أخبارمنبر حر

“خرافة” نهاية أسطورة صحيح البخاري – تــابع

د. الصديق بزاوي

D.LABZAOUIالدولة الإسلامية دولة لاهوتية

يلعب الإسلاميون لعبة مضحكة يعلنون أنهم لا يريدون دولة دينية، ولكن دولة مدنية، ويدللون على ذلك بأن قادتهم ممن يرتدون أزياء مدنية ويتخصصون في العلوم والمهن الد نيوية، والدولة الدينية ليست هي الدولة التي يحكمها رجال دين يلبسون العمائم .. ولكن، الدولة التي تتخذ لها مرجعية دينية، سواء كان الذي يحكم شيخا أو طبيبا أو مهندسا .. (قدر العلمانية في العالم العربي منشورات الأحداث ص.27) أن جماعة الإسلام السياسي — تنتمي إلى نسق فكري واحد، وذلك حتى وإن اختلفت بعضها عن بعض في بعض الشعارات والأفكار وأساليب العمل – إنهم يجمعون على هدف واحد هو الاستيلاء على السلطة والحكم وتقويض أسس ودعائم الدولة المدنية— وبناء دولة دينية –

الديمقراطية لا يمكن لها أن تتحقق في ظل الأنظمة التيوقراطية التي تجعل من الدين قاعدتها تستمد منها شرعيتها، فالدولة الدينية تجعل الحاكم يحكم نيابة عن الله — هذا التلبيس ساد على مر التاريخ الإسلامي، حيث نصب الحكام أنفسهم نواب الله وحاكمين بأمره – وحملوا ألقابا ترفعهم إلى مراتب النبوة – المعتصم بالله – المنتصر بالله – الناصر لدين الله – و….

يبدو أن هذا النوع من الحوار لا يقوم بمعالجة القضايا بنوع من الرزانة والتحليل العلمي الموضوعي والذي يمكن أن يؤدي إلى تقارب الرؤيا، وذلك لكون العلماني المسلم ينظر إلى الإسلام السياسي نظرة المسيحيين إلى الديانة المسيحية، كما تم تفعيلها المشوه من طرف الكنيسة – ومع ذلك، فالكلمة الحسنة تحتم علينا تقبل جميع الأفكار بصدر رحب ورزانة .. نعم، لابد من التأكيد على أن المقصود بالدولة الإسلامية هو الدولة التي تتخذ لها مرجعية دينية (إسلامية)، وإن هذه الدولة ليست دولة (دينية) بالمفهوم المتعارف عليه في الفكر الأوروبي والذي انتقل بشكله الجاهز إلى ثقافة المسلمين المصطنعة وإنما هي دولة (مدنية) أما الدولة الدينية التي يمكن الحديث عنها في الفكر الإسلامي الأصيل فهي الدولة التي عاشت مع الرسول (ص) وانتهت بوفاته .. وذلك، لأن أفعاله (ص) كانت محكومة بتوجيه و وحي من الله عز وجل، وحتى هذه الدولة لم تكن دينية بالمفهوم الكهنوتي إلا في جانبها العقدي التعبدي والتشريعي – أما جانبها التنفيذي فقد امتزج فيه الوحي والإلهام الإلهي مع التجربة والعقل البشري .

أما دولة المسلمين في عهد الخلفاء الراشدين أو بعدهم فتعتبر دولة (مدنية) بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، لأنها تشكل فقط اجتهادا بشريا على هدي الشريعة الإسلامية، والمجتهد كما هو معروف، قد يصيب وقد يخطئ، وأن لا أحد معصوم عن الخطأ باستثناء الأنبياء على الأقل بالنسبة لمذهب الجماعة والسنة، وأن مؤسسات هذه الدولة وسياستها أبدعها و وضعها بشر ساهم بشكل أو بآخر في اختيار الخلفاء، وفي اتخاذ القرارات، وأن الأمة تشكل مصدر السلطات وتشرع لدنياها وفق شرع الله سبحانه وتعالى، ولا أحد من الباحثين النزيهين يستسيغ القول بأن حكام المسلمين نصبوا يوما ما أنفسهم نوابا لله وارتفعوا إلى مراتب النبوة، و الشيء الذي لايمكن حصوله – بل حتى تصوره – في الدولة الدينية التيوقراطية . ولا أدل على ذلك من قولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه المشهورة: “وليت عليكم ولست بخيركم .. فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق