أخبارملفات و قضايا

هل يساعد تحرير الأسعار على حماية القوة الشرائية لعموم المواطنين ..؟

 

 

DEUX

 

إن إقرار الحكومة للتحرير الفعلي للأسعار، سيكون في حالة غياب المراقبة على تكريس التنافسية التي لا تحترم فيها الجودة، وستمكن لوبيات السوق السوداء على ضبط الأسعار حسب مصالحها، وليس مصالح المستهلكين، حيث لا أحد يمكنه التحكم في قانون الطلب والعرض بما يسمح لهؤلاء بالتلاعب بالأسعار الغير خاضعة للتحديد، خاصة في مجالي نصف الجملة والتقسيط، وقد بدأت ملامح الحرب بين تجار السوق تظهر في كل المواد الأكثر استهلاكا من قبل المواطنين، وقد تمس أسعار بعض المواد التي كانت أسعارها مستقرة، كالسكر وقنينة الغاز واللحوم الاستهلاكية، حيث من المنتظر اللجوء إلى خلخلة استقرارها وإرغام المستهلكين على القبول بالزيادة في أسعارها تحت ذرائع في غالب الأحيان لن تكون صادقة وصحيحة ومبررة بالنسبة لقوتهم الشرائية المستمرة في انخفاضها وتراجعها، في غياب تطبيق السلم المتحرك للأجور والأسعار، الذي يتلاءم مع قانون المقايسة المعمول به في الدول التي أقرت وترجمت الديمقراطية الاجتماعية، إلى جانب الديمقراطية السياسية، والتي سمحت لشعوبها بالحماية من البطالة والفقر والمرض التي تضمنها الدولة، إلى جانب بقية الخدمات التعليمية والثقافية والاجتماعية ذات الصلة، بما فيها تداعيات غلاء الأسعار.

من المفروض في الحكومة أن تستحضر الواقع الاجتماعي المغربي الذي تتحدث عنه تقارير المنظمات الدولية والوطنية الذي لا يتلاءم والرهانات على تحرير الأسعار التي يقوم عليها اقتصاد السوق، والتي لا تملك القاعدة العريضة المسحوقة أبسط وسائل الحماية من تداعياتها السلبية الملموسة، اللهم إن كانت الحكومة تختزل المجتمع في 10 % من السكان، الذين يصنفون كطبقة ميسورة فقط، أو تعتبر الحكومة أن المغاربة قادرون على تحمل كل ما يمكن أن يحدث في الاقتصاد الحر الذي لا أحد فيه يمكنه ضبط الأسعار المحررة في جميع المواد والخدمات، والذي لا تتدخل فيه الدولة لحماية الفئات الاجتماعية التي تواجه ضعف قوتها الشرائية، أو تلك التي لا تمتلك أي ضمانة من الهشاشة والفقر.

يظهر من الواقع الملموس أن الحكومة أذعنت لفتوى تحرير الأسعار التي فرضتها المؤسسات المالية الدولية، التي تؤمن القروض التي تحصل عليها لتأمين توازن ميزانياتها السنوية، ومن المؤكد أن زيادة الاحتقان الاجتماعي التي تطال اليوم جميع القطاعات توضح خطورة هذا النهج الحكومي اتجاه تحرير الأسعار بدون توفير وسائل الحماية من آثارها على صغار الموظفين والعمال والفئات التي تعيش الفقر والإقصاء والهشاشة، كما أن تجاهل ضرورة عوامل نجاح هذا القانون في الزيادة في الأجور التي تنعكس على القوة الشرائية، وخلق فرص الشغل والزيادة في التعويضات الاجتماعية التي بدونها لن تكون هناك إمكانية لتحقيق الرفاهية الاقتصادية التي يقوم عليها الاقتصاد الحر، ناهيك عن ضرورة مساهمة القطاع الخاص في هذا النهج لتأمين قدرة المأجورين على مواجهة تكاليف العيش في الاقتصاد الحر وللحد من مخاطر تحرير الأسعار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق