أخبارجماعات و جهات

أي تدبير لمجالس المدن في النظام الجماعي المغربي ..؟ (1)

 

AF 3

من المؤكد أن تجربتنا الوطنية الجماعية قد ارتقت واغتنت بعد أن انتقلت من نظام الجماعة القروية والحضرية إلى نظام الجماعات القروية والحضارية والمجموعة الحضرية، ثم أخيرا إلى نظام الجماعات القروية والحضرية والمقاطعات ومجالس المدن التي جعلت تجربتنا الديمقراطية المحلية تساير أرقى التجارب العالمية، سواء في المنظومة القانونية والإدارية أو في الاختصاصات الممنوحة لعمداء المدن، حيث لم يعد نموذجنا يختلف كثيرا عن مجالس المدن في دول الاتحاد الأوربي مثلا.

وعليه، فهل نموذجنا المغربي يترجم ما عليه نظيره في التجارب التي تأثرنا بها ..؟ وهل عمدتنا يمارس اختصاصاته بنفس القوة والاستقلالية التي توجد لدى العمدة في الدول التي سبقتنا إلى ذلك ..؟ وهل المجالس لدينا تمتلك الوعي بمسؤوليتها في تدبير الشأن المحلي كما يتطلع إليه جميع المغاربة ..؟ وهل تمت الاستفادة من تراكم التجارب في أفق الارتقاء بالديمقراطية المحلية، وتمكين النخب المحلية من المشاركة في التسيير الجماعي ..؟.

إن الأجوبة عن هذه الأسئلة ستكون بالإيجاب حتى وإن كانت القوى المجتمعية المعنية بممارسة المسؤولية في مجالس المدن لم تترجم المطلوب منها لرفع مستوى الخدمات التي تقدمها هذه المجالس، حيث نسجل أنه بعد تطوير نظام المجموعة الحضرية إلى مجلس المدينة لم يتمكن العمدة من ممارسة كل اختصاصاته رغم إمارته بالصرف، حيث لا يزال هناك تضاربا بين مسؤوليته واختصاصات الإدارات الجماعية الترابية، مما أصبح يقتضي حضور المسؤولين الجماعيين وتقليص اختصاصات ممثلي الجماعات الإدارية الترابية المكلفة بالمراقبة وصيانة الأمن والسير الطبيعي لمؤسسات القطاع العام والخاص، ولهذا فالتطور في اختصاصات مجالس المدن مرهون بما تقترحه الأحزاب والنقابات في هذا الإطار، سواء على مستوى أداء المكاتب المسيرة للمدن واللجن الجماعية الدائمة، والمكاتب الجماعية المسيرة للمقاطعات الجماعية الخاضعة لها.

لم يعد ممكنا استمرار التغرات في القوانين المنظمة لأداء مجالس المدن واستمرار عجز مجالسها ولجنها ومقاطعاتها في تدبير الشأن المحلي، والارتقاء بالمدن التي تسيرها .. خصوصا، بعد أن أصبحت الكثير من خدماتها تنفذ بواسطة شركات التدبير المفوض، وأصبح بإمكان المجالس واللجن الجماعية أن ترتقي بوظائفها الجماعية في التشريع والتخطيط والإدارة الجماعية، وبعد أن أصبحت لها وكالات للتنمية بمستوى شركات يمكن أن تقترح وتنفذ برامج التنمية دون أن تخضع في عملها للعراقيل الإدارية والبيروقراطية التي كانت المجالس القروية والجماعات الحضرية تخضع لها حتى عهد قريب.

إن العمدة اليوم يمتلك في الدول الديمقراطية كل ما يساعده على أداء واجباته الإدارية والتنموية المحلية، ويتوفر على الاختصاصات والوسائل التي تسمح له بالتدخل الفاعل في جميع القطاعات العمرانية والاقتصادية والإدارية والاجتماعية والثقافية، وهذا مرتبط بمدى اتساع مساحة الديمقراطية المحلية وتقليص تدخل الإدارة الترابية، بناء على وجود الإرادة والقناعة في تكريس الديمقراطية السياسية والاجتماعية التداولية كرافعة للبناء الديمقراطي الوطني الذي تجسد المجالس الجهوية والمؤسسات البرلمانية والحكومية وباقي المجالس الاستشارية القطاعية والشمولية.

سنكتفي في هذه المقاربة بهذه الملاحظات التي ستعمق النقاش حولها في المستقبل في أفق المساهمة في تنوير الرأي العام الوطني حول هذا الموضوع الذي لا يزال النقاش المجتمعي حوله محتشما من قبل النخب والأطراف المعنية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق