أخبارللمستقلة رأي

الدعاة و “التشيار” ضد خصومهم بكل الأسلحة التكفيرية

سمح أحد نشطاء التواصل الاجتماعي، الذين وجدوا ضالتهم الإيمانية في خرجة الداعية ياسين العمري ضد مسلسل “الشيخة”، بين وصف الداعية بالمستهدف والضحية، مما قيل عنه من قبل جماعة الباطل التي يحركها الشيطان، لإبعاد المؤمنين عن دينهم، دون أن يتمكن من توجيه الملاحظات النقدية للمسلسل، عوض اعتبار من يتابعونه من المطبعين مع المنكر، وبتجاهل ملحوظ للآية:” ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن”                        

إن إطلاق ياسين العمري العنان لنفسه في لوم المطبعين مع المنكر، لم يكن في الواقع سوى هروبا نحو إضفاء الوقار والتقية على نقده اللامشروع لمسلسل “لمكتوب” الذي أحسن كاتب السيناريو والمخرج في عرضه على الجمهور المغربي المتشوق لمعرفة الواقع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، الذي لا يعرف المسوقون للفكر الإسلاموي الانهزامي اللاعلمي لتكريس شرعيتهم بأي ثمن، وحبذا لو انخرط ياسين العمري في نقد مضمون المسلسل والأهداف الفنية والاجتماعية التي يسعى إيصالها لعقول المغاربة، الذين كشف بعضهم وبالتلقائية عن استحسانه لمسلسل “لمكتوب” الذي هزم دعـاة الدروشة والانغلاق الديني والروحي بامتياز             

لن نلتمس العذر والتخفيف لمن يناصرون هذا النموذج من دروس الوعـظ والتوجيه والتربية، الذين يشتغلون لحساب التيار الظلامي العدمي، الذي لم يكتشف بعد أنه خارج هذا الزمـن المعاصر، الذي يستهدف المشروعية الإيمانية الإسلامية المتسامحة والمنفتحة على الآخر، التي لا يفقهها هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم قضاة لمحاكم التفتيش الجديدة للترويج لاجتهاداتهم التي تنهل من فقه النوازل المتجاوزة                                          

إن مهزلة خرجة الشيخ ياسين العمري، تكشف عن الترهل في الوعـي الذي يحاول صاحبه عصرنته بالمفاهيم والمفردات الجديدة والمناهج الحديثة في الحوار والتعليم الديني، ومع توالي التقدم وارتفاع مستوى الوعـي في ظل الثورة التقنية المعاصرة، أصبح هؤلاء يبحثون عن كل ما يساعدهم على تكريس شرعيتهم الكهنيوتية في المجتمع العربي والإسلامي، حتى وإن كان بالوسائل التي لا علاقة لها بماضي وحاضر ومستقبل هذا المجتمع اللاعقلاني، الذي تكسرت فيه كل الأبواب المغلقة في وجهه                                 

إن النشاط الدعوي والتوجيه التربوي الديني لا مستقبل له في ظل رفض الآخـر، والتطرف  وحشر الذات في الموضوعات والقضايا التي لا يمكن أصحابه فيها الحـد الأدنى من الوعـي والمعرفة، كهذا الذي يقع اليوم في التعاطي مع الأعمال الفنية التي قدمت في التلفزة خلال شهر رمضان الأخير، بما فيها فيلم “الإخوان” الذي يعرض في السينما اليوم                                    

في هذا الإطار، ننصح المعنيين من الشيوخ والدعاة، الخروج إلى العلن وشرح مواقفهم الماضوية المتطرفة، التي لا تساعد على تحرير وجهات نظرهم والدعاية لتصوراتهم المغشوشة والملغومة والمخدومة، كالتي تم التعبير عنها ضد مسلسل “لمكتوب” الذي عرض على القناة الثانية في رمضان                                   

إن ما نريده، نحن في جريدة المستقلة بريس الإلكترونية، لسان حال النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، من دعاتنا المحترمين، هو القبول بالتحولات البنيوية التي أصبح عليها وجود الإنسان المعاصر، وإدراك عمق الفجوة والغربة التي يعيش فيها هذا الإنسان، الذي تجري عمليات تنشئته والتحكم في حركاته السوسيولوجية والسيكولوجية وتحقيق ملاءمتها مع أنماط و أوضاع الضغوط التي تمارس عليه في النظام العالمي الجديد                                       

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق