نافذة على الثقافة و الفن

هل يكفي المال لصناعة المواهب ..؟

HOUM

يراودني هذا السؤال كلما شاهدت أو سمعت أحدا من أولئك الذين يفرضون على أبصارنا و مسامعنا بقوة المال أو السلطة، و هم بلا موهبة، بل بلا الحد الأدنى من الموهبة اللازمة و الضرورية لأي عمل فني أو ثقافي أو صحفي.

يمكن للسلطة، أي سلطة كانت سياسية أو مالية أو إعلامية أو سواها، أن تفرض من تشاء ساعة ما تشاء .. لكن هل ينعي ذلك إن هذا أو ذاك من المفروضين فرضا بقوة أمر الواقع قادر على النفاذ إلى أعماق الوعي والوجدان ..؟

الجواب، نجد بعضا منه في برامج الهواة المتكاثرة في شاشاتنا كالأرانب في مزارع الجزر، حيث يتم سنويا تفقيس عشرات المغنيات و المغنين، لكن في نهاية المطاف، كم واحدا من هؤلاء يمتلك المقدرة على الاستمرار و التغلغل إلى الأفئدة ..؟
الموهبة ليست فقط إمكانات مادية، إنها تحتاج ولا شك إلى الإمكانات التي تدعمها و ترعاها و تفتح لها الدروب الوعرة، لكنها أولا كاريزما ربانية و حضور معرفة و إدراك، و كلها أمور تصقل بالتجربة و المراس . و ما ينفع الناس يمكث في الأرض، أما الزبد فيذهب جفاء.
مرة أخرى، إنها مسؤولية أصحاب المال .. فالمال بذاته ليس الضرورة، الضرورة في كيفية إنفاق هذا المال، أو كيفية استثماره بحسب لغة “البزنس” فهل يكتفي أصحابه باستثماره في (لالة و مالي و تقرقيب السطالي) و الميوعة والابتذال، و في النشاز الذي ينتحل صفة فن ..؟ إنها مسؤولية أخلاقية قبل أن تكون اجتماعية ووطنية، لأن على أصحاب المال واجبا يفوق بأضعاف مضاعفة الآخرين، لماذا ..؟ لأنه قادر بواسطة ماله على القيام بما لا يستطيع الآخرين القيام به .. و هل من داع للتذكير بالدور الرائد الذي لعبته البرجوازية الأوربية في صناعة عصر النهضة و الأنوار من خلال دعمها و تبنيها لكبار المبدعين في الفكر و الفلسفة و الموسيقى و النحت و الرسم و العمارة … الخ..؟

يستطيع رأس المال العربي إذا أراد، أن يسهم في خلق حالة نهوض باتت ملحة و مطلوبة أكثر من أي وقت مضى، مثلما يستطيع أن يسهم، كما يفعل البعض، في حالة الانحلال التي تزداد شيوعا و انتشارا .. فهل يختار أن يكون رأسمالا متنورا أو رأسمالا فاسدا و متخلفا ..؟

الجواب نجده على أرض الواقع، و بحسب طبيعة الاستثمار الذي يبادر إليه أصحاب المال، طبعا المسألة تستلزم شرحا يطول، لكنني أكتفي الآن بهذا القدر لأقول إنه مهما فرض علينا أصحاب السلطات التي ذكرناها آنفا من
مواهب أشباه مواهب، فإن الزمان غربال، والفطرة السليمة لدى الناس قادرة على التمييز بين الصالح الطالح، ومهما طال عصر الانحطاط فإن نهايته حتمية ..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق