الدولية ذات الصلة حول أزمة نظامنا التعليمي، بما فيها ما تضمنته خطب جلالة الملك في أكثر من مناسبة وطنية حول ضرورة تجاوز نقائص وجوانب الضعف والتأخر التي يعاني منها نظامنا التعليمي.

نحن لا نريد أن نتشفى في أي أحد، وكل انتقاداتنا لاتتجاوز المطالبة بتحسن الخدمة التعليمية وارتفاع جودتها في تحقيق تنمية مؤهلات وقدرات تلاميذتنا وطلبتنا في جميع التخصصات التأهيلية والتكوينية، ولا نرضى أن يكون في قطاع التعليم الفساد المالي الذي تعرف القطاعات الاقتصادية المختلفة في فوضى الإنتاج والتمويل والتسويق تضاف إليها القطاعات التنموية التجهيزية الجماعية والجهوية المسؤولة عن تدبير الشأن التنموي في هذه المؤسسات المنتجة ذات الاستقلال الإداري والمالي .. لكل ذلك، فإن فتح ملف الفساد في البرنامج الاستعجالي للإنقاذ في قطاع التعليم يجب أن يتجه إلى الرؤوس التي استفادت من صفقاته اللوجستكية والتربوية، وأن يتم تطهير هذا القطاع من الأطراف التي تقف وراء استمرار ظواهر الفشل في تطبيق البرنامج والسياسات التنموية التي رصدت له على امتداد عمر المدة التي طبق فيها ميثاق التربية والتكوين.

يكفي أن نشير إلى معضلة تغيير المناهج في العملية التربوية الذي لم يتوقف منذ اعتماد منهجية الأهداف على عهد الوزير الحالي للتربية في تجربة تسييره الأولى، حتى منهجية الإدماج للفرنسي أكزافي التي تم التخلي عنها مؤخرا والسماح للفاعلين بتدبير المنهجية الملائمة التي تتيح للمتعلمين في العملية التعليمية من تحقيق الأهداف التعليمية بالاستعجال المناسب للقدرات البيولوجية والمعرفية المتوفرة، بعيدا عن الاشتغال على التوجهات المحددة في مناهج لاعلاقة بالمتعلمين ولا بالمضمون المعرفي والتربوي المستهدف في المادة الدراسية، سواء كانت علمية أو أدبية أو تقنية، والأخطر هو الاستعجال في الإجراءات التي حددتها الرؤيا الإستراتيجية المستقبلية التي وضعها المجلس الأعلى للتعليم للنهوض بالتعليم المغربي في أسلاكه الثلاثة، وتأمين الحصول على تكوين وتأهيل مناسب للفرص التي يقدمها الاقتصاد الوطني في جميع قطاعاته الإنتاجية والخدمات.

نحن لا نعارض التحرك المجتمعي في صيغته الجديدة والذي يستهدف معالجة الاختلالات البنيوية التي يعاني منها نظامنا التعليمي، لكن طبيعة المواجهة وآليات الاشتغال ومنظومة الإجراءات التي تقرر الشروع فيها في أفق ترجمة أهداف الإستراتيجية في المدة المحددة لها سنة 2030، يحرضنا على المطالبة بالرهان على المنهجية التشاركية لإنجاح كل الخطوات الإصلاحية، ومنها منهجية التدريس التي سمح للمدرس في الفصل باستخدام المنهجية الملائمة لموضوع الدرس وفضاء إنجاز العملية التعليمية، ويحق لنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، المطالبة باستمرار ورش الحوار المجتمعي حول الهم التعليمي، وتواصل المجلس الأعلى للتعليم مع كافة المتدخلين في القطاع التعليمي للنظر في الإشكاليات المطروحة، والبحث عن الحلول التي يمكن اعتمادها للنهوض بهذا القطاع المسؤول على تكوين الرأسمال البشري الضروري للتنمية وحماية الاستقلال والهوية الحضارية المجتمعية عبر ما يقدم لأبنائنا في كل الأسلاك التعليمية من الروض حتى الجامعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق