أخبارنافذة على الثقافة و الفن

قصة قصيرة / المغرّد خلف القضبان ..!

QADBAN

بقلم / إبراهيم أمين مؤمن

يتسم حمزة بحسن الخلق وذكاء حاد وبُعد النظر مع قوة الجسد ورباطة الجأش، علاوة على ذاكرة ثاقبة وتحليل للأحداث منقطع النظير، فهو أشبه بالإنسان الآلي المبرمج الذي لا يُخطئ أبداً .

حمزة يستعد للعملية الجديدة بعد نجاح عمليتيه السابقتين، والتي استطاع من خلالهما إحراز أكثر من مليون دولار أمريكى، فخرج من منزله قاصداً مراقبة المعلم جرموزا الذراع الأيمن للمعلم أبو عسلة أكبر تاجر مخدرات في منطقة الشرق الأوسط كله.

جلس حمزة ليلا على أحد المقاهي الفاخرة القريبة من فيلا جرموزا يفكر كيف يصل إليه ويصاحبه ليُنفذ خطته.

وفى الساعة الثالثة بعد منتصف الليل عاد جرموزا من ملهاه وكان يترنّح ويتمايل يميناً وشمالًا، هجم عليه رجلٌ تبدو عليه علامات الإدمان الشديد والرعشة فى جسده بسبب عدم وجود جرعة الهيروين .. هجم عليه من الخلف ليقتله، فيشفى غليله انتقاما منه .. لكن، حمزة كان أسبق إليه من وصول السكّين لظهر جرموزا، فأخذها من يده ثم أوما للرجل أن يهرب .

وقال جرموزا الحمد لله ثم أدار وجهه إلى حمزة وقال له “أنت راجل مجْدع”
فأحبه وأخذه إلى بيته.

وما تمر الأيام إلا ويزداد جرموزا حباً بحمزة ويتودد إليه، وهذا ما أراده حمزة.

عكف حمزة في دراسة تطبيقي التجسس والاختراق ss7 protocol , zealspy لكي يستطيع مراقبة هاتف جرموزا.

علم حمزة من خلال تجسسه على هاتفه كل صفاته وعاداته ولاسيما حجم معاملاته في تجارة المخدرات، بل عرف حجم السموم التي دخلت البلدان العربية ولاسيما منطقة الشرق الأوسط .

ومن خلال أحد الاتصالات الواردة من أبو عسلة عرف أن معلمه أبو عسلة سيعقد صفقة مع الأمريكي ستيفن تقدر بخمسة ملايين دولار بعد حوالي ثلاثة شهور.

فبدأ يفكر ويضع الملابسات الأولى لقتل جرموزا وتسلُّم مال الصفقة من معلمه أبو عسلة بدلًا منه.

ذهب أولا إلى صديقه خبير التجميل الدكتور فادى ليخبره بالتأهب للعملية القادمة وهى زرع وجه جرموزا على وحهه.

وكان حمزة يقوم بعمل حميّة غذائية استباقية ليصل إلى وزن جرموزا حتى إنّ جرموزا سأله لِمَ تفعل ذلك ..؟ فقال له لأكون مثلك يا صديقي، فكذَبَهُ حمزة وهو صدوق .

ومن خطواته الاستباقية أيضًا دراسة عاداته وانفعالاته وتقليد حركاته ولهجته ومشْيته وتغيير نبرة صوته بترقيق أحباله الصوتية عند خبير أصوات، فقد كان جرموزا رقيق الصوت أيضاً، وقد كان جرموزا يظن أنّ حمزة يحبه جداً بسبب ذلك فأزداد قُربا منه أكثر وأكثر .

و وضع حمزة اللمسة الأخيرة لقتل جراموزا .

وحانتْ لحظة الصفر، وكانتْ في بيته فاجتثّ رأسه وفصلها عن جسده و وضعها في شوال ثم وضعه في شنطة السيارة قاصداً صديقه الدكتور فادى خبير التجميل.

قام فادى بخلع وجه حمزة وزرع له وجه جرموزا، و وضع وجه حمزة بعد تبريده إلى 130 درجة مئوية تحت الصفر في سائل نيتروجينى درجة حراراته 196 مئوية تحت الصفر بعد حقنه بحقنة الهيبارين، وذلك لاستعادته مرة أُخرى.

أتصل أبو عسلة بجرموزا “المقتول” فرد عليه حمزة كأنه جرموزا وأخبره بأن يأتي إلى الفيلا .

فذهب إليه حمزة متقنًا دور جرموزا ببراعة وخاطبه بترتيبات الصفقة وأعطاه أبو عسلة خمسة ملايين دولار لإعطائها ستيفن وإحضار الهيروين.

أخذها حمزة وعاد وكان معه رجال أبو عسلة فاستأذنهم لدخول دورة المياه، وتظهر هنا عبقرية حمزة إذْ أنه بنى أربع دور مياه بالقرب من فيلا أبو عسلة في الاتجاهات الأربعة لتكون له ملاذاً ومهرباً، لأنه صممها كلها بوجود باب خلفي.

هرب بالمال، وهكذا اختفى أيضا جرموزا المزيف بلا عودة.

هرب به قاصداً صديقه الحميم وشريكه أيضاً في المشروع ليستردّ وجهه ,ذاك الوجه النبيل.

ذهب حمزة بالمال بعد ذلك إلى سبيله المعهود بعد كل عملية ناجحة قاصداً المرضى في المشاف ، ولاسيما المدمنين منهم لدفع نفقات علاجهم وإقامتهم، والوقوف بجانب الشرفاء المزجون بهم فى السجن ظلمًا، وكذلك دفع رشاوى كبيرة جداً لبعض اللواءات في الداخلية للقبض على المتاجرين في الأغذية الفاسدة، وكذلك المتاجرون في الأعضاء البشرية، وإيواء اللاجئين من سوريا وسائر بلاد العرب التي طالتها الحرب بسبب ثورات الربيع العربي الغير محسوبة.

ومرت السنون، وما زال حمزة يقطن بيته الآيل للسقوط، وما زال يُنفق من ال ستة مليون دولار التي لديه حتى جاء اليوم الأسود، إذ قبضتْ عليه أمن الدولة من بيته، وكان معد له ملف من قبل من أحد اللواءات المرتشين الذي طلب منه مالًا مبالغاً فيه فلمْ يعطْه حمزة، قبضوا عليه بتهمة محاولة قلب نظام الحكم، وتلقي أموالاً من جهات أجنبية لنشر الإرهاب، وذكر في الملف أنه كان يتواصل مع خلاياه الإرهابية من خلال المستشفيات والمساجد، بل وقيل في التقرير أنه بنى لهم أماكن إيواء.
قُبض عليه وأُودع في السجن حتى حانتْ لحظة المحاكمة ………..

 المحاكمة

قال القاضى : حمزة يا حمزة أنت متهم بتلقى أموالاً أجنبية لنشر الإرهاب وقلْب نظام الحكم، فما قولك ..؟
وأين هيئة الدفاع الخاصة بك ..؟

بعد صمت طويل وقف حمزة فى شموخ وقال: ” أيها القاضى أعترف بأني أُريد قلب نظام الحكم، أما الإرهاب فأنتم الذين صنعتموه”!

فقال له القاضى حاذرْ فى كلامك يا حمزة فالجلسة يتابعها الملايين في وطننا العربي عبر شاشات
التلفاز، بل وخارج الوطن العربي.

وهل يا سيادة القاضى لم تصلهم رائحتنا العفنة حتى أصبحنا موضع سخرية العالم ..؟ وهل وصلك رئيسهم الذي جاء ليبتزَّ أموالنا ..؟ هل وصلتك فتنتهم التي يلقونها بيننا ليفرّقونا ..؟ وهل وصلك أنت وأنا وهو وهى نفاياتهم الذرية، لحومنا أصبحتْ أرخص لحوم العالم ..؟!

فتلعثم القاضي ولجلج في حرف الألف وقال له حمزة أأأُدخل في الموضوع على طول

قال حمزة : “نعم أيها القاضي، أنا مجرم .. مجرم لأني أردتُ قلب نظام الحكم، أردتُ إصلاح ما
أفسدتم ومعاقبة ما أصلحتم .. شردتم شعوبكم وأنا آويتُ .. عريتموهم وأنا كسيتُ .. جوعتموهم وأنا أطعمت .. حبستموهم وأنا حررتُ

أردتُ قلب نظام الحكم في التخلص من تجار الأعضاء والجنس الأسود، أردتُ قلب نظام الحكم في التخلص من تجار المخدرات وأصحاب الجنس الأسود .

أيها القاضي لقد قلّدتم المنافقين والفسدة الأوسمةَ وأصبغتم النعوت الحسنة على أصحاب الطغيان والسلطان ..
وتكلم التافه وأُخرس المصلح .

قلتُ لكَ يا حمزة أُدخل في موضوعك بس .. قال القاضي
قال حمزة : هذا هو الموضوع ولا تنسْ بعد أن تعدمني أنْ تذهب إلى بيتي فهو آيل للسقوط فرممه، فالجهات الأجنبية لم يعد عندها مالاً

أيها القاضي يا ابن القاضي أبيك، واعلم أن شر الرشوة هي المحسوبية يا حفيد القاضي.
الحكم بعد المداولة .. قال القاضي
********
وإني أتساءل واسأل القارئ ألم يحن بعد، خروج حمزة آم سيظل حبيسا ..؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق