للمستقلة رأي

لا فضل لكم في نظامنا الديمقراطي وإقرار حكومة التناوب يا رئيس حكومتنا

 

GRAND CHEF

 

 

لا أحد يعترض على تواصل رئيس الحكومة مع مناضلي حزبه ومع منتخبيه في المؤسسات كلما دعت الضرورة إلى ذلك، وأن يحاورهم في كل ما يهم الحزب وتصوراته ومشاريعه ومواقفه اتجاه القضايا المطروحة، تبعا لما يمنحه دستور الوطن للأحزاب والنقابات وجمعيات المجتمع المدني في هذا السياق، لكن تحويل هذا التواصل الداخلي إلى مناسبة لقرع طبول الحرب ضد خصومه ومعارضيه وخرجاته الإعلامية المستفزة، فهذا يتعارض وما يجب أن يكون عليه كرئيس حكومة منتخب في نظام ديمقراطي، يفرض عليه وجوبا احترام وتحصين أبسط شروطه التي تحول بينه وبين الانفراد بالسلطة والقرار، وتجاهل المطالب وانتظارات المواطنين من البرنامج الانتخابي الذي فاز به في انتخابات 2011، التي وافق المغاربة بعدها على دستور فاتح يوليوز 2011، الذي تشتغل به في حكومة التناوب التي تقودونها، فهل من تصحيح للوعي بالحقائق التاريخية يا رئيس حكومتنا المحترم بقوة ما جاء في هذا الدستور وبالشرعية الانتخابية الديمقراطية التي تتباهى بها على المعارضة وكافة من يختلفون معك ..؟

إننا في المستقلة بريس، لا نوافقك على خرجاتك الإعلامية ضد الرأي الآخر، سواء كان من المعارضة البرلمانية أو من خارجها، وننصحك بفضيلة العفة والتواضع والإنصات والتكريس الفعلي لما جاء في دستور الوطن .. ولتعلم أن تصويت المغاربة مرة أخرى كان عقابيا على الأحزاب التي فشلت في الانتخابات الجماعية والجهوية والانتخابات التشريعية ل. 25 نونبر 2011، وأن دوام الحال من المحال، وطبيعة التجربة الديمقراطية في مضمونها متمردة على من يريد أن يحولها إلى الاستبداد المطلق.

أنت أحسن من ينتصر للقول الحق من موقعك الدستوري بأن لا أحد له الفضل في الديمقراطية التي ينعم بها المغرب، والتي صنعها العقد الاجتماعي الذي يربط الشعب بالملك، والذي أنجز دستورا صاغته القوى الحية، ووافق عليه الشعب في استفتاء 01 يوليوز 2011، وانتهى بوصولك إلى رئاسة الحكومة في إطار نظام التناوب الذي أقرته المنهجية الديمقراطية للتداول السلمي على السلطة، والذي بفضله أصبح نظام الحكم في الوطن نظاما ديمقراطيا بشهادة الأشقاء والأصدقاء، والذي صنف بواسطته من قبل دول الجوار الأوربي ضمن الدول المتقدمة ديمقراطيا .. لذلك، لا تبالغ يا رئيس حكومتنا في المزايدة على ما تحقق في العهد الجديد الذي يقوده جلالة الملك محمد السادس في أفق استكمال دولة الحق والقانون والمؤسسات، وخصوصا نجاحكم في الاستحقاقات الانتخابية يشكل شهادة براءة وتفوق للنظام السائد في نهاية المطاف.

لا تغتر يا رئيس الحكومة بغزواتك الانتخابية، فالدوام للـه وحده .. إلا إذا كانت ذاكرتك ضعيفة، ويبدو أن خرجاتك يا رئيس حكومتنا هي مصدر متاعبك وتزايد معارضيك وخصومك، فهل لنا أن نجد أنفسنا مع خرجات إعلامية مغايرة في مواضيعها ومنهجية التواصل التي أصبح الرأي العام لا يشعر بالارتياح لها لإخلاصك والتزامك بالخروج عن المألوف في المواقف التي تصل إليها، واعتقادك بصواب رأيك وقرارتك ..؟ ولا نرى في المستقلة بريس إلا ضرورة تغيير طبيعة التواصل مع من يختلفون معك إن كنت حقا تؤمن بالطابع الديمقراطي للتداول والحق في الاختلاف مع محاوريك.

إن تلويحك بامتلاك القدرة على المواجهة وتحدي الآخرين وكل الخصوم من العفاريت والتماسيح الافتراضيين يعكس في الواقع درجات متقدمة في الإصابة بمرض جنون العظمة الذي حولك إلى إدعاء امتلاك القدرة الغير الطبيعية في هزم خصومك وانتزاع الاعتراف بالفشل في مواجهتك التي تحتاج فيها باستمرار إلى ما يعززها ويقوي مناعتها اتجاه خصومك، وأن الديمقراطية بدون ممارسة فعلية لضوابطها وأخلاقياتها تؤدي إلى فشل من يسعى إلى الانقلاب عنها، ولتنظر بحرية إلى مستوى ما قمت به في تنفيذ برنامجك الانتخابي، ما يحبل به الواقع من احتجاجات وإضرابات في جميع المجالات لتتأكد بنفسك لما ينقصك في تدبير المرحلة والاستجابة لانتظارات المغاربة، ويمكن عندها أن تقارن ذلك مع ما تعبر عنه في خرجاتك الإعلامية وردود فعلك اتجاه خصومك.

إن اختبارنا في التعاطي مع تجربتك، وبهذه المنهجية لا يقلل من شأنك المصان دستوريا، لكن إيماننا بجوهر الممارسة الديمقراطية الحقة التي نتطلع جميعا إلى تكريسها في واقعنا المغربي تفرض علينا مصارحتك ونقدك الموضوعي المستقل بنفس القوة التي تمارسها ضد من يعارضونك، كما أننا نتحاشى ما يفسد الحوار الديمقراطي الوطني المسؤول، ولن نتأخر في الاستمرار فيه مهما كان ثمن ذلك لإيماننا الشديد بما تتطلبه الممارسة الديمقراطية في نظامنا السياسي الديمقراطي الذي طوى نهائيا كل من يتهمه بالنظام المخزني والدولة العميقة والعودة إلى السلطوية في عهد جلالة الملك محمد السادس حفظه اللـه، الذي اختار أن يعيش المغاربة في المجتمع الديمقراطي الحداثي نهائيا كما تعرفون ذلك السيد رئيس الحكومة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق