أحزاب و نقاباتأخبار

من أجل محاربة حقيقية لجرائم الفساد والارتشاء والاغتناء اللامشروع واستعادة الأصول والأموال المنهوبة

مراسلة – حسن لكحل

   تداول المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل،  موضوع الفساد في القطاعات الاجتماعية .. التعليم  الصحة  .. والمالية .. الضرائب وآثارها السلبية جدا على العملية التعلمية  والهدر المدرسي  وعلى  صحة المواطن المغربي  وحقه الإنساني في الصحة والحياة و في ولوج العلاج والدواء وعلى القدرة الشرائية للطبقة العاملة والمتوسطة وجماهير الفقراء، وذلك على   هامش الدورة التاسعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي  ستعقد بشرم الشيخ بمصر ما بين 13 و17 دجنبر 2021  بمشاركة 160 دولة لبحث سبل الحد من الفساد عبر العالم، ويعد المؤتمر أحد أهم المؤتمرات الدولية التي تجمع الدول الأعضاء والبرلمانيين والمنظمات الدولية والإقليمية وغير الحكومية والمجتمع المدني والقطاع الخاص، لبحث القضايا المتعلقة بمكافحة الفساد،  الذي يعقد  كل عامين  بعد أن اعتمدت الجمعية العامة، للأمم المتحدة اتفاقية لمكافحة الفساد في 31 اكتوبر 2003،  والتي دخلت حيز التنفيذ ديسمبر سنة 2005

يهدف المؤتمر إلى الحد بدرجة كبيرة من الفساد والرشوة بجميع أشكالهما وصورها، وتعزيز المؤسسات الوطنية ذات الصلة، بوسائل منها التعاون الدولي،  من أجل مواجهة أفضل لكافة أشكال الفساد، ومن أجل إذكاء الوعي المجتمعي عن مشكلة الفساد وآثارها السلبية  الاقتصادية والاجتماعية والصحية

يشكل المؤتمر  مناسبة مهمة لتأكيد رفض تلك الجريمة بكافة أشكالها وصورها وعلى كافة المستويات، والتي تمس كل المجتمعات والاقتصاديات، وسبل التعافي بنزاهة من جائحة كوفيد-19، والمضي قدمًا بعد الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي عقدت في يونيو الماضي في تعزيز وتقوية آليات ومؤسسات محاربة الفساد والارتشاء والاغتناء اللامشروع وجرائم الفساد المتنوعة

 سيتناول المؤتمر أيضا العديد من الموضوعات ذات الصلة، منها منع الفساد من خلال التعليم، ودور المرأة في تعزيز النزاهة، ومبادرة استعادة الأصول والأموال المنهوبة، وجهود مكافحة الفساد في أفريقيا والوطن العربي، لمكافحة الفساد وتعزيز النزاهة، والتحديات والفرص التي توفرها تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات و الرقمنة لمكافحة الفساد، والمبادرة العالمية لجعل المدن مقاومة للإفساد

سيقوم المؤتمر بمراجعة تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وهي الوثيقة القانونية العالمية الوحيدة الملزمة التي تمثل أداة لمكافحة الفساد

 من أهم المواضيع التي  سيناقشها  المؤتمر، سبل الوقاية والحد من الفساد، وتعزيز التعاون الدولي من أجل مواجهة أفضل لكافة أشكال الفساد، وسبل التعافي بنزاهة من جائحة كوفيد-19، و أهمية الشفافية وتدابير مكافحة الفساد في حالات الطوارئ، حيث أظهر وباء كورونا من ضمن ما أظهره أهمية مواجهة الفساد بقوة، وذلك في  الوقت الذي تحدث فيه ندرة في بعض المواد الغذائية والطبية  أو الإمدادات ما يتيح للفاسدين والمتاجرين بصحة الإنسان أن يتحركوا ليستفيدوا من أوجاع الإنسانية .. ومنهم  من يتحمل المسؤولية  في تدبير شؤون  بلدانهم  غير مبالين بأن لكل شخص الحق في تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص وكفاية الخدمات العامة وضمان مستقبل أمن ومستدام

    علما أن  الفساد يقوض حقوق الناس بانتشار الجريمة والاستغلال والإقصاء وتعريض الناس والبيئة  للخطر، إضافة إلى أزمة الوباء التي أودت بحياة ملايين الناس أغلبهم فقراء ومرضى مصابون بأمراض مزمنة .. ففي ظل جائحة كوفيد -19  اجتاحت ظاهرة الفساد وتغوله  في عدة دول  وساهم الفساد في تقويض الاستجابة العادلة لـجائحة كوفيد-19 والأزمات الأخرى، ومست بشكل أكبر الفئات الفقيرة والمعوزة، وارتفع معدل الوفيات في صفوفها، حيث أظهرت كل التقارير الدولية  استشراء الفساد في سائر مراحل الاستجابة لجائحة كوفيد-19،  من دفع الرشاوي مقابل التدخل العلاجي للحصول على الخدمات الصحية للمصابين، أوالحصول على أدوية أو مادة الأوكسجين أوغيرها، أو حتى اختبارات كوفيد-19، أو الإمدادات الطبية ومتطلبات  حالات الطوارئ، وارتفاع منسوب الفساد لدى تجار الأزمات، وارتفاع أسعار الخدمات الطبية و الأجهزة والمستلزمات  الطبية و أدوية، كما أن الفساد يعتبر أحد مسببات الفقر المدقع،  حيث أكدت منظمة الشفافية الدولية «أن الفساد يعيق جهود الخروج من دائرة الفقر من خلال تقويض النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة التي قد تحرر ملايين البشر من شراك الفقر»، وتطالب المنظمة بأن ينظر العالم إلى محاربة الفساد بصفتها هدفاً مركزياً في خطط زيادة مصادر تحقيق هذه الأهداف

في هذا السياق،  ورغم أن المغرب يعد من  بين الدول التي صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، و و ضعت إستراتيجية وطنية  لمكافحة الفساد والارتشاء تماشيا مع المقتضيات الدستورية و وعيا  منه  بالآثار السلبية لانتشار الفساد ببلدنا على الاقتصاد الوطني و وثيرة النمو، حيث يفقد ما يقارب  3 نقط من الدخل الوطني كل سنة  بسبب الفساد، واستجابة لمطالب الشعب بإسقاط الفساد،  وضعت بلادنا إستراتيجية وطنية لمكافحة الفساد التي تمتد من 2015 إلى 2025، وبرامج خاصة لمحاربة كل أشكال الفساد واقتصاد الريع، من خلال تقوية أدوار المؤسسات الدستورية والحكومية للرقابة، وتكريس استقلالها وتفعيل توصياتها، والعمل على تخليق الحياة العامة ونشر قيم النزاهة والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة

من خلال المصادقة البرلمانية على حزمة من التشريعات و القوانين  في  مجال منع ومكافحة الفساد، و منظومة تشريعية تضمنت تجريم الكثير من جرائم الفساد التي أوردتها اتفاقية الأمم  المتحدة بإحداث الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، بجانب مؤسسات دستورية رئيسية : المجلس الأعلى للحسابات و بمجلس المنافسة لمراقبة المال العام  ومراقبة الممارسات المنافية لها والممارسات التجارية غير المشروعة وعمليات التركيز الاقتصادي والاحتكار وعلى محاربة اقتصاد الريع عبر نشر لوائح المستفيدين من مأذونيات النقل ومقالع الرمال مع وقف منح الرخص، و اعتماد التعاقد وفق دفاتر تحملات وإحداث لجنة مشتركة بين الوزارات على مستوى وزارة العدل  تتكلف بدراسة وتفعيل توصيات المجلس الأعلى للحسابات، وذلك تفعيلا للمبدأ الدستوري القاضي بربط المسؤولية بالمحاسبة، و إحالة ملفات الفساد المتضمنة في تقارير المجلس الأعلى للحسابات والمفتشية العامة للمالية على القضاء للبث فيها

رغم كل هذه التشريعات والقوانين  والإجراءات التدبيرية  وشعار ربط  المسؤولية بالمحاسبة تظل  ظاهرة الفساد بجميع أشكاله أحد الإمراض المزمنة التي تعيق التنمية المستدامة  بالمغرب  وتقوض تحقيق العدالة وتكافؤ الفرص في  لوج الخدمات العمومية وضمان مستقبل آمن، وتحقيق العدالة الاجتماعية، حيث ظل المغرب يحتل مرتبة متقدمة في لائحة الدول التي ينتشر فيها الفساد كوباء ومرض مزمن،  واحتل بذلك المرتبة 80  في مؤشر الفساد في العالم، والمرتبة 41  في ترتيب الدول العربية، -حسب التقرير الصادر عن منظمة الشفافية العالمية  الذي ضم  180 دولة-

وبناء عليه، أكدت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة   ” إن النتائج التي حصل عليها المغرب في مؤشر إدراك  الفساد، ضمن مؤشر تصنيف الديمقراطية، وهو مؤشر دولي تبقى غير مُرضية”، حيث سجل المغرب تطورا سلبيا بالنسبة لجميع المؤشرات المتعلقة بالفساد في تصنيف الديمقراطية سنة 2020، في انتظار تقرير 2021، بقدر ما ارتفع منسوب جرائم الفساد والإثراء اللامشروع، ارتفعت معه معدلات الفقر والفقر المدقع، وظلت ملفات المؤسسة الدستورية للرقابة على المال العام في رفوف وزارة العدل، دون تحريك للمساطر القانونية، وصدق عليه القول كم حاجة قضيناها بتركها، بل نسيانها، كملفات ضخمة تتعلق بقطاعات  التعليم والصحة وتقدر بهدر  ملايير الدراهم واغتناء  أصحابها دون محاسبة، أو تطبيق من أين لك كل هذا ..؟ وظل  “التصريح بالممتلكات”  شعار للاستهلاك  الإعلامي، كملف ملايير المخطط الاستعجالي في قطاع التعليم ومشاريع مؤسسات تعليمية موجودة فقط على الورق، وملف اللقاحات مع شركة أمريكية في إطار عقد مفتوح، وسيارات الإسعاف، والمستشفى المتنقل الذي كلف 10 ملايير ولم يستعمل أثناء الجائحة وأصبح  من المتلاشيات بعد سنتين من اقتنائه، وشراء أجهزة طبية مستعملة بقطاع الصحة، و ما عرفته قطاعات السكنى والتعمير والجماعات الترابية والجهات، وقطاع المالية والضرائب، وقطاعات أخرى من  فساد هدر للمال العام يؤدي ثمنه ويتحمله المواطنون البسطاء والعمال والموظفون عبر الضرائب المباشرة وغير المباشرة  .. علاوة على ظاهرة الارتشاء في الاستحقاقات بما فيها انتخابات المأجورين لمجلس المستشارين، التي قدمنا فيها طعن لدى المحكمة الدستورية،  ضد تزوير الحقائق وانتحال الصفة و وضع متقاعدين على رأس لائحة مركزية نقابية ضدا على  القانون، واستعمال رموز داخل مؤسسة عمومية

فعلى هامش  هذا المؤتمر، نعتبر أن  محاربة الفساد والارتشاء والاغتناء والإثراء اللامشروع  يتطلب  تحديد السياسات الواجــب إتباعها لتحقيق الأهداف، ومعالجة الظواهر المسببة للفساد، وتحديد الإجراءات المطلوبة للمشاركة الفاعلة في مكافحــة الفســاد مـن كافة الجهات المعنية، وعلى رأسها المؤسسات للدستورية، خاصة المجلس الأعلى للحسابات والقضاء  والأجهزة الرقابية الأخرى والحكومة ومنظمات المجتمع المدني، والتنسيق فيما بينها هذه المؤسسات والأجهزة  لمكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضمانًا لحسن أداء الوظيفة العمومية والحفاظ على المال العام، و وضع آليات لتنفيذ الخطة الوطنية لمكافحة الفساد، وتعزيز مؤسسات  

الرقابة بأطر وكفاءات وبأدوات وآليات جديدة، بما فيها  التحول الرقمي و توظيف التكنولوجيا في الحد من الفساد ، وتحديث الإجراءات القضائية من أجل تحقيق العدالة الفورية، وتنزيل القوانين لمحاربة الإثراء غير المشروع،  من خلال  التصريح الإجباري بالممتلكات، كأساس لإثبات الإثراء غير المشروع، وأساسا  من خلال منع الفساد وإعادة الأصول المسروقة .. هذا فضلا عن مكافحة المخدرات والاتجار بالبشر والجريمة المنظمة ومكافحة غسيل الأموال، والعمل على نشر قيم النزاهة والشفافية والتوعية بمخاطر الفساد وسبل منعه، ونظم الحوكمة والمراجعة والتدقيق الداخلي وغيرها، وتوفير حاجيات المواطنين والمواطنات، دون شروط مجحفة و تدمير لقدراتهم الشرائية  

عن المكتب التنفيذي علي لطفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق