جماعات و جهات

تكريس نزاهة الانتخابات مرهون بالحسم مع أصحاب الضيعات الانتخابية المحصنة (2)

article_pgr35

حتى لا نتهم بسوء النية واختزال الموقف من العملية الانتخابية الجماعية والجهوية بالاتهام المسبق لأصحاب الضيعات الانتخابية المحصنة، لا يسعنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، إلا التأكيد على أن نزاهة العملية الانتخابية لن تتحقق في ظل حرية تحرك وتصرف هؤلاء الفاسدين الكبار الذين حولوا دوائرهم الانتخابية إلى مناطق مغلقة في وجه من يمكن أن ينافسهم في أي انتخاب جماعي أو برلماني .. وبالتالي، إن نتائج العملية الانتخابية محسوم فيها قبل إجرائها إن لم يتم التدخل القانوني والإداري والسياسي الذي يمكن أن يؤمن التنافس الديمقراطي في هذه الدوائر في كل مراحل العملية الانتخابية، وبدون ذلك سيكون إجراء الانتخاب على هذه الدوائر مجرد عملية شكلية لتطبيق القانون ما دامت النتيجة معروفة مسبقا.

إذن لا مفر لكل الجهات المعنية بتحقيق نزاهة العمليات الانتخابية وضع مصالح الوطن فوق كل الحسابات والرهانات، حتى يحافظ المغرب على الوضع المتقدم ديمقراطيا، الذي صنفه فيه الاتحاد الأوربي، إلى جانب الأردن في جنوب وشرق البحر الأبيض المتوسط .. فهل ستلتزم الأحزاب على اختلاف مواقعها ومرجعياتها بضرورة الحسم مع هذه العينة من المرشحين الذين يعتقدون أن الدوائر التي نجحوا فيها من قبل، وأصبحت ضيعات خاصة بهم لا ينافسهم عليها أحد ..؟ وهل ستتم عمليات استباقية في هذا الإطار لتحرير الناخبين في هذه الضيعات، وضمان حريتهم في التصويت في الانتخابات القادمة ..؟ وهل سيكون هناك ميثاق للشرف بين الأحزاب والنقابات المشاركة لاحتواء هذا الفيروس الجرثومي المهدد لمصداقية نتائج الانتخابات المقبلة ..؟ وهل سيشارك المجتمع المدني بفعالية في الحرب ضد هؤلاء المالكين لهذه الضيعات الانتخابية ..؟

لسنا في الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، مع أصحاب هذه الضيعات الانتخابية، أو مجندين مع أي حزب في الانتخابات المقبلة، وسنحرص على حيادنا الذي يفرضه توجهنا النقابي المستقل، الذي يخدم الطموح المجتمعي في إجراء انتخابات نزيهة، تفرز نخبا جديدة قادرة على ممارسة الشأن الجماعي والجهوي، وتتوفر على برامج انتخابية حزبية قابلة للتطبيق، بدل البرامج الانتخابية المعتادة المروجة للأحلام الوردية، والمشاريع الخيالية التي توظف لسرقة أصوات الناخبين البسطاء والمترددين والباحثين عن التعويض عن أصواتهم من قبل تجار الانتخابات، والباحثين عن الشرعية الانتخابية لتأمين مصالحهم ونفوذهم الطبقي على حساب الناخبين الذين لا يزال أغلبهم يجهل قواعد اللعبة الانتخابية، ولا يعرف نتيجة الأمية الثقافية والسياسية كيف يميز بين البرامج الحزبية المتنافسة.

إن ما يمتلكه هؤلاء المالكون لدوائرهم الانتخابية، هو أنهم يمسكون بمفاتيح النجاح فيها عبر الأنشطة التي يقومون بها المخالفة للقانون، بمساعدة من يعملون لحسابهم في هذه الدوائر، ليس للتعريف بالبرامج الانتخابية أثناء فترة الحملة الانتخابية، ولكن للتعريف بمرشحي هذه الدوائر ومزاياهم والخدمات التي يمكن أن يضمنوها للناخبين، وخصوصا الفقراء، والذين يعانون من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية، والذين يحتاجون إلى المساعدات المختلفة، وكذلك الذين يعانون من ارتفاع نسبة أميتهم الثقافية والسياسية، ولأجل ذلك، لا يمكن ضمان نفس الحظوظ لمن سترشحهم في هذه الدوائر ضد هؤلاء المالكين لها، مما يفرض استعجال إجراءات وتدابير قانونية وإدارية لتغيير هذا الواقع الذي أصبحت عليه هذه الدوائر الانتخابية المحصنة لفائدة هذا النموذج من الناخبين، إذا كانت هناك إرادة في أن تكون الانتخابات الجماعية والجهوية في مستوى ما جاء به دستور فاتح يوليوز 2011.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق